الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الجزيرة الحمراء.. ماضٍ عريق يروي رحلة الأجداد مع الغوص واللؤلؤ

تتميز الجزيرة الحمراء برأس الخيمة بتاريخ حافل، حيث تعد آخر مواقع خروج السفن للغوص على اللؤلؤ وأنشطة الملاحة البحرية في هذا الجانب من الخليج العربي.

وقد هجر الجزيرة سكانها في ستينيات القرن الماضي، وبقيت على حالها لسنوات عديدة، حتى بدأت فيها أعمال الترميم، وأصبحت فيما بعد أحد المواقع الجاذبة لتصوير عدد من أفلام هوليوود خلال السنوات الأخيرة، حيث صورت فيها أفلام من بطولة ممثلين عالميين مثل براد بيت وريان رينولدز.

وكانت الجزيرة الحمراء جزيرة مد وجزر حتى سبعينيات القرن الماضي، ولقد تم ضمها ضمن مشروع كبير لاستصلاح الأراضي، لتصبح جزءاً من البر الرئيسي، وأصبحت المنازل والمسارات المهجورة في الجزيرة الحمراء مقصداً يثير فضول سكان المناطق المجاورة.





نقلة نوعية

وتشهد المنطقة حالياً نقلة نوعية من خلال مشروع إعادة ترميم وتأهيل المنطقة، لتصبح مزاراً سياحياً وثقافياً، بالإضافة إلى استضافتها مهرجان رأس الخيمة للفنون البصرية في نسختيه السادسة والسابعة داخل أحد حصونها الذي تم ترميمه.

وقد سلط اعتماد الجزيرة الحمراء موقعاً لتصوير فيلمي «آلة الحرب» لبراد بيت و«6 أندرغراوند» لريان رينولدز، الأضواء عليها كمركز واعد لتصوير الأفلام السينمائية العالمية.

وقال مايكل باي مخرج 6 أندرغراوند: "لقد قمنا بالتصوير في الجزيرة الحمراء. إن هذا التنوع الذي تشهده المنطقة مذهل للغاية، حيث تجد مكاناً يقع على بعد 5 دقائق، يبدو وكأنه بلد آخر كلياً."

ويعتبر كريستيان فلده، باحث الآثار الرئيسي في دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة، قرية «الجزيرة الحمراء» مكاناً فريداً من نوعه، وأن أعمال الترميم الجارية ستحافظ عليها لأجيال قادمة.





نمط تقليدي

وأضاف فلده: "تمثل الجزيرة الحمراء البلدة الأخيرة والوحيدة للغوص بحثاً عن اللؤلؤ وتجارة اللؤلؤ والملاحة البحرية في هذا الجانب من الخليج، فجميع القرى والبلدات الأخرى الواقعة على طول سواحل الخليج، قد اختفت في طيات الزمن بسبب التطور والحداثة، لكن قرية الجزيرة الحمراء هي المكان الوحيد الذي حافظ على نمط الحياة التقليدي وطريقة البناء التقليدية في عصر ما قبل النفط والحداثة."

وأضاف: «لقد استقرت الجزيرة الكبيرة في وقت ما في القرن السابع عشر لتصبح موقعاً مهماً وغنياً بالموارد البحرية. وإن وقوعها ضمن بحيرة، عاد عليها بفائدة إضافية تتمثل بسهولة الدفاع عنها، ليس هناك معلومات واضحة عن أوائل سكان الجزيرة الحمراء».

وتابع: لكن المرجح أنها قد استوطنت من قبل قبيلة الزعاب في الفترة الواقعة من القرن السابع عشر والثامن عشر الميلادي، حيث كانت قبيلة الزعاب إحدى القبائل العربية التي تعمل في الملاحة البحرية والغوص على اللؤلؤ، وقد استوطن الزعاب الجزيرة الحمراء حتى أواخر ستينيات القرن الماضي، عندما انتقل عدد كبير من سكان القبيلة إلى أبوظبي تاركين غالبية المساكن على وضعها الحالي، والذي ساهم في بقائها والمحافظة عليها من التدمير."



ترميم دقيق

وأشار كريستيان فلده: "ركزت عملية الترميم على القلعة والعديد من المساجد والمباني ذات الأهمية، مثل منزل بن دلم، وبيت عمران، ومنزل عبدالكريم، بالإضافة إلى منطقة قريبة من السوق. ويستمر المشروع وفق جدول زمني محدد لعمليات الترميم الدقيقة الجارية."

وتحظى المساجد بأهمية خاصة في المنطقة، حيث يتواجد عدد كبير من المساجد تم بناؤها خلال فترات مختلفة، وقد عُثر في إحدى هذه الحفريات على موقع تم فيه بناء مسجد (الجامع الكبير) بشكل متكرر على نفس الأرض بمعدل 7 مساجد على مدار أكثر من قرنين، حيث تم ذكر إحدى مراحله في الوثائق البريطانية في القرن الثامن عشر، في حين تم تغيير موقع مسجد آخر خلال عدة عمليات من إعادة البناء.





وتقع المدينة الجديدة خلف متاجر الجزيرة التي تصطف اليوم على الطريق الرئيسي «E11» نحو مدينة رأس الخيمة. وقد شمل مشروع استصلاح الأراضي نطاقاً واسعاً من المنطقة، حيث تم استغلال مساحة أخرى لبناء عدد من المشاريع المختلفة، بما في ذلك قرية الحمراء الحديثة، والتي تشمل فنادق ومنتجعات ومساكن عصرية، ومركزاً تجارياً، وتعتبر منطقة شهيرة للسياح ولسكان دولة الإمارات العربية المتحدة.

حتى يومنا هذا، لا يزال جزء كبير من قرية صيد اللؤلؤ الأصلية على حالها، ما يجعلها مكاناً مثيراً للفضول للتجول، حيث يستحضر العابرون بها مشاعر العودة بالزمن إلى حقبة الخمسينيات والستينيات.

ومن الواضح أن هذه العوامل جعلتها موقعاً جذاباً لمخرجي الأفلام من جميع أنحاء العالم، ولا شك أن الشوارع الخلفية الترابية للجزيرة الحمراء ستكون بمثابة مواقع تصوير للعديد من الأفلام خلال المرحلة القادمة.