الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإرهاب.. المقاربة القانونية

تفتخر فرنسا بأنها - خلافاً للولايات المتحدة - لم تكن لتعالج الإرهاب عبر إقامة «غوانتنامو فرنسي»، وأنها تتبنى طريقة لمعالجة الإرهاب والقتل الجماعي، الذي ضرب مجتمعها قبل 6 سنوات بالمحاكمة العادلة التي تضمن حقوق الدفاع والضحايا.

لطالما ارتفعت أصوات فرنسية نافذة تنتقد الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة لمعالجة الظاهرة الإرهابية، إذ ساهمت بلجوئها إلى هذه التدابير الاستثنائية، في نجاح عقيدة الإرهاب مرحلياً بإخراج أكبر ديمقراطية عرفها التاريخ البشري عن طريقها الديمقراطي المبني على دولة القانون والمؤسسات. محاكمة المتورط في هجوم باريس 2015، صلاح عبدالسلام والمجموعة معه التي انطلقت في فرنسا والتي من المرتقب أن تدوم 9 أشهر، تدخل في إطار المعالجة الفرنسية لظاهرة الإرهاب.

محاكمة عملاقة استثنائية وتاريخية سيتم من خلالها محاولة معرفة كيف استطاعت مجموعات إرهابية كانت تنشط في سوريا والعراق توجيه ضربات إرهابية في العمق الفرنسي! كما سيتم الاستماع لشهادات أهالي الضحايا الذين يعيشون كابوساً وجودياً وينتظرون العدالة لكي تقول كلمتها في هذه المأساة.


وبموازاة انعقاد هذه المحكمة عبرت بعض الأوساط الفرنسية عن مخاوفها من أن يستغل المتهمون، ومن بينهم صلاح عبدالسلام هذه المنصة للترويج لخطاباتهم والظهور في صورة الضحية، ومحاولة الاستقطاب والترويج لأطروحاتهم.


وقد ظهر جلياً من خلال الجلسات الأولى أن صلاح عبدالسلام اختار ما يعرف في عالم القضاء باستراتيجية القطيعة، التي لا تعترف بالأحكام الدنيوية والإنسانية، ولذلك طالب البعض بالسهر على عدم إهدائه هذه المنصة الإعلامية الثمينة ليُسوق لأفكاره وذلك عن طريق جعل هذه الجلسات مغلقة.

هناك زاوية أخرى، وهي الخشية من أن تكتسي هذه المحاكمة بأبعاد سياسية تخرج عن الإطار القضائي وذلك على مستويين.. المستوى الأول نشوب جدل إعلامي يوجه اتهامات للسلطات الحاكمة في 2015 بالتقصير في مهمتها الأمنية.

أما المستوى الثاني فكون هذه المحاكمة تجري بموازاة حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ومن شأنها أن تمنح بعض المرشحين مادة دسمة للاستغلال الانتخابي فيما يتعلق بعلاقة قنوات الهجرة السرية مع الاعتداءات الإرهابية، والدليل على ذلك أن بعضهم بدأ يربط تجربة النزوح السوري التي حملت في طياتها هذه العمليات الإرهابية بموجات النزوح الأفغاني المنتظرة.