الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

البيانات عصب الاقتصاد الحديث

جورج إبراهيم ـ دبي

تنتهي وزارة المالية الإماراتية قريباً من إعداد مشروع قانون اتحادي لحماية البيانات والمعلومات الشخصية في المعاملات المالية، بما يطابق المعايير الدولية الحديثة، وذلك وفقاً لما أعلنه وزير الدولة للشؤون المالية عبيد حميد الطاير، خلال افتتاحه منتدى المالية العامة في الدول العربية والذي انطلقت أعماله أمس في دبي ضمن القمة العالمية للحكومات.

ومن جهة أخرى تعمل الإمارات على إعداد سجل لتقييم المخاطر المالية بشكل استباقي لتكون أول دولة على مستوى المنطقة العربية تعد هذا المشروع.


وشدد الطاير في كلمته الافتتاحية للدورة الرابعة من منتدى المالية العامة في الدول العربية، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ووزارة المالية، على أهمية البيانات كعصب الاقتصاد الحديث، مشيراً لجهود وزارة المالية الإماراتية في هذا الصدد.


وبين أن القانون الجديد للبيانات من شأنه أن يعزز من اندماج اقتصاد الدولة في الاقتصاد العالمي، ودعم النشاطات المتعلقة بنظم الدفع الإلكتروني والخدمات المالية بمختلف أنواعها، ما يسهل حركة رؤوس الأموال، ويكرس الدولة كمركز استثماري جاذب.

وتحدث الطاير عن الأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية، منوهاً بأن الأشهر القليلة الماضية شهدت مؤشرات على تباطؤ النمو العالمي، وتقلبات متزايدة في الأسواق المالية وأسعار النفط، ما فاقم معدلات عدم اليقين بشأن توقعات النمو العالمي، فضلاً عن مخاطر أخرى شملت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والارتباك الحاصل بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، إضافة إلى تشديد أوضاع المالية العامة، والعوامل الجيوسياسية في المنطقة.

وتطرق إلى تعثّر المفاوضات التجارية الأمريكية الصينية، مؤكداً أن الدول العربية شريك تجاري وثيق للجانبين، وأنها حريصة على ألا تتأثر هذه الشراكة نتيجة لهذا الوضع.

وحذّر من استمرار بعض الدول في تبني سياسة الحمائية، كونها ستؤدي إلى المزيد من الضغط على التدفقات التجارية العالمية.

وعن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أوضح وزير الدولة للشؤون المالية أن ذلك يمكن أن يمثل فرصاً عديدة بالنسبة للدول العربية، لا سيما بالنسبة لشروط الاستثمار، وتحسين المركز التفاوضي التجاري مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، مؤكداً ضرورة الانتباه إلى تلافي الآثار غير المرغوبة مثل انخفاض الاستثمارات البريطانية في المنطقة العربية، وتدني مستوى السياحة البريطانية والواردات البريطانية من الخارج.

وشدد على أهمية امتلاك الدول لقطاع خاص قوي بما له من دور في تعزيز الإنتاجية، والقدرة التنافسية وروح المبادرة، علاوة على الاستثمار في رفع مستوى التعليم والمهارات، ما يستدعي تحفيز هذا القطاع وتفادي مزاحمة القطاع العام له، لتجنب التضخم والترهل في الأجهزة الحكومية، بما يشكله ذلك من ضغط على المالية العامة والاستدامة المالية. وأكد أن ذلك يأتي في إطار نظام ضريبي عادل، يتسم بالنزاهة والبساطة، في الوقت الذي يلبي فيه الموارد اللازمة، للوفاء بالالتزامات الاقتصادية والمجتمعية، ولا يؤثر في الشرائح ذات الدخل المحدود.

وأشار إلى أهمية الجهود التي بذلها صندوق النقد العربي، ومحافظو البنوك المركزية ووزراء المالية، في إطلاق نظام المقاصة العربية، الذي تم اعتماده في أبريل 2018، بما له من أثر إيجابي في مقاصة وتسوية المدفوعات العربية البينية.

من جانبه أشار وكيل وزارة المالية يونس حاجي خوري، إلى اتفاق الإمارات مع صندوق النقد الدولي للسعي إلى توفير البيانات الخاصة بسجل تقييم المخاطر المالية، لتكون أول دولة على مستوى المنطقة العربية تعد هذا المشروع.

وأوضح أن إعداد السجل يسهم في وضع حلول جذرية لأي أمور سلبية تقع على المستوى الاقتصادي، مؤكداً أنه لا يتوقع أي تأثير سلبي في الاقتصاد.

ولفت إلى أن هذه التجربة تطبقها الدول المتقدمة والمتطورة حالياً. وتمنى أن تخوض الدول العربية الأخرى بالمنطقة نفس التجربة التي تسعى الدولة إلى تطبيقها حالياً.

وأكد أن الاجتماع الأخير مع بعثة صندوق النقد الدولي في يناير الماضي ناقش شكل سجل تقييم المخاطر المالية والبيانات التي يتطلبها بناء ذلك السجل بشكل عام، لافتاً إلى أن كل سجل يكون دوره رقابياً تعرف الدولة من خلاله درجة المخاطر الاقتصادية ويتم وضعها في قوائم متوسطة وكبيرة.

