الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

معتقد مصري قديم يؤمن بتجول أرواح التوائم ليلاً في جسد قطة.. إليكم أغرب الحكايات

معتقد مصري قديم يؤمن بتجول أرواح التوائم ليلاً في جسد قطة.. إليكم أغرب الحكايات

كان المصريون القدماء يقدسون القطط ويرجع البعض معتقد تحول التوائم إلى قطط لتأثرهم بالحضارة الفرعونية.

صفاء الشبلي

لطالما زخر الفلكلور الشعبي بالقصص التي قد يراها البعض غريبة فيما يؤمن بها البعض الآخر. إحدى تلك القصص هي عن أرواح التوائم التي تتجسد ليلاً في شكل قطة بلا ذيل متجولة في الشوارع للبحث عن الطعام، ويبدو ذلك أمراً لا يصدق بالفعل.

ورغم أن رجال الدين أفتوا بأنها مجرد بدعة وخرافة، وقد وردت الفتوى في أكثر من موضع، إلا أن هناك من يؤمن بتلك الحكايات حد اليقين خاصة في صعيد مصر.



روح «تسرح»

من حين إلى آخر تظهر على سوشيال ميديا بعض الأسئلة حول هذا الأمر وتثيره مجدداً. لمياء صلاح السيد من كفر طبانة بمحافظة سوهاج في مصر تحكي لـ«الرؤية» عن أخيها إسلام الذي كانت روحه «تسرح» ليلاً في شكل قط لا ذيل له، متجولة في أنحاء القرية، حتى إن أهل القرية أطلقوا عليه لقب «القط» الذي مازال يحمله رغم كبر سنه.

وتقول لمياء: «لديّ شقيقان توأمان، أحدهما إسلام الذي يتجول في شكل قط، وكان يخبرنا عن أحداث في المنازل التي يزورها ليلاً، وهذا ما يؤكده أهلها في الصباح».

وتضيف أن شقيقها كان ينادي أمها وهو بشكل قط، وأن ذلك حدث أمامها مراراً وتكراراً، حتى إن الأم كانت تناديه عندما يهم بالقفز من مكان عالٍ، حتى لا يصيبه أذى.



مخاطر

وعن كيفية حماية أخيها من المخاطر، قالت إنهم يتجنبون إيقاظه حال نومه، حتى لا يموت فجأة، مع تخصيص غرفة نوم له بمفرده كي لا يزعجه أحد أثناء خروج روحه في هيئة قط، بينما جسده على السرير، وفي حال إيقاظه ستعجز الروح عن الدخول إلى الجسد مرة أخرى، وهذا يعني موته.

وتقسم أنه في أحد الأيام أكل سمكاً مسمماً لدى إحدى الجارات كانت قد وضعته لاصطياد فأر، ولكنه أكل منه ليستيقظ صباحاً في حالة قيء شديد «اصطحبناه إلى المشفى، ليخبرنا الطبيب أنه مصاب بالتسمم الشديد، من وقتها وجميع أهل القرية يعلمون بتحوله ليلاً، حتى إنهم يعرفون شكله كقط ويمنعون باقي القطط من أذيته».

وتذهب لمياء إلى أبعد من ذلك لتخبرنا أن إحدى جاراتها توفيت ابنتها التوأم بشكل مفاجئ، حينما دهستها سيارة مسرعة «وجدوا القطة ميتة على جانب الطريق، وعلامات الدهس واضحة عليها، ماتت القطة فماتت البنت».



وسائل شعبية

«أم البنات» مصرية من أسوان تحكي لـ«الرؤية» عن تحول ابنها التوأم إلى قط ليلاً، ورغم أنها قد سقته لبن الناقة إلا أنه يتحول ولا يتحول شقيقه.

وتضيف «لبن الناقة لا بد من أن يسقى للتوائم قبل مرور 40 يوماً على الولادة وإلا فسيتحول أحدهما أو كلاهما إلى قط».

أما شيرين محمود فتروي عن توأم البنات أنها منعت تحولهما إذ قامت بوزنهما ذهباً بعد الولادة بيومين، وتشدد على أنه إجراء يحدث مع التوائم حال ولادتها، حيث يتم الذهاب للصائغ الذي يقدمها كخدمة لأهل المنطقة.



