الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

الفساد.. خسائر بالتريليونات!

لا يمكن لأي دولة في العالم أن تنهض بالمستوى القومي أو الفردي في أي مجال دون أن يكون هناك نظام شفاف وقانون عادل يحارب الفساد ويُنهي المحسوبية، ويحاسب الكبير قبل الصغير للحفاظ على مكتسبات الأمة ويراعي مصالحها، فالدول المتقدمة تحمي هذه الأنظمة والقوانين بشكل صارم وتراجعها باستمرار وتفاخر بتقدمها في مؤشرات محاربة الفساد.

قد تشاهد مسؤولاً رفيعاً قد استقال وانتهت حياته المهنية بسبب شبهة فساد، وتجد أن ذلك يعزز صورة تلك الدولة بشكل إيجابي على الصعيد العالمي، أما من جانب آخر فهناك 80 دولة تعوم على بحر من الفساد والمحسوبيات أي ما يقارب ثلث دول العالم، حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية، حيث سجلت كل من الصومال وجنوب السودان وليبيا واليمن أكثر الدول فساداً، بينما تصدرت الدنمارك ونيوزيلندا وفنلندا والسويد قائمة الأقل فساداً، وكل من الإمارات والسعودية وقطر الأفضل عربياً، وهذه إحدى عوامل تميز هذه الدول عن نظيراتها ونمو اقتصاداتها بشكل ثابت.

وحسب ما نشرته الأمم المتحدة فإن ما يقارب 3.5 تريليون دولار سنوياً هو حجم الفساد عالمياً، قيمة ضخمة تساوي تقريباً 7%؜ من الناتج العالمي، حيث يضيع تريليون دولار سنوياً مقابل الرشاوى فقط، كما أن المفقود بسبب الفساد في البلدان النامية يقدر بعشرة أضعاف إجمالي مبالغ المساعدة الإنمائية المقدمة لها

يضيع تريليون دولار سنوياً مقابل الرشاوى عالمياً، والمفقود بسبب الفساد في البلدان النامية يقدر بعشرة أضعاف إجمالي المساعدات المقدمة لها .

سوء التعليم وانتشار الفقر وغياب القانون والنزاعات العرقية والطائفية هي أبرز مسببات انتشار الفساد في الدول، إضافة إلى أنظمة سياسية تدعم تخلف هذه المجتمعات لكي تضمن بقاءها تحت سيطرتها، فتعمل على ترسيخ مفهوم الرشوة كجزء من منظومة العمل الحكومي وتشكيلها كأمر طبيعي تعيشه الأجهزة الحكومية، ففي بعض الدول الأفريقية على سبيل المثال يقبع الموظف الحكومي تحت رواتب ضئيلة جداً، ويصادق الرشوة لإنجاز معاملات المواطنين، كالبقشيش الذي يحصل عليه نادل المطعم من زبائنه مقابل حسن خدمته التي من واجبه تقديمها !

لا يمكن محاربة الفساد دون رفع مستوى التعليم وكشف حجم الخسارة التي يسببها، وصعود مخلصين إلى كرسي القيادة، كما أن هناك مسؤولية أخلاقية في عنق الدول المتقدمة للضغط على الحكومات الفاسدة لتطوير أنظمتها ورفض التعامل معها وجعلها في مرمى الاستهداف حتى تُخرِج شعوبها من ظلمات الضياع.

ما سبق يجعلنا ندرك أن الكوكب ليس فقيراً، بل إن معظم البشر فشلوا في إدارته، فكم من دولة تملك ثروات نفطية ومقومات استراتيجية وتجري من تحتها الأنهار، إلّا أنها متخلفة إما بسبب الفساد أو القمع، أو بنظرية مؤامرة تُعلّق عليها شماعة فشلها.