الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

سوق الغاز.. تخبُّط وارتباك أوروبا

توَاصل الضغط الأمريكي على منظومة اتخاذ القرار الأوروبية واضح جداً، ضرب عصفورين بحجر.. إلحاق أكبر خسارة ممكنة بالاقتصاد الروسي والحصول على أكبر حصة ممكنة من السوق الأوروبية لمصلحة الغاز والنفط الأمريكيين!

الحكومات الغربية تعود لتشجيع شركاتها على العودة إلى زيادة الإنتاج من الوقود الأحفوري من النفط والغاز والفحم،وضربت بوعودها المتعلقة بالبيئة وانبعاثات الكربون عرض الحائط!

المشكلة تكمن في السعي لإلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر بروسيا دون الالتفات بنفس القدر إلى تأثير البدائل على معدلات التضخم وتدني القدرة الشرائية للمواطن الأوروبي ومدى استقرار البدائل الأخرى!

من أهم الدول التي تحاول أوروبا وأمريكا «مغازلتها» هي الجزائر ومصر.. خصوصاً أن الجزائر لديها ثلاثة أنابيب غاز تصل إلى القارة العجوز عبر تونس وعبر المغرب وثالث مباشر من الجزائر. الجزائر تستحوذ على 11% من استهلاك سوق الغاز الأوربي مقابل 40% من الاستهلاك الأوربي من الغاز الروسي.

خريطة الطاقة تتغير.. وكدول منتجة علينا رصد التغيرات الحالية والمحتملة

دول مثل الجزائر ومصر أمامها تحديان رئيسيان، الأول يتعلق بعدم الإضرار بالعلاقات التاريخية الاستراتيجية مع روسيا والثاني القدرة الإنتاجية واللوجستية على زيادة الإنتاج ونقل الغاز إلى أوروبا.

وصل الأمر بإيطاليا إلى استهداف دول أفريقية لا تعتبر رئيسية في سوق الغاز العالمي، مثل أنغولا والكونغو وموزنبيق بالإضافة إلى أذربيجان وقطر.. بعض صادرات الغاز ستكون غازاً مسالاً " LNG" وفي كل الأحول ستكون تكلفة الغاز من أي دولة أغلى من الغاز الروسي حيث إن 38% من احتياجات إيطاليا من الغاز تأتي من روسيا.

تطوير بنى تحتية لزيادة إنتاج الغاز وزيادة طاقة نقل أنابيب الغاز أو مد أنابيب جديدة في دول مستهدفة مثل الجزائر لإحلاله بديلاً عن الغاز الروسي يتطلب استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات وعلى مدى سنوات.

سترضخ أوروبا لدفع مستحقات الغاز بالروبل الروسي بعد التوصل لقرار يقضي أن الدفع بالروبل «ممكن» ولا يعد مخالفاً للقوانين الأوروبية!

بالمقابل، أعتقد أن روسيا ستحاول التركيز على ثلاث محاور: الأول، إثبات أنها مصدر طاقة يمكن الاعتماد عليه وستحاول تحييد موضوع الطاقة من اعتبارها كأداة للرد على السلوك الأوروبي العدائي، وثانياً الاتجاه إلى آسيا وفي مقدمتها الصين لزيادة صادراتها من الغاز عبر شبكة أنابيبها (خصوصاً عبر أنبوب قوة سيبيريا)، وثالثاً ستسعى إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي مع دول صديقة مثل الجزائر ومصر وخصوصاً في مجالات الطاقة والغذاء والسلاح.