يحدث أن يتحدث الإنسان عن نفسه عندما يتحدث بعمق عن غيره، ويحدث ألّا يتحدث عنه غيره إلا عندما يرون شره أو خيره. لا تعجبنا أحاديث الآخرين إلا عندما نرى أنفسنا فيها، والأمر سيان مع أحاديث الموسيقى واستيعاب معانيها، حيث نختار النغم الذي يتواءم مع لغة أرواحنا، لتتحاور الروح معه بانسجام فتهدأ قلوبنا ويرتاح بالنا، وإن لم تقل إنك وجدت شطراً كبيراً من نفسك في تلك الموسيقى، فإنك بلا شك تخدع ذاتك بذاتك دون أن تدرك الحقيقة، لذلك يجب عليك أن تختار موسيقاك بعناية، فبرأيي أن الاختيار الخاطئ أكبر جناية! طبعاً.. في حق أذنك وروحك وهدوئك.
من أرض الكنانة، والنغمة الرنانة، جاء كالدانة، برفعة المكانة، الملحن الموسيقي والشاعر الغنائي وعازف العود (شاكر شعيشع عبدالرسول حسن)، الذي اختار اسم (شاكر الموجي) تيمناً بخاله الموسيقار الراحل «محمد الموجي» بشكل ذكي وحسن، كان (شاكر) شاكراً وممتناً ومثقفاً وقوي الشخصية، ولا بأس إن قلنا متمرداً ومختلفاً وبالغ الجاذبية، تخرج في كلية التربية الموسيقية بالزمالك في جمهورية مصر العربية، وكان ترتيبه الأول على الدفعة ومن دفعته نفسها الفنان «هاني شاكر» أمير الأغنية العربية، وبسبب مستواه الدراسي المتميز عمل معيداً في الكلية.
في تلك الفترة لحّن أغنية «ألعب لك شيش بيش» لأحمد عدوية، ثم سافر لدراسة الماجستير بفرنسا في بعثة دراسية، التقى وعمل مع العديد من الفنانين مثل (صباح، وطروب، ووديع الصافي، ووليد توفيق، وميادة الحناوي، ونانسي عجرم، وجورج وسوف، وراغب علامة، ونور مهنا، ورجاء بلمليح، ووائل جسار، ووائل كفوري، وكارول سماحة) ومن أهم أعماله (طبيب جراح، وقدمت الروح، ووداعاً للعزوبية، وويواعدني الهوى، وبتعاتبني على كلمة، وجرحونا، واوعديني، واسمعيني بكلمة، وروح الروح، وويَّا القدر، وغلابة في الحب، والحب شاطر، ومحتجالك، وزمن العجايب، ودول مش حبايب، وفرحة رجوعك يا لبنان، وما انتهاش الشوق، وخلاص ما بقتش توحشني، وصياد الطيور)، أما أغنية «معالم الطريق» لم يغنها جورج وسوف إلا بعد مرور 25 سنة، لتحقق انتشاراً واسعاً يعوض عن غياب وتأخر كل سنة، والجدير بالذكر أنه في موسيقاه لم ينس طباع وأصالة الرجل الشرقي، فقد تميزت ألحانه دائماً بالطابع الشرقي، كما صرح الناقدون أن (شاكر الموجي) هو أفضل من لحن لـ"جورج وسوف" على الإطلاق ودون أي جدال، وهكذا استمر هذا الحال، إلى أن وافته المنية في عام 2021 بعد مرض عضال.