الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فنانون وكتاب : جودة العناصر الفنية معيار تصنيف النتاج الإبداعي..والرسائل الأخلاقية خارج معايير التقييم

أكد مجموعة من الفنانين والكتاب والمخرجين أن الرسالة والمبادئ ليست شرطاً لنجاح العمل أو نيله تقييماً جيداً في لجان التحكيم المختلفة، لافتين إلى أن جودة المحتوى وبدرجة ثانية جودة الصورة أو الإخراج والعناصر الفنية الأخرى هي أهم ما يجب أن يشغل صناع المحتوى الفني من أفلام ومسلسلات ومسرحيات، مع وضع ما يريده الجمهور في الاعتبار حتى تحظى الأعمال بالنجاح الفني والجماهيري.

موازنة

قال المخرج طلال محمود: «يجب على العمل الفني الموازنة ما بين الجودة وما يريده الجمهور، وعلى صناع العمل الفني إدراك أن المعادلة سهلة جداً وتكمن في الفكرة والطرح بشكل فني وفي الوقت نفسه ما يريده الجمهور».

وفي ظل انتقاد البعض لأعمال منصات العرض، على أنها تنافي الأخلاقيات العامة والعادات والتقاليد، قال: «أرى أن من يصنعها لم يجبر أحداً ما على متابعتها لأنها تعرض في منصات تشترك بها بإرادتك واختياراتك التي تكون نابعة منك ولست مجبراً على مشاهدة ما لا يتناسب مع أفكارك، فالمنصات ليست مجانية، فلماذا تتكبد خسائر مالية من أجل مشاهدة أعمال لا تتقبلها؟».

توقيت الطرح

وأوضح كاتب السيناريو خالد الجابري أن كلاً من الجودة الفنية والمحتوى الفكري لا يمكن فصلهما عند تقييم العمل الفني، لافتاً إلى أنه على الرغم من ذلك فإننا لا نستطيع اعتبارها قاعدة أساسية بالتقييم، فقوة الفكرة ومدى ارتباطها بالجمهور وطرحها بالوقت المناسب، وكيفية تقديمها من ناحية إخراجية وإنتاجية كل ذلك يؤثر في التقييم النهائي للعمل.

عناصر فنية متكاملة

وقال الفنان والإعلامي عبدالله بن حيدر، الذي شارك بتحكيم جائزة إيمي سابقاً: «عادةً ما يقيم النقاد والمحكمين العمل الفني سواء كان مسرحياً أو تلفزيونياً أو حتى سينمائياً بناءً على جوانبه كافة ابتداءً من النص إلى الإخراج وأداء الممثلين، ثم يجري تصنيف الممثلين حسب مساحاتهم بالدور، واستمرارية لغة الكاميرا، وإضاءة العمل وموسيقاه التصويرية، وإيقاع العمل ككل، وتنسيق العمل من ناحية الصورة واختيار الألوان والإنتاج كذلك، ما يوضح أن كل أجزاء العمل متكاملة معاً».

وحول أهمية الرسالة التي يقدمها العمل، قال: «ليس كل عمل يجب أن نطلع عليه من ناحية الرسالة التي يوجهها للجمهور، فهنالك بعض الأعمال قد تكون رواية وتم تصويرها، وتحمل حكمة ما، أما تلك الأعمال التي تقدم أفكاراً منافية للعادات والتقاليد ببعض المنصات فيعود للأيديولوجيات الفكرية التي يسعون للترويج لها، لذلك يفترض علينا توعية المجتمع من خلال إنتاج أعمال جديدة تشد انتباه المشاهدين وتعوضهم عن جودة الأعمال الأجنبية».

الفكرة أساس

بينما يؤمن المخرج وكاتب السيناريو فاضل المهيري، في ضوء خبرته بتحكيم عدد من المهرجانات السينمائية، أن القواعد الأساسية بالقصة والسيناريو تغلب على بقية العناصر، كونها المحرك لبقية العناصر الفنية الأخرى، لافتاً إلى أنه قد تكون الأدوات الإخراجية ضعيفة كالتصوير والتمثيل والإنتاج والموسيقى التصويرية وغيرها، لكن القصة ذات رسالة عميقة تتفوق على كل المعايير.

وأضاف: «تعتبر هذه قاعدة أساسية نتبعها في تقييم أفلام المهرجانات، فلا جدوى من قصة خاوية ضعيفة بإخراج جميل ومبهر».

الأخلاقيات لا تتدخل

في حين قال المخرج والمنتج علي المرزوقي: «المبادئ والأخلاقيات لا تتدخل في تقييم الفيلم، يفترض تقييم العمل وفقاً للعناصر الفنية المحتوى بنظرة فنية وإخراجية، وجميع العناصر يكمل بعضها البعض، لكن مسألة تقديم العمل لرسالة سواء كانت مبطنة أو صريحة ليست من مهام صانع الفيلم، فمهمته تكمن بنقل القصة بأحداث معينة في إطار متسلسل للسيناريو الصحيح والمطابق للمعايير العلمية في التصوير والإخراج، وهذا لا يقلل من تعبير صانع الأفلام عن قضايا مجتمعه شيئاً، فبإمكانه التعبير عنها بطريقة سينمائية صحيحة من ناحية السيناريو والتصوير وغيره، حتى يتقبلها الآخر ويفهمها، ففنون السينما موحدة عالمياً».

الحالة المزاجية للمشاهد

ولعل ثقافة المتلقي تلعب دوراً كبيراً في مسألة التقييم، فقال المخرج هاني الشيباني: «تختلف المعايير الفنية والأخلاقية من شخص لآخر، فهنالك العديد من الأعمال التي نجحت بملامسة قلوب المشاهدين من حيث القصة ومدى قربها لواقعهم، على الرغم من الأخطاء الفنية في الإخراج والإنتاج، ونالت تقييماً مرتفعاً، وبالمقابل هنالك أعمال فنية نجحت بتحقيق الإثارة والتشويق والمتعة البصرية والفرجة والتصوير الرائع والإنتاج الضخم، إلا أن رسائل المحتوى الذي قدمته منافية للأخلاقيات العامة وتعتبر أقرب للأفكار الهدامة؛ لذلك يعتمد التقييم على المتلقي وذائقته الاجتماعية والثقافية والدينية ومستواه العمري، فهنالك بعض الأعمار تكون محصنة فكرياً وتستطيع رفض هذا النوع من المحتوى السام، لكننا بالمجمل لا يمكننا فصل المحتوى عن الصنعة الفنية للعمل».