السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

محمد بن راشد .. مدرسة عالمية

محمد بن راشد .. مدرسة عالمية
لا يمكن تخيل أي حضارة دون شخصيات استثنائية، شخصيات قيادية، ترسي قيمها وتصوغ فكرها وتصنع رؤاها ومبادئها، إن الحضارات الإنسانية تقوم على شخصيات وقيم ومبادئ ورؤى وفكر.

أعطتنا الحضارة اليونانية شخصيات مثل أرسطو وأفلاطون وسقراط وغيرهم ممن صنعوا المزاج الفكري والعلمي والإنساني. وحين نتحدث عن الحضارة الصينية القديمة، فإن أول ما يخطر في الذهن كونفوشيوس، المعلِّم والفيلسوف، الذي شكّلت تعاليمه ما يشبه «مدونة السلوك الأخلاقي» لأمة بأكملها. ولا يمكن تخيل الحضارة المصرية والتاريخ المصري بدون قادة أمثال الملك مينا موحد القطرين، والملك رمسيس الثاني، ومحمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة. وهناك الحضارة الإسلامية التي بات علماء المسلمين وحكماؤها وقادتها رموزاً نهضوية عالمية أمثال هارون الرشيد والمأمون وابن سينا والخوارزمي وابن رشد.

وفي التاريخ الحديث، قامت أمم عظمى مثل الولايات المتحدة على رجال عظام، أمثال إبراهام لينكون، وجورج واشنطن، وفرانكلين دي روزفلت. ولا نستطيع أن نغفل شخصية ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني والمفكر والفيلسوف، الذي يضعه التاريخ في كفة، وتاريخ بريطانيا العظمى كله في كفة أخرى!


إن الحضارات ليست بنياناً، وليست مدناً وبلدات، وليست صروحاً ومشاريع فقط، بل هي القادة والحكماء والرجال الذين يقفون وراءها. الحضارات هي الشخصيات التي لديها فكر ورؤية ورسالة تسعى من خلالها إلى ازدهار البشرية ونمائها واستقرارها؛ الحضارات هي منظومة قيمية وفكرية وإنسانية في الأساس، وأولئك من يسعون إلى ترسيخ هذه المنظومة هم عصب الحضارة.


واليوم نحن بحاجة إلى ترسيخ هذه المنظومات من سير القادة عندنا، سيرة الشيخ زايد، رحمه الله، والشيخ راشد بن سعيد، والشيخ محمد بن راشد، والشيخ محمد بن زايد، وغيرهم. إن الأجيال بحاجة إلى قدوات، وإذا لم نقدم لهم نحن القدوات، فسوف يقدم لهم العالم نماذج لا تمثلنا ولا تمثل قيمنا التي هي امتداد للقيم الإنسانية الأصيلة.

إن أبناء المنطقة بحاجة إلى التعلم من قادة ناجحين، وإذا لم نقدم لهم نماذجنا الناجحة فقد يتبنون نماذج غريبة عن وطننا العربي.

نحن بصفتنا إماراتيين شعب متواضع، ولا نحب الحديث أو التفاخر، لكن في عالم اليوم، إذا لم تتحدث عن إنجازاتك وقياداتك فسيتحدث غيرك. لا بد أن تكون لدينا جهود وطنية حقيقية لترسيخ المنظومة الفكرية القيادية الإماراتية، وهذا جزء رئيس من منظومة الفكر العربي الحديث، والتاريخ العربي الحديث.

إن أهم ما تحتاج إليه منطقتنا اليوم قادة أصحاب تجارب قيادية وإدارية ناجحة، لأن ملايين الشباب سيلتفون حول سيرتهم، ويتعلقون بهم.

لدينا اليوم أهم تجربة تنموية ناجحة في العالم العربي، ممثلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولدينا قائد مثل الشيخ محمد بن راشد، أحد أعمدة التنمية في دولتنا الحديثة. على مدى عقود، تحولت تجربة محمد بن راشد إلى مدرسة فكرية في أصول الحكم والقيادة، وهي مدرسة تقوم على نهج ثابت وعلى منهج لا يتبع المعايير وإنما يضعها، ومن واجبنا أن نشارك رؤيته وحكمته مع الآخرين.

لدينا ثروة هنا، ثروة هي الأعظم في المنطقة العربية، هي قيادة بحجم محمد بن راشد آل مكتوم، وهي ثروة يتعين أن نحافظ عليها، وأن ننميها والأهم أن نعمم تجربتها؛ نعم مدرسة محمد بن راشد، ومنظومة محمد بن راشد في الإدارة والقيادة؛ قيادة رفعت السقف للمنطقة كلها، وغيّرت نظرة العالم لنا، وأثبتت لمئات الملايين من الشعوب أننا قادرون على صنع المعجزات.

محمد بن عبدالله القرقاوي

وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل