الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

الأزمة في أوكرانيا وحرب العملات (2-2)

المعركة الآن تبدو أكثر وضوحاً مع دخول روسيا على الخط في «حرب العملات»..لكن كيف ذلك؟

قبل الإجابة عن السؤال.. نقول هنا إن الهدف من حرب العملات هو الإطاحة بالدولار الأمريكي المهيمن، بقيادة الصين وروسيا وبعض الدول الأخرى، فقد أصبح التلاعب بالعملات سلاحاً فعالاً تستخدمه الدول في الحروب الاقتصادية والتجارية وحتى السياسية، وهذا ما فعلته الصين منذ التسعينيات ودأبت على استخدامه الولايات المتحدة منذ الأربعينيات للتحكم بالتجارة والتبادلات العالمية.

فهل هي النهاية لهيمنة الدولار؟.. الشهور المقبلة أو ربما السنوات القليلة كفيلة بالإجابة على السؤال.

لكن نعود الى السؤال الأول. كيف تبدو المعركة الآن أكثر وضوحاً مع دخول روسيا على الخط في «حرب العملات»؟

قرار بوتين باستبدال الدولار بعملة الروبل في عمليات بيع النفط والغاز الروسي يعني أن الاتحاد الأوروبي الذي يشتري يومياً من روسيا النفط والغاز بقيمة 660 مليون دولار، مطالب بدفع تلك القيمة الضخمة من الدولارات بعملة الروبل. يعني حسابياً الاتحاد الأوروبي الآن مطالب بتوفير 66 مليار روبل يومياً مقابل النفط والغاز، بما يعني أيضاً أن الاتحاد الأوروبي سيلجأ لشراء الروبل مقابل الدولار أو اليورو وليس هناك دولة أخرى بخلاف روسيا تملك هذه الكمية الضخمة من الروبل، بالتالي سوف يضطر أن يطلب من البنك المركزي الروسي الروبل مقابل الدولار أو اليورو وبالتالي يرتفع احتياطي النقد الأجنبي لدى موسكو.

الاتحاد الأوروبي قد يكون مطالباً بتوفير 11 طناً يومياً من الذهب لشراء 66 مليار روبل يومياً

وماذا لو رفضت روسيا بيع الروبل مقابل الدولار واليورو وتطلب الذهب مقابل الروبل؟

المفارقة الكارثية هنا أن الاتحاد الأوروبي بعملية حسابية بسيطة مطالب بتوفير ذلك، لأن سعر الذهب الآن الجرام الواحد حوالي 60 دولاراً يعني 6000 روبل يعني بعملية حسابية بسيطة الاتحاد الأوروبي سيكون مطالباً بتوفير 11 طناً يومياً من الذهب لشراء 66 مليار روبل يومياً لسد حاجياته اليومية من النفط والغاز الروسيين، يعني أنه إذا أقدمت روسيا على تنفيذ هذا القرار فستمتص في ظرف قصير احتياطي الذهب في البنوك المركزية الأوروبية وتخزنه لديها.

هذا الارتفاع في الطلب على الروبل سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع الطلب على المبادلات التجارية بجميع أنواعها مع روسيا للحصول على عملة الروبل التي ستصبح في خانة «العملة الصعبة».. وبالتالي ستكون عملة الروبل في حد ذاتها هي محدد جديد يؤثر في جزء كبير من الأسواق العالمية بدل الدولار واليورو.