كم ينفق العرب على التجميل؟

قديماً قال الشاعر العربي الكبير أبوالطيب المتنبي في قصيدة شهيرة له عن مصر: «وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا»..هذا في القديم.. لكن ماذا لو عاد أبوالطيب إلى عالمنا العربي هذه الأيام. ربما تكون القصيدة عامة عن دولنا العربية وما فيها من مضحكات مبكيات.

أقول ذلك بمناسبة خبر تداولته وكالات الأنباء بالأمس عن حجم الانفاق العالمي على عمليات وجراحات التجميل، ومن هذا الإنفاق بالطبع ما ينفقه أهلنا من النساء والرجال وليس النساء فقط على التجمل والتجميل.

حسب إحدى الشركات العالمية المختصة بتحليلات سوق التجميل، الرقم الذي ينفقه الناس حول العالم يقدر بنحو 60 مليار دولار على المبيعات والعمليات التجميلية رغم الأزمات التي يمر بها العالم في الوقود والغذاء، لكن يبدو أن هذه العمليات علاوة على المنشطات الجنسية وربما بل تأكيداً حسب الشركة العالمية المتخصصة سوف يتضاعف 3 مرات بحلول عام 2030، أي بعد 7 سنوات فقط- إلى نحو 180 مليار دولار، خاصة مواد الحقن كالبوتكس، والفيلتر، والمواد الحشوية.

إذا كان أجمل الشعر أكذبه، فنساء ورجال العرب يتجملون حتى لا يكذبوا

وهنا يطل السؤال البديهي وهل للعرب نصيب من التجميل؟

للعرب في هذا المجال تحديد النصيب الأكبر، فإجمالي إنفاق المرأة العربية على مستحضرات التجميل يتجاوز 25 مليار دولار سنوياً حسب إحصاءات وأرقام سابقة.

المفارقة أن لبنان رغم أزماتها التي لا تنتهي وخاصة الازمة الأخيرة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية لا تزال تحتل الصدارة عربيا في عمليات التجميل حيث يجري فيها بين 120 و150 عملية تجميل شهريا، وتشكل عائداتها %15 من إجمالي الإنفاق السياحي السنوي في البلاد.

في المقابل، وحسب الجمعية العالمية لجراحة التجميل، احتلت السعودية صدارة الإقبال عربياً على عمليات التجميل في السنوات الأخيرة، بأكثر من 94 ألف عملية تجميل، وتعد المرأة السعودية الأكثر إنفاقاً على مستحضرات التجميل بين دول الخليج.

وأمام الاهتمام العربي المتصاعد بالتجميل بدأت الشركات العالمية تركز على مستحضرات «تجميل حلال» لا تحتوي على أي من مكونات الخنزير أو الكحول، وتسوق بضاعتها تحت هذا الشعار، وربما يصل الإنفاق السنوي حاليا على منتجات التجميل الحلال إلى أكثر من 54 مليار دولار.

من بين الدول العربية تأتي دول مجلس التعاون في المرتبة الأولى في ارتفاع تجارة أدوات ومستحضرات التجميل فيها، فالأرقام تقول إن حجم الإنفاق بلغ أكثر من 9.3 مليار دولار مع توقعات بالمزيد من النمو.

نحن في العالم العربي نتجمل كثيراً ونسعى دوماً للحفاظ على الشكل الخارجي، حتى لو كلفنا ذلك النسبة الأكبر من الدخل، أما أزمات الطاقة والغذاء فلها التظاهرات والشعارات.. فهل يوافقنا عمنا المتنبي في المضحكات المبكيات في عالمنا العربي، فإذا كان أجمل الشعر أكذبه، فنساء ورجال العرب يتجملون حتى لا يكذبوا.