الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التسويق.. والقواعد الجديدة

ولّت تلك الأيام التي تعتمد فيها المؤسسات على ثلاثية «الإعلانات، الإعلام، والمبيعات»، كجزء أساسي في استراتيجيتها لتسويق الخدمات والمنتجات لشرائح عريضة من المستهلكين، الذين لا يملكون الكثير من الخيارات أمام هذا الاكتساح التكتيكي الذي يغذي «الاستهلاكية» محولاً إياها إلى حاجة جماهيرية يشترك فيها الملايين ممن تغذيهم وسائل الإعلام المختلفة بأحلام على شكل قصص إعلانية الهدف الرئيسي منها هو البيع.

يتحدث خبراء عالم التسويق والتواصل الاجتماعي اليوم عن ضرورة دراسة حقيقية لآلام وآمال العملاء، بحيث يتم تخصيص تجربة مستهلك فريدة من نوعها، باستخدام أدوات مثل الذكاء الاصطناعي والخوارزميات، فما هي القواعد الجديدة للتسويق؟

من بين القواعد التي فرضت نفسها في هذا العالم هي «التسويق ليس إعلاناً»، ففي زمن تتحكم فيه توجهات تكنولوجية مختلفة، توفر خيارات غير محدودة بات من الصعب إقناع المستهلك، دون أن يسبق ذلك استراتيجية محكمة قائمة على صياغة أهداف واضحة، ومحتوى يشبع حاجة العميل إلى المعرفة، بالإضافة إلى تصميم استراتيجية تواصلية تتبع تفضيلات الجمهور وليس العكس.

يبحث المستهلكون عن منتجات أكثر أصالة وابتكاراً تشجعهم على المشاركة بآرائهم

ففي حين يبحث الأفراد عن أشياء أكثر أصالة وابتكاراً تشجعهم على المشاركة بآرائهم وتمنح أفكارهم أصواتاً مسموعة، لم يعد الاعتماد على الحملات الدعائية في الصحافة والمؤتمرات منطقياً.

قاعدة أخرى ترتبط بـ«الويب» كنقطة انطلاق أساسية في أي نشاط تسويقي من خلال صناعة المحتوى المتكاملة، والتي تجيب عن تساؤلات المشتري وتعزز ثقته بالمنتج أو الخدمة، كما أن الأدوات المختلفة التي يوفرها بدأت تعزز نشاطات العلاقات العامة بطريقة غير مسبوقة، دون أن نسقط من الحسبان تغير هذا المفهوم واندماجه مع مفاهيم التسويق بالمحتوى والشبكات الاجتماعية، فالهدف لم يعد أن تفوز المؤسسة بأفضل حملة تسويقية أو إعلامية، بل بأفضل مقدم خدمة للعملاء.

ورغم الثورة التي أحدثتها أدوات الويب الجديدة في المفاهيم والعقليات، فإن ذلك من شأنه أن يجعل المسوقين أكثر حذراً من ذي قبل، فالشبكات الاجتماعية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياة عملاء اليوم على اختلاف اهتماماتهم وفئاتهم العمرية ومناطقهم الجغرافية، فإن التعامل مع شعار «بضغطة زر» يجب أن يتم بتأنٍ وحكمة، فعلى سبيل المثال، هناك تلاعب بظهور المحتوى في صفحات المستخدمين يتم من خلال خوارزميات هذه المنصات، مما يؤثر في إمكانية رؤية المنشورات والإعلانات على هذه المنصات، كما أن الوعود التي تقطعها بعض شركات التسويق الرقمي قد لا تكون دقيقة بما يتناسب مع الميزانيات التي يرصدها المسوقون لهذه الحملات، بالإضافة إلى قضايا أخلاقيات التعبير والتواصل التي تستنزف سمعة المنصة ومن يستخدمها، وتأثير كل ذلك على الصورة الذهنية وسمعة المؤسسات، وبالتالي ولاء العملاء لها، ونجاحها الاقتصادي.