وأشار إلى أن كل إمارة في الدولة ملزمة بتطبيقه، وسيكون ذلك على مدى بين تسعة شهور إلى 12 شهراً من بداية المشروع.

وحول حصيلة ضريبة القيمة المضافة في الدولة بعد عام من تطبيقها، أشار إلى أن الوزارة لا تزال بانتظار الحسابات الختامية من الهيئة الاتحادية للضرائب ومن ثم صدور قرار حكومي بتحويلها لحسابات ميزانيات الإمارات في الدولة.

وعن إضافة عدد من السلع إلى قائمة الضريبة الانتقائية أشار إلى أنه يتم التعاون مع الجانب السعودي، إذ تم إرسال فريق فني لبحث هذا الشأن مع المملكة ولكن هذا الأمر ما زال قيد الدراسة، مشيراً إلى أن الفريق اجتمع مع الفريق السعودي منذ ثلاثة أسابيع تقريباً.

وأشار إلى أن وزارة المالية بصدد إنجاز عدة قوانين جديدة ومنها مراجعة قانون المالية، وإصدار قانون حماية البيانات، موضحاً أن القانون الأخير يأتي في إطار حماية بيانات غير الإماراتيين ووضع أطر لكيفية استبدالها مع دولهم التي تطلب تلك البيانات، لافتاً إلى أنه تم الانتهاء من المسودة الأولية للقانون وفي انتظار الرد من جميع الإمارات بالدولة بشأن هذا القانون.انطلاق الدورة الرابعة لمنتدى المالية العامة في الدول العربية

الطاير: القانون الجديد للبيانات يعزز اندماج الدولة في الاقتصاد العالميلاغارد: دبي مدينة الغد

بدورها أشادت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لافتة إلى أنها رؤية كبيرة تحفز على التحلي بالشجاعة للمضي في خطط التنمية والتطوير.

ووصفت في كلمتها في الجلسة الافتتاحية دبي بـ «مدينة الغد» لكونها تسعى لتحقيق رؤية غد أفضل، مبني على ركائز من الثقة في سياسة الحكومة الهادفة إلى تحقيق الصالح العام وضمان الرخاء المشترك بين الجميع، ويعود بالنفع على المواطنين والمقيمين على حد سواء، والفرص المفتوحة للجميع، دون تفرقة بين الرجال والنساء، وتغليب العدالة.

وأوضحت أن الصندوق يتوقع أن تصل نسبة النمو العالمي إلى 3.5 في المئة هذا العام، بانخفاض قدره 0.2 في المئة عن توقعات أكتوبر الماضي.

ولفتت إلى أن الإمارات والسعودية والكويت ومصر وعدداً من دول المنطقة تبذل جهوداً طيبة في مجال تعزيز أطر ماليتها العامة، منوهة بما تقوم به الإمارات في هذا المجال من جهود التطوير ومن بينها إطلاق الدولة هذا العام اختبارها الأول لقياس تحمل الضغوط على المالية العامة، ما سيسهم في تعزيز إطار المالية العامة فيها.

من جهته أشار المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، إلى بدء ظهور الآثار الإيجابية لبرامج الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها بعض الدول العربية، لافتاً إلى أن توقعات صندوق النقد العربي لمعدل النمو للدول العربية كمجموعة يبلغ نحو 2.3 في المئة، وثلاثة في المئة خلال عامي 2018 و2019 على التوالي، إذ يقدر أن تستفيد الاقتصادات العربية إيجاباً من الارتفاع في مستويات الطلب الخارجي العالمي، لا سيما لدى أبرز الشركاء التجاريين للدول العربية مُمثلاً في مجموعة الدول الآسيوية.

وناقشت الجلسة الثانية الأطر والقواعد المالية ودورها في معالجة التحديات التي تواجهها المنطقة. وأكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن هناك تفاوتاً كبيراً بين مستوى نمو اقتصادات الدول العربية وبين حجم الدين الخارجي، وهو ما يزيد عجز الميزانيات وارتفاع نسبة البطالة وتقليص عدد الفرص الوظيفية، والتأثير في الميزان الخارجي، ما يدعو إلى العمل على إدخال مزيد من الإصلاحات وتشجيع الدول العربية على اتخاذ مجموعة من التدابير لتحسين السياسات المالية العامة.

وأشار إلى حاجة بعض الدول لزيادة الإيرادات الضريبية والعمل على تخفيض إعفاءات الشركات، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ وتوسيع القاعدة الضريبية حتى تتمكن الحكومات من توزيع أكثر عدالة للعبء الضريبي، وهو ما يتطلب اعتماد الأنظمة التكنولوجية لتحسين نوعية الخدمات المالية، بما يسهم في تعزيز ثقة المواطن في الحكومات، وتحسين مؤشرات الشفافية الاقتصادية ومن ثم جذب مزيد من الاستثمارات.