الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

الأزمة الأوكرانية.. جيوبُ العرب وبطونهم

الحرب الروسية في أوكرانيا لها تأثيراتها المباشرة على كل دول العالم بنسب مختلفة، ومع أنها عمل عسكري بالأساس، إلا أنها في حاضرها حرب اقتصادية كما هو واضح في العقوبات الدولية تجاه روسيا، وستكون أطول مدى في المستقبل المنظور من الناحية الاقتصادية أيضاً، سواء انتهت كما تريد روسيا في أيام قليلة ضمن خطتها الهادفة إلى تغيير التحالفات في الفناء المجاور للغرب بشكل مباشر، بما تعده أمراً يتعلق بأمنها القومي، أو طالت كما تريد الدول الغربية لجهة إغراق روسيا في حرب تنتهي بفشلها العسكري والاقتصادي.

وللحرب الدائرة الآن في أوكرانيا تأثيراتها الإيجابية والسلبية على عدد من الدول العربية، فبالنسبة للأولى، نجد أن كل الدول العربية المصدرة للنفط ستستفيد من ارتفاع أسعار البترول، كما ستستفيد الدول العربية المصدرة للغاز بعد أن ارتفعت أسعاره بطريقة جنونية، خاصة أن هناك أربع دول عربية أعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز (GECF) وهي: قطر، الجزائر، مصر، الإمارات، وتسهم هذه الدول مجتمعة بــ11.7% من الإنتاج العالمي للغاز، ما يعني تأثيرها المباشر على الإمدادات في العالم.

بشكل عام.. نحو 14 دولة عربية تعتمد على الواردات الأوكرانية والروسية بنسبة 10% من استهلاكها من القمح

بالمقابل، هناك تأثيرات سلبية على الدول العربية في مجالات اقتصادية حيوية، منها: استيراد القمح، الذي شهدت أسعاره ارتفاعاً صاروخيّاً مباشرة بعد بداية الحرب، علماً أن أوكرانيا تسيطر إلى جانب روسيا على ربع صادرات القمح العالمية، وقد يتعدى الأمر غلاء الأسعار إلى ندرة القمح أو انعدامه.

هناك دول عربية ستواجه صعوبات مؤلمة، فمثلاً لبنان التي تعتمد على 50% من استهلاكها للقمح من أوكرانيا تجد نفسها اليوم أمام مأزق حقيقي، حيث إنها لا تستطيع تحمل الزيادات في الأسعار، حيث لا توجد إلا شحنتان في ميناء بيروت، ويقدر الخبراء أن مخزونها من القمح يكفي فقط لشهرين مقبلين على أبعد تقدير، لذلك تسعى لاستيراده من الهند.

كذلك مصر، التي تعتمد على القمح الأوكراني والروسي، حيث ستشهد أعباء جديدة على ميزانية الدولة، ويقدر الخبراء أن مخزونها من القمح يكفي لخمسة شهور كحد أقصى، وأن كلفة استيرادها القمح قد ترتفع من 3.2 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار أي بزيادة 800 مليون دولار.

وبشكل عام هناك نحو 14 دولة عربية تعتمد على الواردات الأوكرانية والروسية في أكثر من 10% من استهلاكها من القمح، ما يضعها أمام أزمة انعدام أمن غذائي محتملة، ويشمل ذلك حتى التي ستزيد مداخلها نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز، ما قد يرشح بعضها إلى ثورة «بطون»، قد لا ينفع معها ملء الجيوب.