الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المنطقة.. البوصلة وإعادة الضبط

لعل الخلاصة التي توصلت إليها غالبية دول المنطقة بعد سنوات من المواقف الأمريكية المتغيرة والمفاجئة تجاه القضايا الرئيسية، هي ضرورة التواصل بين دول الإقليم وبناء جسور الثقة عبر القواسم المشتركة والمصالح الاقتصادية بعيداً عن التركيز على القضايا الخلافية.

المواقف الأمريكية تجاه المنطقة وضعت الجميع أمام تحدٍ رئيسي، هو مَن سيملأ الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة فيما لو قررت المضي قدماً في سياستها الحالية، التي تركز على آسيا والمحيط الهادئ، وهذا ما قد يفسر التحركات الإقليمية الأخيرة الهادفة إلى التواصل وتفعيل أدوات العمل المشترك انطلاقاً من العلاقات الاقتصادية والتبادلات التجارية كونها البوابة الأسهل والأفضل لبناء الثقة بين الدول.

المرحلة الحالية تشهد انفتاحاً إقليمياً داخلياً واسعاً بما فيه سوريا وإيران وتركيا، فالمنطقة تعيد ترتيب أوراقها من بوابة الاقتصاد والاستثمارات المشتركة والتبادلات التجارية، في عملية ربط عضوي مصلحي، فالعلاقات الاقتصادية تشكل رافعة مهمة من روافع تعزيز العلاقات بين الدول، فكلما كانت هذه العلاقات قوية قللت من فرص التصادم المباشر، وعززت أدوات الحوار.


قناة الاقتصاد والتبادلات التجارية قناة تواصل شعبي ورسمي، ومثل هذه القناة تساعد في تفهم كل طرف للظروف والمعطيات التي تجعل الطرف الآخر يتخذ مواقف سياسية محددة، كما أنها تساعد في قراءة الواقع على أساس الخسائر والفوائد المتحققة، وكلما كان الاقتصاد متشابكاً كان التأني في اتخاذ القرار هو سيد الموقف.


الشرق الأوسط جرّب لسنوات طويلة إدارة علاقاته بناء على التوجهات السياسية وضرورة توافق الرؤى المتعلقة بالملفات الرئيسية، الأمر الذي أدى إلى اتساع رقعة الخلافات، وتزايد التدخلات الدولية، وهذا ما أثبتت التجارب بأنه مسار له انعكاسات سلبية كبيرة على تنمية المنطقة وتقدمها، ولعل التطورات الأخيرة على الساحة العالمية تدفع للانعطاف نحو سياسة تعظيم القواسم والبناء على العلاقات الاقتصادية وقبول الاختلافات السياسية بين طرفين دون أن تكون ضارة على أحدهما.

المنطقة اليوم أمامها فرصة جديدة خلقتها التطورات على الساحة العالمية وجائحة كورونا، وهي ظروف مواتية لبناء شراكات تعزز من تشابك وتماسك المنطقة وبالتالي نزع فتيل التوترات والصراعات.