الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

أمل باقر.. أم ملهمة لفنان من أصحاب الهمم

كل أم هي قصة ملهمة بطريقة ما، حيث تحمل جانباً مشرقاً من مسيرتها في تربية أبنائها، وتمكينهم حتى يصلوا إلى بر الأمان، الإماراتية أمل باقر أو «أم فيصل»، هي أم لابنتين إحداهما موظفة في طيران الإمارات، والأخرى صاحبة مشروع «شي برجر»، وابنين أحدهما موظف بإحدى الجهات الحكومية بالدولة، والآخر عبد الله فنان تشكيلي، ولكنه ليس كأي فنان، فهو هبة من الله على حد تعبيرها كونه من أصحاب الهمم، ومصاب بطيف التوحد منذ مولده.

تعود أم فيصل إلى الوراء بذاكرتها في تربية عبدالله الذي مر على مولده 26 عاماً، فقالت: «ما زلت أذكر قصة عبدالله كالحلم، قبل 26 عاماً لم نكن نعرف عن التوحد الكثير، ولفت نظري أن عبدالله لم يتحدث حتى سن الرابعة، وكوني أماً لثلاثة أطفال قبله، انتابني القلق، فقد كان يستعيد عن الكلام بالإشارة بيده للأشياء من حوله، فأجبرته على الكلام بدلاً من الإشارة، مع التكرار والبحث والتواصل الجاد مع المعالجين اللغوين والنفسيين، بدأت حالته تتحسن، لدرجة أنني أستغرب كيف تمكنت من الوصول لهؤلاء الناس قبل 26 عاماً، علماً أن طرق البحث لم تكن يسيرة مثل اليوم».

وتابعت: «شخصته طبيبة نفسية في لندن بأنه مصاب بطيف التوحد، ونصحتني بأن أدخله في مدرسة غير مخصصة لأصحاب الهمم أو صعوبات التعلم، كي يندمج مع الأطفال الطبيعيين، فسجلته بمدرسة أبتاون مردف، وتخرج منها بالثانوية العامة، واستمررت طيلة تلك الفترة بزياراته المنتظمة لمعالج النطق، وملازمته بالمدرسة فأصبحت بمثابة المعلم الظل له، كما أنني اكتشفت موهبته بالرسم من عمر الرابعة، وكان يميل للرياضيات والكمبيوتر، لكنه لا يهوى القراءة والكتابة».

نقاط قوة

ولفتت أم فيصل إلى أن تقبل حالة عبدالله وعدم إخفائها عن الناس كان أهم طرق العلاج، حيث كانت تصطحبه في كل مشاويرها لجعله يندمج مع المجتمع، على الرغم من الإحراج الذي كان يسببه، لافتةً إلى أن التكرار والصبر والبال الطويل، وممارسة عقاب بسيط عند الحاجة، أهم نقاط القوة التي جعلتها توصل عبدالله للحالة التي هو عليها اليوم، فهو فنان تشكيلي شارك بعرض وبيع لوحاته بعدة معارض فنية بدبي، بعد أن انضم لمركز مواهب بدبي.

وأضافت: «فخورة جداً بأبنائي ومناصبهم الوظيفية، وفخورة باعتماد عبدالله على نفسه فيقود السيارة لوحده، ويذهب للمركز والنادي لوحده، ثم يزور أولاد أعمامه بمفرده كذلك، وأحمد الله كثيراً بأن تعبي في السنوات الماضية لم يذهب سُدىً، كما أن علاقته بأشقائه كانت شبه معدومة عدى شقيقته الوسطى، إلا أنها أخذت بالتحسن لاحقاً بعد انضمامه لمركز مواهب بدبي».

ابني بدلاً من التعليم

وفي ردها حول اهتمامها بتعليمها ومستقبلها الوظيفي، قالت: «أنهيت الثانوية العامة، وانضممت للجامعة الأمريكية بدبي لدراسة إدارة أعمال لمدة سنتين تقريباً، على الرغم من ميولي لدراسة علم النفس من أيام المدرسة، إلا أنني استغنيت عن دراستي من أجل عبدالله، وشعرت بأنه بحاجتي كي أكون جانبه، حيث كان حينها بالصف الرابع».

رمضان

أما دور أم فيصل في رمضان، فلا يقل أهمية عن دورها بمسيرة عبدالله طيلة هذه السنوات، فهي تحرص على شهر مميز بتحضيرها لهدايا خاصة لأحفادها الأربعة، الذين يزورونها بين الحين والآخر، ولكن مع ظروف كورونا، فيحرصون على التواصل عبر مكالمات الفيديو دون زيارات.

وقالت: «لا أستطيع تخيل حياتي بعيداً عنهم، ومهما كبروا ما زلت أعتبرهم صغاراً وبحاجة للرعاية والاهتمام، فمنذ بدء الحجر المنزلي وأنا أعيد وأكرر التنبيهات على التعقيم وغسل الأيدي، كما أنني أشعر بأن الحجر المنزلي شبيه برمضان من حيث تجمع جميع أبنائي بالبيت، والسهر معاً لمشاهدة الأفلام والمسلسلات، أما أيام رمضان فأحرص على متابعة رغبات أبنائي في رمضان، فأسألهم عن أنواع الأطباق والحلويات التي يريدونها كل يوم، وأطلب من الطباخ تحضيرها لهم».

وترد باقر على السؤال التقليدي، من الابن الأقرب لقلبها، قائلة: «لا أعتقد بأن هنالك فروقاً بقيمة أبنائي الأربعة في قلبي، فكلهم سواسية، والمقولة الشهيرة التي تقول بأن الأم تحب أبناء ابنها أكثر من أبنائها، لا أعتبرها صحيحة، وأعتقد بأن محبة أبنائي كما هي لم تقل بعد أن أصبحت جدة لأربعة أحفاد».