الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

اكتئاب وتمييز وانتهاكات.. حياة الملايين من عمال الصرف الصحي «مهددة بالخطر»

اكتئاب وتمييز وانتهاكات.. حياة الملايين من عمال الصرف الصحي «مهددة بالخطر»
توفر القوى العاملة في مجال الصرف الصحي خدمة عامة أساسية لمليارات البشر حول العالم، ومع ذلك؛ فإن الجهود المبذولة لتحسين صحة وجودة حياة البشر في جميع أنحاء العالم تتجاهل غالباً تقييم صحة عمال خدمات الصرف الصحي، على الرغم من كونهم حجر الزاوية لتحقيق الأهداف العالمية الطموحة في جودة تلك الخدمات.

وكشف تقرير صدر الخميس عن منظمة الصحة العالمية وجود كارثة تُهدد حياة الملايين من هؤلاء العمال، مشيراً إلى حالات إجبار لهؤلاء العمال على العمل في ظروف تُعرض صحتهم وحياتهم للخطر، وتنتهك كرامتهم وحقوقهم الإنسانية.

وقال التقرير، الذي استند على 9 دراسات ميدانية أجريت في معظم دول العالم النامي، إن عمال الصرف الصحي الذين يُقدمون خدمة أساسية لحماية صحة الإنسان غالباً ما يكونون الأكثر تهميشاً وفقراً ويُعانون من التمييز ويؤدون وظائفهم من دون معدات سلامة أو حماية أو حقوق قانونية.


ويُعد المبدأ الأساسي في أي عمل «عدم الإضرار»، بمعنى أن القيام بالعمل يجب ألا يتسبب في ضرر صحي يقع على العمال، إلا أن العمال في مجال الصرف الصحي يعرّضون صحتهم لمخاطر كبيرة، على حد قول مديرة إدارة الصحة العامة والبيئة بمنظمة الصحة العالمية، الدكتورة ماريا نيرا، التي تُشير إلى أن «ظروف العمل في مجال الصرف الصحي قاسية وخطرة على صحة هؤلاء العمال».


وأكدت ماريا في تصريحات نقلها بيان صحافي تلقت «الرؤية» نسخة منه أن ذلك الأمر «غير مقبول على الإطلاق»، إذ يجب على المجتمعات المختلفة تحسين ظروف العمل لهؤلاء الأشخاص وتعزيز القوى العاملة في مجال الصرف الصحي للتمكن من تلبية الأهداف العالمية للمياه والصرف الصحي».

وشارك في التقرير كل من البنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، لرصد المحن التي يتعرض لها عمال الصرف الصحي في العالم النامي لرفع الوعي بظروف العمل غير الإنسانية والضغط من أجل تغييرها.

وتعد تلك الدراسة العالمية الأكثر شمولاً حتى الآن حول تلك القضية.

ويؤدي سوء أنظمة الصرف الصحي إلى ما يصل إلى نحو 432 ألف حالة وفاة سنوياً، ويرتبط بنقل مجموعة واسعة من الأمراض كالكوليرا والدوسنتاريا و التيفوئيد والتهاب الكبد الوبائي وشلل الأطفال.

وقال التقرير إن العمال المقصودين بتلك الدراسة هم هؤلاء الأشخاص الذين يعملون في وظائف من ضمنها تنظيف المراحيض والحفر وتفريغ خزانات الصرف الصحي وتنظيف المجاري وغرف التفتيش وتشغيل محطات الضخ ومحطات المعالجة، وهم عمال يصف التقرير دورهم «بالقيم»، إذ يُسهمون في تحسين صحة ورفاهية السكان في جميع أنحاء العالم «في الوقت الذي يُعانون هم أنفسهم من انعدام الحق في الحصول على وسائل أمان تحفظ صحتهم».

وتجب معالجة النفايات بشكل صحيح قبل التخلص منها أو استخدامها، ومع ذلك فإن العمال غالباً ما يكونون على اتصال مباشر بالنفايات البشرية، إذ يعملون بدون معدات أو حماية لإزالتها باليد، الأمر الذي يُعرضهم لقائمة طويلة من المخاطر الصحية والأمراض.

ويقول التقرير إن العمل في ذلك المجال في الغالب يكون بصورة غير رسمية، وبالتالي «لا يستفيد العمال من أي حقوق أو حماية اجتماعية»، كما أن أجورهم قد لا تكون متسقة مع الجهد المبذول في ذلك العمل، فضلاً عن أن عمال الصرف الصحي غالباً ما يتعرضون لـ «الوصم الاجتماعي» وهو الأمر الذي يسيء لصحتهم النفسية ويزيد من أعبائهم وقد يُصيبهم بنوع من الاكتئاب أو القلق المرضي.

ويسلط التقرير الضوء على أمثلة للممارسات الجيدة، حيث تم الاعتراف رسمياً بأعمال الصرف الصحي وإضفاء الطابع الحكومي عليها في عدة دول.

كما يُحدد التقرير 4 مجالات عمل رئيسة يجب أن يتم التخطيط لها على المستوى الدولي.

تشمل تلك المجالات إصلاح السياسات والتشريعات المنظمة لعمل العمال في مجال الصرف الصحي، وتطوير وتبني إرشادات تشغيليه لهم، وتمكينهم من المطالبة بحقوقهم، وتعزيز الممارسات الجيدة في مجال الصرف الصحي.

وتقول منظمة الصحة العالمية إنها ستساعد في تعزيز القدرات الوطنية التي تضمن تحقيق الهدف من مجالات العمل الأربعة، مع التركيز على ضمان إدراج حماية عمال الصرف الصحي في السياسات الوطنية، وتقييم مخاطر العمل في ذلك المجال، وتمكين إدارتها على المستوي المحلي.

وتشير المنظمة إلى أنها ستتعامل مع مجموعة من الشركاء لتحديد العبء المرضي الناجم عن العمل في مجال الصرف الصحي.

ويقول التقرير إن هناك العديد من التحديات التي يواجها عمال الصرف الصحي والنظافة، كما يُشير إلى «افتقار الحكومات في الدول النامية إلى الوسائل المالية والتقنية لرفع تلك التحديات».

سيحتاج العالم إلى العديد من عمال الصرف الصحي الذين يتمتعون بظروف عمل آمنة وصحية وكريمة، إذا ما أردنا تحقيق التنمية المستدامة وتوفير المياه النظيفة والمراحيض والحياة الصحية للجميع، إذ يقول التقرير إن «الصرف الصحي الآمن يجب أن يسير بموازاة بيئة عمل آمنة وكريمة لهؤلاء الذين يُديرون ويحافظون على خدمات الصرف الصحي التي تحمي صحتنا».