السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

"وفاء" أرملة مصرية يعيد فناناً تشكيلياً راحلاً إلى الواجهة



منذ أن كان عمرها 12 عاماً أحبت جيهان سلامة زوجها الفنان التشكيلي الراحل ناجي ميشيل شنبو الشهير بـ"تاد"، ولمدة 20 عاماً أحبته من طرف واحد، تتابعه في حفلات الكنيسة، تراه أحياناً في منطقة مصر الجديدة حيث يسكنان، كانت هي ابنة التاجر الكبير التي توافد عليها الخُطاب إلا أنها كانت ترفضهم جميعاً في انتظار فارس أحلامها حتى تزوجها تاد في بدايات 1990.

"
تاد" من رموز حركة الفن التشكيلي المعاصر في مصر، إذ عبر بريشته عن نبض الشارع المصري ومشكلاته على أغلفة مجلة "صباح الخير" وجريدة روز اليوسف.

تاد من مواليد 1946، شارك بريشته في مؤسسة روزا اليوسف منذ عام 1966 وشارك لمدة 10 سنوات كاملة برسوماته المتميزة في باب "نادي القلوب الوحيدة"، ولمدة 20 عاماً رسم لوحات باب "أنا والحياة".



حب ترجمته اللوحات

تقول جيهان سلامة: إن قصة حبها لتاد استمرت حتى بعد مماته فهو مازال حياً داخل قلبها، لذا فكرت في تنظيم معارض لعرض لوحاته، إيماناً منها بأن الفنان لا يفنى.

نظمت 11 معرضاً واختارت مناسباتهما الخاصة كتوقيت لها، ففي عيد ميلاده أو زواجهما أو لقائهما الأول كانت تعرض اللوحات الخاصة بـ"تاد" خصوصاً تلك المُفعمة بمشاعره تجاهها.



وتضيف "علاقتنا كانت مفعمة بالحياة لم أكن تلك الزوجة التي تحاصر زوجها، رعيت كونه فناناً لا يحب القيود، وراعى هو كوني أنثى لها من الدلال والحب ما لها".

اسكتشات عدة مازالت تحتفظ بها سلامة في مرسم تاد الخاص تحتفظ بها كما تحتفظ بمتعلقاته الشخصية، أقلامه، فوطته، وحامل الرسم بجواره وحذائه.

شقة بأحد البيوت القديمة بحي مصر الجديدة، مازالت تحمل بصمات تاد كما تحوي إبداعاته الفنية، لم تفكر هي يوماً في التصرف فيها، بل تزورها كثيراً من الأحيان لأنها تحمل جزءاً من روحه.

عدد كبير من اللوحات التي رسمها خصيصاً لها، وأخرى حملت معالم الحياة المصرية في مرحلة التسعينات وحتى وفاته.

وتردف سلامة "ما زلت أجد "تاد" في مرسمه، كان ودوداً وحساساً، كان طفولي كمعنى اسمه تماماً، فكان يكتب لي يومياً خطابات لمواقف جمعتنا، ومازالت تلك الخطابات تعزيني بعد وفاته".



الموت من عدم الوفاء

توفي تاد في عام 2007 بعد صراع مع المرض جراء حقنة ملوثة أقعدته في القصر العيني مدة 6 أشهر، تطلب الأمر إعطاءه عدداً من الحقن باهظة الثمن.

وعن تلك المرحلة في حياتهما تقول سلامة "رفضت مجلة صباح الخير استكمال علاجه على نفقتها رغم أنه أفنى عمره في بلاطها، توقف العلاج فساءت الحالة، ليتوفى في 2007".

وتستطرد "رغم رغبة الجميع في المساعدة إلا أنني رفضت ذلك رفضاً قاطعاً، صرفنا كل ما نملك على العلاج، وطلبت من الله أن يشفيه أو يريحه من آلامه، حباً فيه".

وتُكمل "حتى وفاته كان شديد الحزن بعد أن تخلى عنه جميع زملائه، حتى أن أحدهم قال له نصاً عندما طلبه تليفونياً ليعاتبه على عدم سؤاله فكان رده "الحب مش بالعافية"، تستطرد :"النكران والجحود عجلا بوفاته".



لن أتوقف

كما لم تتوقف جيهان عن حب تاد ساعية لتذكير الجميع به وبأعماله على صفحتها بـ"فيسبوك" فهي أيضاً تنظم المعارض السنوية لإحياء ذكراه، ورغم أنها لا تحقق أرباحاً كبيرة من تلك المعارض إلا أنها تتبرع بجزء منها للجمعيات الخيرية والمستشفيات، إكراماً له.

وتتمنى سلامة أن تنجح قريباً في تنظيم معرض يحوي تجاربه في الحب معها ومع خطيبته الأوروبية، خصوصاً مرحلة وفاة والدته، والتي تصفها بمرحلة "الإنتاج" السخي لتاد.

وتُنهي "أتمنى أن أجد دعماً من وزارة الثقافة في تنظيم معرض يحوي لوحات تاد التي لم تنشر بعد وهي كثيرة ومازال بعضها في حاجة تنظيم معرض وهو ما سيتكلف مبلغاً كبيراً لا أقدر عليه، وأتمنى أن تجد تلك اللوحات النور".