الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ما بعد كورونا.. الصدمة الأصعب

لا يزال العالم اليوم مشغولاً بأزمة فيروس كورونا، والإعداد لاستئناف الحياة الطبيعية كما كانت، فقد بدأت تظهر عدة مؤشرات للعودة إلى ما كانت علية الأمور قبل هذه الصدمة غير المسبوقة، فالجميع يُسارع الخُطى لمحاولة فتح القطاعات والنشاطات من جديد، وهذا منطقي ومُستحَق.

لكن ربما ما لم ينتبه له البعض، أنّ المرحلة المقبلة لما بعد كورونا قد تكون الأصعب، ونستدل على ذلك من حجم ومستوى الخسائر بسببها ونتائجها، خاصة في الجانب الاقتصادي، باعتبار أنّ النتائج تشير عادة إلى طبيعة ومستوى التأثير على ما سيعقبها، فتُعرف بعد الأزمة أو الكارثة أكثر من بدايتها أو خلالها.

فلو نظرنا إلى الأرقام والبيانات الرسمية، لأدركنا عمق الأزمة، فصندوق النقد الدولي قدّر حجم خسائر الاقتصاد العالمي المتوقعة بسبب كورونا بـ15 تريليون دولار، أي ما يعادل 2.8% من من قيمة الناتج العالمي، في حين أعلنت منظمة العمل الدولية أنّ قرابة 25 مليون وظيفة مُعرّضة للضياع، بينما بلغت خسائر الاقتصادات العربية 1.2 تريليون دولار وفقاً لتقرير صادر عن قطاع الشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية في 2020، وتوقع التقرير فقدان 7.1 مليون عامل لوظائفهم في ذلك العام وحده.


ولا أدلّ على ذلك من تصريح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، أنّ الخسائر المرتبطة بكورونا - التي وصفها بأنّها أكبر تحديات القرن الحادي والعشرين - ضعف ما سببته الأزمة المالية العالمية التي حدثت في 2008.


وهذا ما حدا بكثير من الحكومات لوضع ميزانيات عملاقة لمواجهة تداعيات الأزمة، فقد أعلن وزير الخزانة الأمريكي أثناء فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، أنّه يدعم خطة تحفيز اقتصادية بتريليون دولار، فهناك مثلاً 10 مطارات أمريكية تحتاج وحدها إلى قرابة 2.4 مليار دولار لإنقاذها من الآثار السلبية للفيروس.

كذلك فإنّ شكل التعاطي الاقتصادي والمالي والإداري واللوجيستي سيتغير بشكل كبير بعد الأزمة؛ وستظهر أنظمة جديدة ترث القديمة، وسنكون أمام مفاهيم وسمات جديدة للتعاملات البشرية على كافة المستويات؛ حيث سيخرج العالم الحالي بكل معطياته من الأزمة الحالية ليجد عالماً جديداً مُتشكلاً ومُختلفاً بآلياته وتفاصيله عن السابق، وهذا نوع آخر من التحديات.

أمّا بقية الخسائر على مستوى الأفراد والجماعات والأسواق والدول والأقاليم، فغير معروف كيف سيتم تعويضها، وعلى افتراض تلاشي القدرة على تعويضها؛ فإنّ حجم الصدمة آنذاك سيكون عميقاً إلى الدرجة التي يجب على الجميع أن يستعدوا لها.