السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الحاجة إلى «الجمال» أم الاختراع.. سفن وطيور وآلات وترية بأنامل حداد فلسطيني

الحاجة إلى «الجمال» أم الاختراع.. سفن وطيور وآلات وترية بأنامل حداد فلسطيني

جسد يكاد يقوى على مقاومة الأمراض التي تنهشه، إلا أنه مصر على خوض معركة البقاء على قيد الحياة التي رمت بظلالها الثقيلة على سكان قطاع غزة، جالساً خلف طاولة مستطيلة خصصت لمنبع الفنون التي تجول في ذهن الفلسطيني رمضان بشير، حيث يقوم بتحويل الخردة والمخلفات النحاسية والحديدية إلى أيقونات فنية إبداعية مشكلاً في عالمه طيوراً تنطق جمالاً وآلات وترية وظيفتها إشباع الذائقة البصرية، لا السمعية، وسفن لا تبحر إلا في خيال متذوقي الفنون.





استطاع رمضان بشير، الذي يرى عملياً أن الحاجة «إلى الجمال» تحديداً هي أم الاختراع والابتكار الفني، إطلاق العنان لخياله الإبداعي في وضع رسومات بمخيلته ويطبقها على أرض الواقع ما جعله أيقونة محول الخردة إلى لوحات فنية في قطاع غزة، عاكساً جمال الحفاظ على البيئة وتحويل الخردة إلى قطع فنية منزلية.





وصنع بشير مجسمات معدنية وخشبية وكرتونية لطائر اللقلق، ورجل يرمي بسهم، ودراجة هوائية، وكمنجا، وعقرب، ومركب، وشجرة، ومجسمات منزلية، إضافة إلى طاولة شطرنج، وغيرها.





وقال بشير لـ«الرؤية»: «أعمل في مجال الحدادة منذ 20 عاماً، وأمتلك موهبة منذ الصغر في تشكيل الحديد الصلب والمعادن حيث أقوم بتشكيلها في صيغ فنية، ومع صعوبة الأوضاع في غزة التزمت المنزل لعدم توفر فرص عمل، واليوم بدأت من جديد العودة إلى العمل بتشكيل الحديد والمعادن ولكن بطريقة مختلفة مستعيناً بالخردة».





وأضاف: «بدأت بالمضي مسرعاً خلف شغفي في المرحلة الإعدادية، حيث تعلمت تدريجياً صناعة مجسمات من وحي الخيال في ورشة والدي الذي كان يمنعني من العمل خوفاً على صحتي، وفي المرحلة الثانوية أتقنت الحدادة ولم أكمل مرحلتي الدراسية».

وتابع: «يتوقع أن لا أحد يتصور أن نعيد تشكيل الملعقة والأدوات المنزلية المستخدمة والنحاس وخلافه لإعداد لوحات فنية متعددة الأشكال، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل تجاوز لاستغلال القطع الحديدية والخشبية والكرتون المقوى في إنجاز تكوينات فنية أخرى».





ولم تتوقف مهارات وإبداعات رمضان بشير عند هذا الحد، بل يتقن النحت على مادتي الفلين والكلكل الممزوج برمال البحر، مجسداً حبة لوطنه فلسطين عبر 30 لوحة بالألوان المائية تعكس التمسك بالأرض والمقدسات.





ويجد المواطن الغزاوي فيما يمارسه مهرباً من الواقع الذي يعيشه كل لحظة، نتيجة صعوبة الأوضاع الاقتصادية، خصوصاً أنه أب لستة أبناء ويلاحقه المرض في حله وترحاله، متخذاً من الخردة والقلم والأوراق ملاذاً للهروب من الواقع الأليم.