السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

كيف ننسى الذكريات المؤلمة؟

يحدث أن نتناسى ذكرى مؤلمة في خضم الحياة اليومية، ولكن بدون سابق إنذار قد تبدأ تفاصيل تلك الذكرى في العودة إليك، بكامل ألمها وكل ما سببته لك من وجع.

فمن أيام توفي الشقيق الأكبر لإحدى صديقاتي المقربات، ودّع الحياة ليلاً ووصلها خبر رحيله صباحاً، وما كان لهذا الخبر إلا أن يعيد لذاكرتي صوت الطبيب، من أمام غرفة العناية المركزة وهو يخبرني بوفاة والدتي. وقد تلقيت ذلك النبأ العظيم وحيدة في بلاد الغربة، وكل ما فعلته أني خرجت إلى الشارع، دون أن أذرف دمعة.

فوصلت إلى باب المبنى حيث نقيم، وصعدت لمنزلي وأنا لا أعرف ما الذي أريده، وما المطلوب مني فعله؟ وفجأة انهمرت دموعي دون توقف، إلى يومنا هذا، وحتى بعد مرور الأربع سنوات.. لم أتوقف عن البكاء.


ولحظة سماعي نبأ وفاة شقيق صديقتي، عادت لتنهمر دموعي من جديد، مع أني لا أعرف هذا الشخص ولم يجمعني به أي لقاء من قبل!


فقط تأكّدت بأننا لا ننسى أحزاننا، هي فقط تختبىء لبعض الوقت، وقد تذكرت هذا البيت الشعري للشاعرة راشيل كورن:

اليوم.. لأول مرة .. وبعد سبع سنين

أرتدي ثوباً جديداً.. لكنه قصير جداً على حزني

ضيق جداً على محنتي.. كل زر أبيض من أزراره

يسقط مثل دمعة، من ثنياته.. ثقيلة كأنها حجر

وأعتقد أننا نفشل في نسيان بعض الأمور، خاصة إذا لم نغادر المكان الذي حدثت فيه، نستمر في الدوران حول الذكرى ذاتها دون توقف، ففي المدينة نفسها التي أنا بها الآن، كلما ذهبت في طريق أو جلست في مكان أجد الذكريات تأتي تباعاً، تذكرني بمروري من هنا مع المرحومة والدتي، تحاصرني صورتها.

فكيف يمكننا نسيان الذكريات المؤلمة؟ يقول علماء النفس إن تسريع عملية نسيان الذكريات السلبية ومحوها من الذاكرة، ممكن فقط عبر تقليل الانتباه إليها أو محاولة قمع تلك الذكريات بوعي.

بما معناه أن التحكم بوعي في عملية النسيان أمر قابل للتطبيق، من خلال لفت الانتباه إلى الذكريات غير المرغوب فيها بدل محاولة صرف النظر عنها، وحتى يكون باستطاعتنا التعامل معها بشكل مناسب في المستقبل.

فمحاولة النسيان تتطلب مجهوداً جباراً، لننجح على الأقل في تجاوز الخطوة الأولى للتخفي من الذكريات، ولكن هناك أشخاص في حياتنا لا نستطيع معهم تطبيق نظريات علماء النفس في نسيانهم، كالأمهات..