الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

استراتيجية البقاء.. والتجارة المحرمة

يعتقد الكثيرون أن السوق السوداء تلقى رواجاً فقط في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية، وأنها وجدت لتبقى في الدول النامية دون المتقدمة، وأنها مختصة حصرياً بالتجارة في المواد الغذائية والعملات الصعبة، وهذه معلومات مغلوطة بامتياز، لأن هذه السوق تعمل بلا هوادة في كافة البلدان وتحت كل الظروف، طالما وجد المستفيد، بداية من السجائر، إلى العملات، وحتى الأعضاء البشرية.

تاريخياً، ازدهرت السوق الموازية في معظم الدول التي تبنت نظام الاقتصاد الموجه وحدت من حرية التعامل بالعملات الصعبة، ما أثر بالسلب على نمو هذه الاقتصادات بنسب متفاوتة، فاضطرت السلطات المالية للتدخل ووقف فوضى الأسواق أحياناً عبر تعويم العملة المحلية، وأحياناً أخرى عبر زيادة الضرائب أو مراقبة المعابر غير الشرعية بهدف مكافحة التهريب، حيث يسعى المهربون إلى الاستفادة من الفارق بين السعر الحقيقي والسعر المدعوم من الحكومة.

لكن، مصدر قوة السوق السرية يكمن في مرونتها الفائقة، إذ تستطيع في كافة الأوقات استقطاب زبائن كثر بشكل مستمر، فالمواد والبضائع المتداولة داخلها هي الأرخص في الغالب لكونها مهربة أو مسروقة، وأحياناً تكون الأغلى عندما يصعب الحصول عليها أو يمنع تداولها، وقد شكلت هذه السوق المجرمة اقتصاداً موازياً اقتنص عشرات التريليونات، وهو ما خصم من رصيد نمو الاقتصاد الرسمي.


استطاعت هذه التجارة المحرمة البقاء طويلاً على قيد الحياة بفعل الأرباح الطائلة، وسهولة التعاملات عبر الإنترنت، وعلى سبيل المثال، فإن سوق تجارة الأعضاء البشرية تحقق إيرادات سنوية بنحو مليار دولار، أما السوق السوداء للذهب، والتي ازدهرت بسبب القوانين المكبلة لاستيراده، فتحقق إيرادات سنوية بحوالي ملياري دولار، بينما تدر تجارة اللوحات والأعمال الفنية المسروقة 6 مليارات دولار سنوياً.