الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الفكر المتطرف يتوغل خفية

الخطاب الدّيني في مأزق حقيقي، ما زالوا نجوم الدعاة يجولون بكل أريحية عبر برامج شبه يومية، وتشهد على ذلك المقتطفات التي ترسل المواعظ والعبر ويتداولها الشباب- كما يحلو لهم- عبر المواقع الإلكترونيّة، وغالباً ما تكون مقاطع لشخصيات دينية متشددة ما زال بريق كلماتها يملأ الآفاق، ورنين عباراتها الطنانة وخطبها الحماسية يؤخذ بها، بدليل نسبة مشاهدتها العالية؛ بل يُستشهد بها في خلافات متبعيها مع الّذين لا يظهرون ولاءهم لها، بل يمارسون الكيل بمكيالين، ويخترقون العقول المُغرر بها، أنى شاؤوا ومتى شاؤوا، ما يعد- قطعاً- أكبر داعم لخيارات العنف والاستقطاب.

ويلعب أتباعهم أدواراً دعائية، لترسيخ قاعدة شعبية وجماهيرية تنال استحسان الفكر المتطرف الذي يتوغل بخفية، ليعلن عن نفسه يوماً ما، وعلى هذا المنوال تتجدد دماء هذا الفكر، وينتهي بنا الأمر- كما ابتدأ- بالتطرف، ونغرق في دوامة لا تنتهي.

هؤلاء يزاحمون- حتماً- الأكثرية من العلماء الوسطيين والمعتدلين الذين يمثلون قطاعات مختلفة من الاجتهادات، ويريدون أن يظهروا الإسلام بشكله النّقيّ، ونحن في حاجة إلى إبرازهم في الإعلام، فهم -قطعاً- إجماع من علماء ربانيين يتمتعون بثقل فقهي ومعرفي متنوع، لكل منهم مكانته في وطنه ومصداقيّته في العالم الإسلاميّ، هؤلاء يخشون الظهور، كي لا يُحاربوا أو يُقمَعوا، إلّا القلة المتبقية - القليل- ما زالت صامدة، فتكون محاربتهم بتجييش المتابعين الّذين لا تقتصر أدوارهم على مقارعة الفكر الوسطي، وصبّ جام غضبهم على المعتدلين؛ بل وإظهار المقاطع الّتي تشوه صورتهم أمام الجماهير العريضة، وتلفيق الاتهامات بحقهم ظلماً وعدواناً، ولمزهم بالشرك والفسق، والقص واللزق في المقاطع كل هذا كي يُشككوا بهم.


ولا نرى- في المقابل- هجوماً مماثلاً على نجوم الإعلام السابق، ولا نلاحظ سعياً لإظهار زيفهم، إلا ما ندر، لأنّ المتابعين لذلك الفكر هم الجمهور الفاعل الذي يجتهد في تقوية هذا الفكر من الداخل ويُسبب عجزنا المخزي عن دحره.