الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«مناعة شبه فطرية».. التطعيم الثلاثي يخفض احتمالية الموت بـ«كوفيد-19»

قالت دراسة نُشرت حديثاً في دورية الجمعية الأمريكية للأمراض البيولوجية، إن التطعيم الثلاثي يُمكن أن يكون بمثابة إجراء وقائي لتخفيف الالتهاب الناجم عن الإصابة بعدوى كورونا المستجد.

والتطعيم الثلاثي نوع من التطعيمات الخاصة بـ3 أنواع من العدوى الفيروسية: الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية. يُعطى في الغالب للأطفال عند عمر عام واحد، ويمنع الإصابة بالأمراض الـ3 عن طريق تحفيز الجهاز المناعي في الجسم لإنتاج الأجسام المضادة.

وأشار الخبراء في تلك الدراسة، أن ذلك اللقاح الموهن «يبدو وكأن له بعض الفوائد غير المحددة، بالإضافة إلى فائدته بالنسبة للممرضات المستهدفة».

وقال رئيس قسم البيولوجيا وعلوم الأحياء الدقيقة في كلية تولين البحثية الأمريكية، مايري نوفر، «إن التطعيم الثلاثي قد لا يكون فعالاً لمنع الإصابة والعدوى كما نوقش سابقاً، وإنما يمنع تدهور الحالات أو تفاقم أعراض الإصابة بالمرض».

وأضاف نوفر في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»، «أن ذلك التطعيم آمن بشكل كامل، ولا توجد أيّ موانع لاستخدامه مع كبار السن أو الشباب، وبالتالي يُمكن استخدامه بشكل خاص في تطعيم العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يتعاملون بشكل مباشر مع المرضى، ويتعرضون لخطر الفيروس بشكل أكبر».

وأوضح نوفر، أن التجارب السريرية ما تزال تُجرى على ذلك اللقاح، لكن وبينما تُجرى تلك التجارب، فلا مانع من حصول الأشخاص على التطعيم، خاصة في ظل فوائده المحتملة ضد الجائحة الحالية».

أظهرت الأدلة المتزايدة أن اللقاحات الموهنة الحية توفر حماية غير محددة وغير معروفة أسبابها ضد الالتهابات المميتة غير المرتبطة بالمرض المستهدف من اللقاح، وذلك عن طريق حث الخلايا المناعية الفطرية غير النوعية المدربة لتحسين استجابات المضيف ضد العدوى اللاحقة.

يحتوي اللقاح الثلاثي ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية على فيروسات حية موهنة، يقوم ذلك اللقاح بتحفيز وتنشيط الجهاز المناعي في الجسم لتكوين وإنتاج مجموعة من الجسيمات المضادة (أضداد) لخلق ردة فعل مناعية لهذه الأمراض. يوفّر هذا اللقاح حماية مناعية بنسبة تقترب من الـ100%. يتم إنتاج اللقاح في مزارع خلوية خاصة تحتوي على الجيلاتين وكميات قليلة من المضادات الحيوية.

وبحسب ويب طب، يُفرَز فيروس الحصبة الألمانية المُوَهَّن بكميات قليلة للغاية من المسالك التنفسية للشخص الذي يتم تطعيمه بهذا اللقاح عند العطس أو عبر اللعاب، في الفترة ما بين 7 - 28 يوماً بعد التطعيم. إلا أنه لم يتم توثيق حالات حدث فيها نقل العدوى بالفيروس المُوهَّن للمحيطين به، أو عند تلامس قريب مع الشخص الذي تم تطعيمه.

ولا يُعَدُّ اللقاح ضد الحصبة، النُّكاف أو الحصبة الألمانية، عند انتشار وباء هذه الفيروسات أو التعرض لها علاجاً، أو وقاية للأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم بهذا اللقاح في السابق. إلا أن إعطاء اللقاح ضد الحصبة خلال 72 ساعة من وقت التعرض قد يزوِّد الجسم بدرجة معينة من المناعة ضد الحصبة

وأحدثت اللقاحات الموهنة الحية تأثيرات غير معروفة تُكسب الأشخاص «مناعة شبه فطرية ومدربة»، من خلال تدريب سلائف الكريات البيضاء (خلايا الجهاز المناعي) في نخاع العظم للعمل بفعالية أكبر ضد الفيروسات المعدية والقاتلة في بعض الأحيان.

ووجد العلماء في تلك الدراسة أن التطعيم الثلاثي قادر على تثبيط «الإنتان»، وتقليل معدل الوفيات في العديد من النماذج التجريبية. ويرتبط إنتان الرئة ارتباطاً وثيقاً بالتهاب الرئة التدريجي التصاعدي، الذي يحدث في حالات الإصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد.

والإنتان هو حالة قد تهدّد الحياة بسبب استجابة الجسم للعدوى. يُطلق الجسم عادة موادَّ كيميائية في مجرى الدم لمحاربة العدوى. يحدث الإنتان عندما تكون استجابة الجسم لهذه المواد الكيميائية غير متوازنة، ما يؤدي إلى حدوث تغييرات يُمكِن أن تُتْلِف عدة أجهزة عضوية، وبحسب مايوكلينيك، فإنه إذا ما تطور الإنتان إلى الصدمة الإنتانية، فإن ضغط الدم ينخفض انخفاضاً كبيراً، وقد يُؤدِّي ذلك إلى الوفاة.

ودعمت تلك الاستنتاجات فرضية عدد من الباحثين، الذين قالوا إن التطعيم الثلاثي له دور إيجابي في الشفاء من عدوى الجائحة الحالية.

قبل أسابيع، كشفت البحرية الأمريكية عن انتشار العدوى الفيروسية على المدمرة «يو إس إس روزفلت». وقالت البحرية إن أكثر من 900 بحار وضابط أصيبوا بالعدوى. وتبين فيما بعد إصابتهم بأعراض معتدلة، لم ينجم عنها أيّ وفاة.

كما تشير البيانات الوبائية التي تجمعها الوكالات الصحية المعنية إلى وجود علاقة بين الأشخاص في المواقع الجغرافية الذين يتلقون بشكل روتيني لقاح الحصبة، النكاف والحصبة الألمانية، وانخفاض معدل الوفيات، وانعدام تأثير العدوى على الأطفال.

وافترض الباحثون أن أحد الأسباب التي تجعل الأطفال محميين ضد العدوى الفيروسية التي تسبب الإنتان، هو تلقيهم للقاحات الموهنة الحية، والتي يُمكن أن تحرض الأجسام المناعية على قمع الفيروسات والبكتيريا الممرضة.

واقترح الباحثون في تلك الدراسة إجراء تجربة سريرية لاختبار ما إذا كان لقاح الحصبة، النكاف والحصبة الألمانية يساعد في تقليل أعراض «كوفيد-19». ولكن في غضون ذلك، يؤيد الفريق البحثي تلقي كل البالغين وخاصة العاملين في مجال الرعاية الصحية ذلك التطعيم المهم.