السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

عرابو الكلاسيكيات الأدبية

لمَ لا تزال الكلاسيكيات الأدبية العالمية تحظى بوهج يجعل البعض منها ليس فقط على قائمة الكتب المباعة، وإنما أيضاً المقروءة، رغم مرور قرون على نشرها وكتابتها، واختلاف الزمن والمكان والبيئة والأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية، التي طبعتها وتأثر بها كتابها؟ وهل فعلاً هذه الكلاسيكيات أعمال على درجة من الفرادة ما يجعلها معجزات لا تتكرر ومن ثم تستمد استمراريتها من عظمتها؟ أم أن هناك أسباباً أخرى يُعزى لها الفضل وتعد بمثابة الجندي المجهول الذي تستمد منه البقاء والمكانة وسط إنتاج عالمي بعشرات الآلاف من الكتب بشتى اللغات والمواضيع، يصنف بعضها بالأكثر مبيعاً، إذ تتجاوز الملايين، وتحظى بإقبال شعبي كبير يرشحها حسب وجهات نظر لأن تكون خالدة بلغة الأرقام؟ وخلافاً للواقع الذي يجعلها منسية بعد بضع سنين من نشرها، حيث لو سألت عينة ممن اقتنوها وقرؤوها عن رأيهم فيها بعد 10 سنوات من صدورها، لربما كانت إجاباتهم مزيجاً من عدم الاكتراث ونسيان مواضيعها، وربما حتى الاستغراب من شرائها وقتها، ما يستدعي التساؤل عن السبب الكامن خلف هذا التجاهل لها، والتقدير لكلاسيكيات لا تزال حاضرة، أو على الأقل يُعترف لها بمكانتها المميزة، التي كرستها فئة محدودة من معجبيها، من ضمنهم المختصون والأكاديميون الذين استمروا بدون كلل في دراستها وتحليلها والحديث عنها والبحث فيها وتحليلها، ونشر ذلك عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وبالطبع في الأكاديميات العلمية، بتكرار خلق صورة نمطية عنها وذهنية لدى العامة جعلهم من تكرار سماعهم عنها يقتنعون بها ويؤمنون بها، حتى لو كانوا لم يطلعوا عليها أو يتصفحوها جزئياً. المتحمسون المخلصون هم القلة المؤثرة القابعة وراء بقاء الذاكرة العامة حاضرة على الدوام، وهم الدؤوبون سعياً لتشكيل ذائقة الجمهور الأدبية عبر تسلسل هرمي يتناوبون عليه على مرِّ العقود، رغم تنافرهم مع آراء مثقفين ومهتمين بالكتابة. وجدت أن بعض تلك الأعمال رغم تميزها إلا أنها حظيت بقدر من المبالغة بشأنها، في تناقض مع القول إن العمل ليس فقط بمحتواه وإنما بعوامل أخرى يجب أن تتوافر فيه لا يمكن لغير المختصين سبرها، الذين هم باختصار من يجعل من الكتب خالدة بعد فترات طويلة من صدورها، لا كتّابها ومؤلفاتهم التي ربما كان لها السبق بزمنها، لكنها بعد انقضائه باتت شهرتها بيد الشغوفين بها الذين منحوها خلوداً.