السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

سباق القوة الخامسة

في عام 2019، تجاوز الاقتصاد الهندي اقتصاد بريطانيا وفرنسا، وأصبحت الهند القوة الاقتصادية الخامسة عالمياً. كان طريق نيودلهي الصعب نحو المركز الذي يسبق أكبر إمبراطوريتين سابقتين.. طويلاً وشاقاً.

على صعيد القدرات العسكرية، كان هناك سباق آخر قطعته اليابان من حقبة الهزيمة والدمار النووي، حتى صعود القوات المسلحة اليابانية من جديد لتصبح القوة الخامسة في العالم.

والآن.. وبينما تحاول بريطانيا وفرنسا وغيرهما احتلال موقع الهند أو اليابان، يصعد سباق عالمي آخر نحو «القوة الخامسة». لكنه ليس سباقاً في الاقتصاد والسلاح، بل سباق علمي في حقل الفيزياء. إنَّه السباق الذي بات يحتل الأولوية في جدول العمل الفيزيائي عام 2021.


على مدى العقود الفائتة استقر علم الفيزياء على وجود أربع قوى أساسية في الطبيعة، وهى: قوة الجاذبية، والقوة الكهرومغناطيسية، والقوى النووية الضعيفة، والقوى النووية القوية. وقبل سنوات اقترح فيزيائيون إضافة «القوة الخامسة»، والتي تشير إلى قوة «الطاقة المظلمة».


إن معظم كتلة الكون تتشكل من «المادة المظلمة» وهي مادة غير معروفة يقول العلماء إنها تتشكل من «جسيمات دون ذرية». إن هذا الكون يتوسع، ثم إنه يتسارع في التمدد، وهناك طاقة تقف وراء هذا التمدد، إنها «الطاقة المظلمة» أو «القوة الخامسة».

في سبتمبر 2021، نشرت مجلة «ساينس» المرموقة دراسة لباحثين أجروا تجربة لمحاولة فهم إطار وحدود «القوة الخامسة». قام الباحثون بإطلاق أشعة «النيترونات» على «السيليكون البلوري»، وبهذه الطريقة أمكن اختبار وجود وحدود القوة الجديدة على نطاق أصغر كثيراً من نطاق الفضاء، ما يسهل إجراء المزيد من التجارب عليها.

كانت بداية الطريق نحو دراسة احتمال وجود «قوة خامسة» قد جاءت بعد ملاحظة «جسيمات دون ذرية» تتصرف بطريقة غير عادية، وبينما رأى بعض الفيزيائيين أن ذلك ربما يشير إلى وجود «جسيم دون ذري» لم يتم اكتشافه بعد، رأى آخرون أنه ربما يشير إلى وجود «قوة جديدة» تحتاج إلى قوانين فيزيائية جديدة لفهمها.

يفترض بعض العلماء أنه في حال اعتماد «القوة الخامسة»، فإنها ستكون أضعف كثيراً من القوة النووية أو الكهرومغناطيسية. ويدعو آخرون إلى التمهل في إعلان ذلك، فلقد وقع خطأ كبير في تجارب سابقة أعلنت وجود جسيم تفوق سرعته سرعة الضوء، ثم اتضح أنه غير صحيح.

إن وقائع ومستجدات السباق نحو «القوة الخامسة» ممتعة ومثيرة، وهي لا تبعد كثيراً عن سباق القوة الخامسة في السلاح أو الاقتصاد، فالفيزياء هي جوهر قوة الدول في العالم المعاصر.

نعم.. الفيزياء هي القوة.