الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

يوم في حياة البابا .. مع التواضع ذلك أفضل جداً

الرحمة هي الحل

كان اختيار البابا لاسم فرنسيس ليصبح اسمه الباباوي خطوة جريئة للغاية، فالبابا الحالي هو أول بابا من عهد البابا لاندو الذي توفي عام 914، لا يختار اسماً استعمله أي بابا سابق، فضلاً عن ذلك فإن سيرة القديس الأسيزي تحكي نهج حياة كامل اختاره البابا الحالي، حيث ترك فرنسيس الأسيزي ملذات الدنيا تماماً، وأعلن الزهد ومغادرة حياة الترف، داعياً إلى التركيز على مساعدة الفقراء والمرضى، وإعادة بناء الكنيسة.

ودافع الأسيزي طوال حياته عن أفكار السلام والتسامح، وحب الطبيعة، على الرغم من أن العالم في عصره كان يعلي لغة القوة والحرب ويتعامل باستخفاف مع دعوات السلام والرحمة، وهي اللفتة التي علقت عليها وسائل الإعلام الدولية، مثل صحيفة التليغراف البريطانية التي اعتبرت اختيار الاسم «تعبيراً حقيقياً عن البساطة والرحمة التي يتحلى بها البابا الجديد».


بعيداً عن «البهرجة»


لم يكن الاسم الباباوي هو فقط ما لفت الانتباه إلى أن هذا البابا مختلف عن أسلافه، فرغم أنه فعلياً ورسمياً، من لحظة اختياره، أصبح قائداً للفاتيكان، إلا أنه رفض نقل مقر إقامته إلى القصر الباباوي الفخم، مفضلاً أن يسكن في غرفة المغتربين في «سانت مرتا»، وهي الغرفة ذاتها التي أقام فيها خلال الانتخابات البابوية حين قدم إلى الفاتيكان من الأرجنتين.

قرار البقاء في غرفة الزوار المتواضعة مقابل القصر الباباوي، تبعه البابا بإصدار أوامره إلى حرس الشرف، أن يذهبوا ليستريحوا بدلاً من البقاء متيقظين أمام غرفته البسيطة، وهو التصرف الذي أثار دهشة الجميع من مساعدين وحراس واعتبر بعضهم أن «البابا الجديد .. جديد بالكامل، يتحرك بناء على ضمير يقظ، ويقدم الرحمة والتسامح فوق كل شيء».

كاهن في ثياب البابا

يشرح أحد مساعدي البابا فرنسيس لـ «الرؤية» أن البابا طلب البقاء في الغرفة التي تتكون من سرير بسيط ومنضدة صغيرة وكرسي، مستغنياً عن الرفاهيات في القصر الرئاسي الباباوي، بل وعدل في البروتوكول الرسمي في الفاتيكان، حيث أمر بإزالة الكرسي المذهب المخصص للبابا، كما رفض ارتداء الصليب المذهب واحتفظ بصليبه المعدني المتواضع».

ويضيف مساعد البابا فرنسيس، ملمحاً آخر عن الرجل الذي يدير الفاتيكان: «البابا فرنسيس يرتدي تحت ملابسه الزي الكهنوتي الأسود، هذه كانت مفاجأة لنا جميعاً»، ويتابع المساعد «البابا يشرح دائماً سبب ارتداء الزي الكهنوتي أسفل الزي الباباوي، باعتبار أنه لا يمكن أن ينسى أصله ككاهن يعمل لصالح الناس طوال عمره».

صديق الأطفال والمرضى

ليس الزي والإقامة فقط هما العلامات البارزة في حياة البابا المتواضع، وفقاً لمساعده، إذ يرفض البابا فرنسيس بشكلٍ قاطع ارتداء الأحذية الحمراء، التي كان يرتديها بعض الباباوات السابقين، والمشهورة بجودتها، ويقول لمساعديه «هذه وسائل ترفيهية لا أحتاج إليها».

ويصر البابا علي إقامة قداس يومياً في الكنيسة الصغيرة الموجودة بسانت مرتا - إحدي مباني الفاتيكان - بل ويستقبل الزيارات التي ترحب به من كل دول العالم، كما يطالب مساعديه بإحضار المرضى وأصحاب الهمم إلي الكنيسة من أجل الصلاة معهم، ويذكر مساعده أنه منذ تولي البابا المسؤولية وهو يأمر الجميع بتخصيص مقاعد في الصفوف الأولي للمرضى وأصحاب الهمم، كما يذهب في الليل إلى الملاجئ والمستشفيات لتفقد أحوالهم.

ويتابع مساعد البابا: «عادة ما يطلب البابا من سائقه الخاص التوقف في الطريق لتحية الأطفال أو المرضى، ويطلب منهم أن يصلوا لأجله».

الفقراء أولاً

«طالب البابا ببيع جميع السيارات الفارهة لتوزيع أموالها على الفقراء واحتفظ فقط بالسيارة البابوية المكشوفة لكي يتمكن من تحية الشعب»، بهذه العبارة استهل السائق الخاص للبابا مورايتسيو حديثه لـ «الرؤية»، موضحاً أن البابا رفض بشكل قاطع ركوب السيارات الزجاجية والسيارات الفارهة لأنه يرى أن البابا يجب أن يكون بسيطاً.

ويقول ماوريتسيو: «البابا يأمرني دائماً بالتوقف من أجل تحية الأطفال والمرضى، وخلال زيارته الخارجية أيضاً يصر على مصافحة الجميع، بل ويصر على ركوب السيارات البسيطة».

وأكد ماوريتسيو أن البابا «يوجه الشكر يومياً للعمال والمقربين منه على جهدهم وتعبهم، ودائماً ما يقدم لنا الحلوى والبركة البابوية، وهو الأمر الذي يشعر الجميع بالفخر لأننا نعمل معه».

ويشير السائق الخاص للبابا فرنسيس إلى أن جميع البابوات السابقين كانوا يستقلون السيارات المغلقة بسبب ما حدث للبابا يوحنا بولس الثاني في فترة الثمانيات بعد محاولة اغتياله من التركي علي أغا وقتها، لكن البابا فرنسيس يريد أن يكون قريباً من الشعب ويكرر جولته في ساحة كنيسة القديس بطرس لتحية الآلاف الذين يحضرون عظة الأربعاء.

وخلال إحدى جولات البابا الخارجية، سقطت حارسة خلال مرور موكبه وأمر السائق على الفور بالتوقف من أجل الاطمئنان عليها وبقي بجانبها حتي جاء الإسعاف.رفض السكن في «القصر الباباوي» وفضّل غرفة للمغتربينإعداد: فادي فرنسيس

«إنه يكسر البروتوكول حقاً»، كانت هذه هي العبارة الأكثر تداولاً عن البابا فرانسيس منذ اليوم الأول لانتخابه في 2013، وربما تكون هذه العبارة هي الطريق الرئيس الذي اختاره الرجل المتواضع ليعلن استراتيجيته الجديدة أمام أتباعه وأمام العالم في الوقت نفسه.

منذ اللحظة الأولى، قرر البابا فرنسيس كسر القواعد البروتوكولية الثابتة لمئات السنين داخل الكنيسة الكاثوليكية، إذ أصر في البداية علي اختيار اسم فرنسيس، وهو اسم القديس الإيطالي فرنسيس الأسيزي الذي عاش فقيراً في ميدي أسيزي الإيطالية قبل نحو ثمانية قرون. فلماذا بدا الاسم غريباً في الفاتيكان؟