الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ثقافة الانسحاب

الإقالة أو الاستقالة، كلمتان متقاربتان في المعنى ولكنهما مختلفتان في النتيجة، وفي مجال الرياضة تتحكم النتائج في وضعية اتخاذ القرارات التي من هذا النوع، فالاستقالة طوعاً حالة استثنائية نادر حدوثها في واقعنا الرياضي الحالي، والانسحاب من خلال تقديم الاستقالة انعكاس لشجاعة متخذ القرار، فيما تعتبر الإقالة خياراً أخيراً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عندما يستفحل الأمر وتتراكم الإخفاقات، ولأن العملية الديمقراطية هي من تتحكم في قرار الاستقالة والإقالة، أصبحت الجمعيات العمومية (المتهالكة) مصدر قوة لأولئك المتمسكين بالمناصب، وهي من تحميهم وتغطي إخفاقات مجالس الإدارات، وتمنحها صك البقاء والاستمرار حتى وإن كان استمرارهم يتعارض مع المصلحة العامة.

الاستقالة لدى من يقدر قيمة المصلحة العامة منطق الشجعان الذين يقدرون قيمة الهدف الذي يعملون من أجله، بينما يعتبره عشاق الكراسي بأن البقاء على المقاعد حق من حقوقهم المكتسبة، لا يمكن التخلي عنها مهما كانت النتائج والعواقب، وهنا تكمن المعضلة ومصدر المشكلة وبسببها عانت رياضتنا الأمرين في الفترة الماضية، وإليها يعود السبب في تراجعها محلياً وإقليمياً ودولياً، ولأننا أمام مرحلة جديدة مع بدء دورة أولمبية جديدة، فإن مسالة إحداث تغيرات جوهرية على آلية وأسلوب عمل الإدارات الرياضية أصبحت ضرورية، تفادياً لحالات الفشل المتكررة التي أغرقت عدداً ليس بقليلٍ من المؤسسات الرياضية في دوامة الخلافات نتيجة وجود أعضاء متنافرين ومتعارضين فكرياً وإدارياً.

ولأن مسألة الإقالة أو الاستقالة لا تخضع لمعايير واضحة وتعتمد على الشخص ومدى قناعته بحجم عمله، ستبقى المسالة جدلية لأنها تفتقد لمقياس يحدد مدى نجاح العمل من عدمه، وطالما أن مجالس إدارات الاتحادات أو الأندية ترى أن ما تقوم به «ناجح» من وجهة نظرها، فلن تصدر منهم الاستقالة مهما تصاعدت أصوات المطالبين بها في الشارع الرياضي، ولهذا فإن مسألة الاستقالة ستبقى لا وجود لها في قاموس الكثيرين ممن ينظرون للفشل على أنه نجاح.

كلمة أخيرة

فكرة الاستقالة والانسحاب عند الإخفاق وإفساح المجال للغير ستبقى غائبة في قاموس رياضتنا، لأن ثقافة الاعتراف بالخطأ أو الفشل ليست حاضرة إلا في بعض الحالات الاستثنائية.