الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مصورون إماراتيون ينبشون الأماكن المهجورة بحثاً عن الجمال المستتر

مروة السنهوري - الشارقة

لم تكن الطبيعة الصامتة أو المناظر الطبيعية والوجوه، الملهمة الأولى والأخيرة للمصورين الإماراتيين أو المادة الخام لإبداعاتهم التصويرية، بل هناك الأماكن المهجورة التي تحولت إلى مصدر مبتكر لالتقاط صور خارج السياق.

وتحولت البيوت القديمة في الدولة إلى موضع غير تقليدي يخضع لـ"نبش" فني مبتكر، إن جاز التعبير، يحصد من ورائه المصورون الفوتوغرافيون الشباب أكبر عدد من المتابعين على سوشيال ميديا بعرض الجمال المستتر عن أعينهم.



وأكد مصورون لـ«الرؤية» أن اتجاههم لتوثيق هذه الأماكن يعود في جزء منه إلى الحنين إلى الماضي ورغبه منهم في توثيق تفاصيل هذا المكان الذي كان يضج بالحياة في يوم ما والذي تحول إلى جزء من ذاكرة المكان.

وأشاروا إلى أن على المصورين دوراً في حفظ تاريخ المناطق والأحياء المهجورة وتسجيلها عبر «الكاميرا»، لتكون شاهداً على حالة التطور التي تشهدها الدولة في الوقت الحالي وفي الوقت نفسه حتى تتعرف الأجيال المقبلة على تاريخ المنطقة من خلال صور توثق الجهود الكبيرة التي بذلها الآباء المؤسسون.



ثقافة البلد

«النوستالجيا هي السبب» بتلك الجملة برر أمين عام اتحاد المصورين العرب ورئيس جمعية الإمارات للتصوير الضوئي سعيد جمعوه، السبب الذي دفع المصورين إلى احتراف هذا النوع من الفنون، مؤكداً أن الأماكن المهجورة جزء من ثقافة البلد والمنطقة التي ينبغي الحفاظ عليها.

وأضاف «الحنين إلى الماضي شعور يداعبنا فهو الذي يدفع المصورين إلى التقاط تلك الصور التي تحمل ذكريات من سبقونا، فينشئ المصور قصة عن أسباب ترك المكان عبر سلسلة صور فوتوغرافية تعبر عن الجمال الدفين في هذه الأماكن».





أسلوب حياة

لا يؤمن مؤسس مدرسة التصوير في الأماكن المهجورة بالإمارات المصور جاسم العوضي، بأن التصوير مجرد هواية أو فن بل يراه أسلوب حياة متكاملاً يمتزج فيه الفن بالعلم والفلسفة.

ويشير إلى أنه وعلى الرغم من عدم وجود أماكن مهجورة كثيرة في الإمارات أسوة بأوروبا التي تزخر بالقصور والكنائس المهجورة، إلا أن هذا النوع من التصوير استهواه منذ الثمانينات.

ويعتقد العوضي أن على المصورين الاضطلاع بدور في الحفاظ على تاريخ المناطق والأحياء المهجورة وتسجيلها عبر آلة الزمن «الكاميرا» بما فيها من قرى وصحارى، ولا سيما في ظل المتغيرات الحياتية التي تمر بها الإمارات.





بدأ العوضي تصوير البيوت خلال رحلة ابتعاثه الجامعية في أمريكا ومن ثم انتقل شغفه بعالم التصوير إلى التقاط الصور في حي الفهيدي بدبي والمنازل القديمة التي تعاقبت على المكوث فيها الأسر المقيمة العربية والآسيوية لتروي قصة المكان في الصحارى والأماكن النائية.

يحاول المصور الإماراتي تمرير تجربته لشباب المصورين الذين تعلموا على يده فنون التصوير في الأماكن التي هجرها الناس لكنهم تركوا طاقة ما تتجول كالروح الخفية.





دافع للتأمل

شبه المصور الإماراتي فيصل بن علي، التصوير في الأماكن المهجورة، برحلة للبحث عن الجمال والكنز المفقود، مشيراً إلى أن أكثر ما يجلب المتعة هو محاولة فك طلاسم الأماكن التي تحوم حولها الأساطير والتي يخشى الكثيرون زيارتها.

وأشار إلى أن المصورين يرون ما يفوق توقعاتهم في الأماكن التي ظلت خالية من البشر لوقت طويل، إذ يكمن الجمال في ما أنشأه الإنسان لكن ويلات الزمن دمرته بلا هوادة وهو ما يدفع للتأمل ونسج القصص.





عكس الزمان

يوثق المصور الإماراتي عمار العطار عبر التصوير الفوتوغرافي الأشياء التي تسير في طريقها إلى الزوال والتي قد لا تثير انتباهنا في الحياة اليومية، وعلى رأسها الأماكن المهجورة.

ويستعرض عبر فلسفته «عكس الزمان» مجموعة واسعة من أعماله على مساحات من التاريخ الثقافي والمناظر الطبيعية في دولة الإمارات.

ويسعى المصور الإماراتي إلى توثيق التاريخ الاجتماعي للإمارات وعلاقتها بجيرانها في الجهة الأخرى من المحيط كالهند وإيران وباكستان عبر عدسته، حيث تتحول بعض الصور إلى عروض تضج بالحياة والجمال.





تجربة مرعبة

أكدت المصورة الإماراتية نوير الهاجري أن منطقة العين مليئة بالمناطق المهجورة والتي يمكن العثور عليها مثلما يمكن العثور على أي شيء في الحياة من خلال البحث والتقصي.

وعزت الهوس بتصوير هذه الأماكن إلى أن للشعور بالوحدة والعزلة نكهته الخاصة التي يستكشفها هؤلاء المصورون الذين يتناولون المساحات والأمكنة التي كانت يوماً قلب الحركة الاجتماعية والحياة الحضرية.

وعلى الرغم من الجمال الغامض الذي يكتنف تلك الأمكنة إلا أنها ترفض دوماً خوض هذه التجربة التي اعتبرتها مُرعبة.





جمال غريب

حكت الفنانة الإماراتية روضة الكتبي عبر الصور تجربة خاضتها خلال زيارتها لأماكن مهجورة في أبوظبي لتجميع عناصر فنية تصنع منها أعمالاً فنية تسرد قصة المكان.

وتقول «في أحد البيوت المهجورة شعرت بأن هناك من يراقبني ويدعوني لزيارة المكان، وفي إحدى المرات وجدت جواز سفر صدر في سنة عيد ميلادي ذاتها، وبعدها عرفت أن هناك شخصاً اسمه رافي كان يعيش في هذا البيت المهجور، و رويداً رويداً أصبح الاسم يتردد في حياتي خلال مقابلتي لناس يحملون الاسم نفسه».

وترى أن في الأماكن المهجورة يكمن الكثير من الجمال الغريب والذي يتمثل في رؤية شيء أنشأه الإنسان على تروٍ، لكن ويلات الزمن دمرته بلا رحمة.