السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

اختصاصيون: «الخوف» من العودة إلى العمل علاجه التهيئة النفسية والاجتماعية

مع العودة التدريجية للعمل، أكد عدد من الاختصاصيين أن التهيئة النفسية والاجتماعية للموظفين العائدين لأعمالهم بعد فترة توقف، ضرورة حتى تخلصهم من أي مخاوف أو شكوك تحكم نظرتهم للأمور المختلفة خاصة بيئة العمل وما يعتريها من تعامل مع المراجعين والزملاء.

وشدد الاختصاصيون على أن النظر للأمور بإيجابية، والالتزام بالإجراءات الوقائية، والثقة بالإجراءات التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، كلها أمور تدعو للطمأنينة وتبعد أي خوف قد يعتري العائدين إلى وظائفهم.

وعي صحي

أشار خالد المصعبي، اختصاصي اجتماعي، إلى أن البقاء طويلاً في المنزل والخوف من الإصابة بعدوى كورونا بالتأكيد كانت مفزعة في البداية نظراً لانتشار شائعات كثيرة عن شكل الإصابة في بداية انتشار الوباء في الصين واستحالة الشفاء، إلا أن الوضع اليوم صار أقل وطأة بسبب الاهتمام الكبير من الدولة لعلاج الحالات المصابة، وارتفاع أرقام حالات الشفاء اليومي للمصابين، فضلاً عن زيادة الوعي حوله ومعرفة الفئات الأكثر تعرضاً للإصابة، وكيفية حماية كبار السن من حولنا، فضلاً عن شعور كل مواطن ومقيم أنه أولوية قصوى لدى الدولة التي تسعى بكل إمكانياتها لحمايته، وبالتالي هناك ثقة بأن العودة التدريجية ستكون بحسابات مضبوطة، واحترازات شديدة ليس على العاملين إلا اتباعها بدقة من أجل سير عجلة الحياة مرة أخرى.

الحالة المعنوية

من جانبه، قال معلم اللغة العربية أيمن النقيب، إن الأمر سيكون صعباً إلى حد ما، حيث سيشعر كل شخص أنه معرض للخطر، ولعل ذلك سيمثل دافعاً قوياً له لاتباع الإرشادات المصاحبة للعودة للعمل بدقة لكي يحمي نفسه وأسرته وزملائه، مشيراً إلى أن الجميع قد شعر بالملل من الجلوس في المنزل، وربما كان من الأفضل لهم نفسياً العودة للعمل ولو بشكل جزئي لرفع الحالة المعنوية للجميع، مع إيمان الجميع بأنه «لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».

عامل مطمئن

وتستبعد رانيا سالم، معلمة، أن يصل الأمر إلى مستوى الفوبيا لدى العاملين لارتفاع الوعي لديهم، مؤكدة أن العودة للعمل باتت رغبة كامنة لدى الجميع للخروج من المنزل والمشاركة في فعاليات المجتمع وأنشطته ولو بشكل مقيد، ومع اتخاذ كل التدابير الوقائية الموصي بها، موضحة أن الأرقام العالمية تشير إلى تراجع حدة الفيروس، ويحدو الجميع الأمل في اختفائه بحلول الصيف كأي فيروس شتوي، فضلاً عن أن السعي الحثيث للوصول إلى دواء ولقاح للمرض وقرب حدوث ذلك يعد أيضاً عاملاً مطمئناً.

التباعد الاجتماعي

وأكد طارق البلوشي، موظف، أن العودة للعمل بشكل مرحلي باتت ضرورة وإن كانت محاطة ببعض القلق من جانب العاملين بكافة القطاعات بعد أن ارتفع الوعي بأن أفضل أساليب محاربة الوباء هو التباعد الاجتماعي، منوهاً بأن ذلك لا بُدَّ أن يحدث شئناً أم أبينا للحفاظ على استمرار عجلة الاقتصاد أو للحفاظ على الصحة النفسية لأفراد المجتمع

وتابع: "أن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، والحجر المنزلي الطويل يمكن أن يصيبه بأمراض نفسية أو حالات اكتئاب أو غيرها، منوهاً بأن الحكومة الرشيدة تدير الأزمة بشكل ممتاز، وحينما تقرر عودة الحياة لطبيعتها بشكل جزئي والتقليل من الإجراءات الاحترازية من أجل الصالح العام، فهناك ثقة من الجميع بقراراتها، وتجب هنا الطاعة مع اتخاذ كافة التدابير الشخصية الاحترازية في البقاء على مسافة من كل شخص في مكان العمل، والتعقيم المستمر، وغسيل الأيدي باستمرار، وغيرها من إجراءات مهمة حتى ينتهي الدوام".

