الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الدول.. تلفظ الإخوان المسلمين

بمجرد عمل مسح على ما تنشره وسائل الإعلام العربية بكافة أنواعها تشعر بكل سهولة باختفاء أو تراجع لواحدة من أسوأ أنواع التحديات والمخاطر التي مرت على المنطقة العربية، وهو تنظيم «الإخوان المسلمين» الإرهابي، وإذا كان هناك تطرق لهذه القضية من حيث النقاش في مصر حالياً أو إغلاق مقرات له كما يحدث في تركيا فهي المرحلة الثانية من العمل الوطني لمؤسسات الدولة الوطنية العربية لـ«مسح» بقايا شوائب في أذهان من كانوا يحملون هذا الفكر التدميري.

البعض إما يعاندون الحقيقة أو يخشون التصريح بما يحملون أو يحاولون التشكل أمام مجتمع أدرك مخاطرهم الحقيقية ليس فقط من خلال فضح مخططاتهم، وإنما من خلال اعترافات صريحة ووقحة من قياداتهم في الدول التي وصلوا فيها إلى الحكم وكما نعرف أن الاعترافات هي أقوى أنواع الإدانة التي يمكن توجه لمتهم أو مجرم.

من زمن بعيد، حذرت كل القوى الوطنية الفاعلة في المجتمع بمختلف مشاربها الفكرية من خطورة هذا التنظيم ليس من كونهم يستخدمون الدين كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، وربما هذا الجانب كان أكثر وضوحاً لدى رجال الدين.

المتغيرات الدولية تفرض على الدول اتخاذ قرارات جريئة ولكنها لا تناسب «العاطفة الإخوانية» الشعبوية

البعد السياسي في هذا الفكر الإقصائي يقوم على أرضية أساسها أنه لا يمكن أن تحكم جماعة أو بالمفهوم السياسي حزب منغلق على نفسه فكرياً لدولة فيها مجموعة من البشر يختلفون في الانتماءات الفكرية، وربما هذه النقطة استدركها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في خطابه الوطني الأخير عندما قال: «أؤمن بأفكارك ولكن خلونا نتفق على الوطن» هذه النقطة الغائبة على الكثيرين في دولنا العربية والتي سببت لنا أزمات مجتمعية وما زالت، ولكن المؤشر الميداني من خلال التخفي والهروب من ردة فعل المجتمع دليل على الانحسار والتراجع.

تجاوزت الدول العربية التي حاربت هذا التنظيم بمراحل مسألة فضح أفكار أصحابها، وبدأ أفراد المجتمع على قدرة في معرفة من يحتفظ ببعض بقاياه من خلال تقييم الاختلافات حول مواقف الدول في سياساتها لتهيئة الدولة كمفهوم يصلح للجميع، ومن خلال أن المتغيرات الدولية تفرض على الدول اتخاذ قرارات جريئة ولكنها لا تناسب «العاطفة الإخوانية» الشعبوية القائمة على تحريض الشارع وتحريك الرأي العام ضد الدولة وحتى الفرد المختلف، فنحن الآن أمام مرحلة التركيز على إعادة صياغة كل القوى المجتمعية لبناء الدولة الوطنية وليست «دولة جماعة» أو حزب كما كانوا يسعون في مصر وتونس.

إن المناخ الثقافي والسياسي وحتى الخطاب الديني ليسوا ببعيدين عن خط الدولة الوطنية التي هي أساس كل مجالات النمو الشامل.