السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الراتب.. مد رجلك على قد لحافك

دار جدل كبير الأسبوع الماضي حول الراتب المناسب الذي يكفي الأسرة الإماراتية المتوسطة، ليتحول الموضوع إلى قضية رأي عام تمت مناقشتها في وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعة وغيرها من المنابر الإعلامية، دون الوصول إلى رأي مقنع يتفق عليه الجميع.

غرّد كاتب في صحيفة الرؤية على حسابه الشخصي أن راتب 27 ألف درهم مناسب جداً للأسرة الإماراتية ويغطي احتياجاتها، بل ويسمح بهامش كبير من الرفاهية والسفر مرتين سنوياً، فكان من الطبيعي أن يقابل هذا الرأي بالكثير من المعارضين الذين يرون أنه رأي غير منطقي وغير قابل للتطبيق على أرض الواقع، وأن صاحبه يعيش في خيال واسع، كما رد البعض على الموضوع بالأدلة والأرقام وصعوبة الاكتفاء بهذا الراتب نظراً لمسؤوليات رب الأسرة، كالنفقات اليومية والشهرية والفواتير والمدارس والقروض وغيرها من الالتزامات الشهرية.

لم يكد يهدأ الموضوع حتى ظهرت متصلة في أحد البرامج الإذاعية لتعلن أنها تعيش على راتب 6000 درهم، بل ولديها أطفال في المدارس الخاصة، وأن هذا الراتب يكفي وزيادة معتبرة أن من يتحدث عن الرواتب التي تزيد على 20 ألفاً يتحدث عن نوع من التبذير والمبالغة، ليشتعل النقاش مرة أخرى حول الموضوع.

النقاش حول موضوع الراتب جميل وصحي، على أن يتسم بالموضوعية وعدم الشخصنة

يقال: مد رجلك على قد لحافك! ينطبق هذا المثل على كل شخص حسب ظروفه ومحيطه وإمكاناته، وما ينطبق على شخص ما ليس بالضرورة أن ينطبق على شخص آخر، فلكل حالة معيار وظروف مختلفة ومتغيرة على الصعيد الشخصي والاجتماعي والاقتصادي.

الراتب قد يكفي حاجة البعض ولا يكفي حاجة البعض الآخر، يعتمد الأمر على عوامل مختلفة، منها مقدار الراتب من جهة والالتزامات المالية من جهة أخرى، طبعاً دون إهمال حاجة الشخص أو الأسرة إلى وسائل الترفيه الأخرى مثل الرحلات وزيارة الأماكن السياحية وتناول الطعام والمشروبات في الخارج، أضف إلى ذلك يتعين ألا نغفل وجود الأشخاص الذين يورطون أنفسهم من باب المباهاة الاجتماعية وحب الظهور.

التنظير سهل جداً، وإبداء الرأي حول هذا الموضوع لن يقدم ولن يؤخر طالما أنه بعيد عن الإحصائيات والاستبيانات الرسمية وشبه الرسمية التي يمكن الاستناد إليها، لذلك من المفضل أن تشكل لجنة على مستوى الجهات المختصة كوزارة تنمية المجتمع، والدوائر الأخرى ذات الاختصاص لقياس مستوى المعيشة المناسب للأسرة الإماراتية، على أن ترفع توصياتها للمجلس الوطني ليقوم بدوره في هذا الموضوع.

ختاماً، النقاش حول هذا الموضوع جميل وصحي على أن يتسم بالموضوعية والابتعاد عن الشخصنة، والأهم من ذلك ألا يقفز أحدهم مطالباً بعدم الحديث عن الموضوع لأنه من المحرمات الشرعية غير القابلة للنقاش.