نظرة إيجابية

شدد المستشار القانوني الدكتور حسن المرزوقي، الأستاذ بكلية القانون بجامعة الإمارات سابقاً، على ضرورة توفر برامج أو جلسات نفسية مجانية للعاملين في الدوائر والهيئات الحكومية والخاصة، تهدف إلى توعية العاملين بأساليب تنفيذ الأعمال على أكمل وجه، مع مراعاة كافة إجراءات التباعد الاجتماعي كإجراء احترازي لمواجهة انتشار جائحة كورونا، فضلاً عن الاستماع إلى مخاوفهم وتقديم النصيحة بكيفية التعامل مع الضغوط والتحديات النفسية والاجتماعية التي تواجههم، والدعم المعنوي لجميع الموظفين في ظل الظروف الراهنة.

وأضاف أن أي خطوة يتخذها الإنسان بشكل عام لا بُدَّ أن تسبقها تهيئة نفسية ودافع أو حافز يجعله مستعداً للتعاطي معه ومع كل الأحداث بمنطقية، داعياً إلى ضرورة النظر إلى الجوانب الإيجابية باستمرار بحسب القاعدة الربانية: «وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون»، محذراً من الاستسلام لمشاعر الهلع من فيروس كورونا الجديد

وحث على الالتزام بالإجراءات الوقائية بهدوء، وبالثقة في الإجراءات التي تتخذها الدولة للحماية من الإصابة، والتداوي منه كذلك، فضلاً عن الأبحاث التي لا تهدأ من أجل العثور على وسائل مبتكرة لعلاجه بشكل أسرع، فضلاً عن الثقة في القدرات البشرية والإمكانات المادية التي تتمتع بها الدولة لمواجهة أي مخاطر صحية عند الخروج للعمل.

بث الطمأنينة

وأكد الدكتور عبدالحميد مروان استشاري الصحة النفسية، ضرورة التهيئة النفسية والاجتماعية لأفراد المجتمع جنباً إلى جنب مع التوعية الصحية، من خلال توفر عيادة للاستشارات النفسية بمقار العمل، وطمأنة العاملين بسرية الجلسات أو المكالمات التي يتم التواصل معهم من خلالها وخصوصيتها لبث الطمأنينة داخلهم.

وأشار إلى أن التهيئة للعودة للحياة الطبيعية بعد إجراءات الحجر الطويلة تشمل التحلي بالاتزان الانفعالي والهدوء والثقة بالنفس، وبما لدى الدولة من قدرات بشرية وإمكانات صحية، وبالتالي النظر للفيروس بوصفه مرضاً عادياً، له معدل ارتفاع وانخفاض، كغيره من الفيروسات، وبوصفه موجة عارضة نستطيع التغلب عليها.

وأوضح أن ذلك التوجه العام بتهيئة المجتمع بالتعايش مع الوضع الراهن بوعي كبير يرتكز على عدة محاور تشمل: تعزيز الوعي المؤسسي بأهمية الصحة المعنوية والنفسية للموظفين، والتأكيد على قيم المواءمة بين الأهداف المؤسسية والوظيفية والطموحات الشخصية، فضلاً عن تمكين الموظف من الموازنة بين العمل والحياة الاجتماعية، علاوة على خلق التوازن المطلوب لدى الموظفين فكرياً وجسدياً وعاطفياً.

وتابع أن ذلك سيكون له بالغ الأثر على الصحة النفسية للعاملين وإزالة أي هواجس أو مخاوف أو فهم خاطئ للأمور، وما ينجم عنها من قلق أو توتر أو أعراض عضوية مثل العسر الهضم والإمساك والأرق، وربما ارتفاع ضغط الدم وغيرها.

ودعا مروان الجميع إلى التسلح بالوعي الصحي والتهيئة للتعامل مع هذا الواقع المفروض على مستوى العالم، واتخاذ التدابير الاحترازية والوقائية، مؤكداً أن المعرفة العلمية تساعد الإنسان على التعقل، والتخفيف من حدة التوتر، وتجنب الهلع غير المبرر، خاصة في ظل توفر وسائل الوقاية.