الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

صحتك النفسية تبدأ برحلة «هايكنغ»

لو قست الأمر بالمحيط الاجتماعي الصغير الذي يلفني لسّرني أن أقول بأن الوعي بشأن الصحة النفسية في ازدياد ويبشر بقبول هذه الفكرة التي لا يزال الرفض يلفها نتيجة ما حملت من أفكار.

صادفت عدداً جيداً من الأصدقاء والمعارف من حولي، سواء من الإناث أو الذكور، والكفة هنا ترجح للنساء ممن يلجؤون إلى أطباء نفسيين دون خوف من التصنيف أو النظرة المجتمعية التي تضعهم في دائرة استفهام، ليلقوا حلولاً لمعاناة مشتركة في اضطراب النوم والقلق من المستقبل والخوف من شؤون معينة مثل العلاقات العاطفية وصدمات الفقد وأزمات الديون وفقدان الوظيفة.

ولكن أجمع البعض على خوفهم من دخول أسمائهم في قوائم وزارة الصحة لتلقي الأدوية المراقبة، وبطبيعة الحال المريض النفسي يحتاج في بعض الأحيان بجانب العلاج السلوكي إلى علاج دوائي يوازن كيمياء المخ في حالة الاضطراب، وهو ما لا يصرف دون موافقات طبية مسبقة!

من الضروري إدراج العلاج النفسي ضمن منظومة التأمين الصحي، فيكون درهم وقاية خيراً من قنطار علاج

مسألة التثقيف مسؤولية مشتركة تقع على عاتق عدة أطراف منها وزارة الصحة ووقاية المجتمع ووزارة السعادة ببرامجها الخاصة لجودة الحياة والرضا الوظيفي وغيرها، وقد يكون من المجدي جداً لو تخصص الهيئات والمؤسسات خطاً ساخناً للموظفين الذين يعانون من أعراض نفسية، ليتم وصلهم بأطباء معتمدين لدى كل جهة.

فكم من موظف انهار في مكتبه وهو يعاني من ضغط عالٍ نتيجة خوفه من التهديد الوظيفي وفقدان مصدر الدخل، وشهدنا حالات عديدة في ظل أزمة كورونا تحديداً والجاني فيها مسؤول معتل نفسياً أوجد بأفعاله موظفين ضحايا أصيبوا بأمراض نفسية!

هنا، يكون من الضروري إدراج العلاج النفسي ضمن منظومة التأمين الصحي، فيكون درهم وقاية خيراً من قنطار علاج، مع ضرورة تكثيف الرقابة على العيادات الخاصة بالأمراض النفسية التي تستغل الحاجة برفع أسعار العلاج في كل جلسة وإجبار المريض على عمل فحوصات شاملة أولية في عيادات معينة بينها وبين الطبيب اتفاق ضمني مسبق مما يرهق كاهل المريض ويدفعه للانسحاب من هذا الطريق!

وهذا ملف بحد ذاته، فهناك العديد ممن تطول مدة علاجهم لتصل إلى سنتين وهم في الواقع لا يحتاجون لأكثر من فترة قصيرة نظراً للبعد المادي اللاأخلاقي لبعض الأطباء.

بتعزيز الصحة النفسية نجنب مجتمعنا الكثير من الأوجاع والجرائم غير المألوفة التي تتولد من الاعتلالات النفسية، ومن البيت أولاً يجب أن تتم مراقبة السلوكيات وطلب التدخل دون خوف أو خجل في حال وجود اشتباه سلوكي غير طبيعي، ثم في المدارس، وأخيراً جعل الصحة النفسية ثقافة مجتمعية تعزز بممارسات يومية أو أسبوعية كرحلة هايكنغ مثلاً!