دراسة وحيدة

كل ما سبق ليس ببعيد عن دراسة علمية قدمتها الدكتورة نهلة إمام الباحثة في الفلكلور والمعتقدات الشعبية في أكاديمية الفنون، وتقول إن هذا المعتقد من المعتقدات الكاسحة في صعيد مصر، كما أنه يسري في شمال السودان أيضاً حيث يسود اعتقاد بتحول التوائم إلى «كدايس» أو «قطط».

وطالبت إمام في دراستها بإلقاء الضوء على مثل تلك الظواهر، حيث تعتبر دراستها هي الوحيدة في هذا الشأن.

وتضيف الدراسة أن الطفل المتحول ينجذب أكثر لرائحة أنواع معينة من الطعام التي لابد أن يحصل على جزء منها وإلا وقع مريضاً.

ومن خصائص هذا الاعتقاد أن أحد الطفلين فقط هو الذي يتحول ليلاً، ويحاول إغراء توأمه بالخروج، إلا أنه قلما يفعل، ويقع على الأم دور كبير في إعداد الطعام الشهي للتوأم قبل النوم، والتشديد عليهما بعدم الخروج ليلاً.

ومعظم عينات الدراسة ذكروا أنهم يتحدثون لغة القطط، ويفهمون بعضهم البعض، حتى إن بعض التوائم يخططون للالتقاء ليلاً ويحددون لون القط الذي ستلبسه الروح، ويتجولون ليلاً في مجموعات تحوي ذكوراً وإناثاً بالطبع من القطط، على عكس المتبع في صعيد مصر.

شقاوة

السبب الاقتصادي وضعف الدخل المادي للأسرة من دوافع خروج الأطفال للبحث عن الطعام، لكن الأهالي بحسب الدراسة يصفون ذلك بأنه «شقاوة»، كما أن بعض رجال الدين يعتقدون بشدة في هذا المعتقد الشعبي ولا ينفونه، كما لا يفرقون في حدوثه بين مسلم أو مسيحي، ويتبنى الرجال والنساء المعتقد بالدرجة نفسها، كما لم يؤثر التعليم في تبني المعتقد أو رفضه إذ يتبناه المتعلمون وغيرهم على حد سواء.

وتسرد الدراسة عدداً من الشواهد لبيان صدق المعتقد من وجهة نظر أفراد العينة، كما تضع عدداً من الوسائل الاحترازية الواجب اتباعها حال ولادة توأم، مثل ضرورة إرضاع الطفل لبن ناقة غير مغشوش لمنع التحول، وإن كان لا يمنعه بشكل كامل بحسب المتحدثين، وختان الصبي من أحد أسباب المنع أيضاً.

وتقول الدراسة إن التوأم يظل «يسرح» ليلاً حتى يقرر التوقف عن ذلك، ولا يرتبط الأمر بسن معينة.



مجرد خرافة

دون أساس نصدق حكايات أمهاتنا في الصغر لأنهن المصدر الوحيد الذي نستقي منه معلوماتنا، وهذا ما يحدث بخصوص القصص المتداولة عن التوائم التي تتحول إلى قطط، حتى صارت تلك الخرافة حقيقية بالنسبة لهؤلاء، بحسب الصحافي أحمد صبحي.

صبحي واحد ممن صدقوا هذا المعتقد، وله تجربة مماثلة، وعنها يقول «لدي شقيقان توأمان وصوت بكائهما مساء يشبه مواء القطط، وكانت أمي تبادر بالقول إنهما تحولا إلى قطط، ولأنها مصدر المعلومات الوحيد كنت أصدقها، لكن الأمر لا يعتبر أكثر من خرافة صدقناها في صغرنا مثلما كنا نصدق حكايات النداهة وأمنا الغولة وغيرها من قصص الفلكلور الشعبي».

وأرجع صبحي هذا إلى تقديس المصري القديم للقطط، فكانت القطة رمزاً للتحول تأثراً بقصص القدماء، خصوصاً أن هذا المعتقد منتشر في صعيد مصر معقل الحضارة الفرعونية.