الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

بريق المال والشهرة يقود «مؤثرين» إلى نرجسية وغرور وزلات اجتماعية.. واختصاصيون نفسيون: النتيجة اكتئاب وعزلة

بريق المال والشهرة يقود «مؤثرين» إلى نرجسية وغرور وزلات اجتماعية.. واختصاصيون نفسيون: النتيجة اكتئاب وعزلة



أكد اختصاصيون نفسيون أن تعرض مشاهير منصات التواصل الاجتماعي والـ«بلوغرز» إلى حالات من التنمر والتعدي على الخصوصية، يدفعهم نحو الاكتئاب أو الإصابة بحالة الكرب، أو اضطراب ما بعد الصدمة، الأمر الذي يستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً.

وعزوا وقوعهم فريسة التنمر إلى عدم الفصل بين العمل عبر تلك المنصات الافتراضية وتفاصيل الحياة الشخصية، إذ يلجأ كثير من المشاهير إلى نشر معلومات وصور تعكس طبيعة علاقاتهم الأسرية وصداقاتهم الشخصية ونمط حياتهم اليومي، الأمر الذي يجعل منهم فريسة سهلة في أيدي المتنمرين والمنتقدين.

وأكدوا أن كثيراً من الحالات المرضية التي استقبلوها وعالجوها من «مشاهير منصات التواصل الاجتماعي» عانت من الاكتئاب نتيجة لتعرضهم للانتقاد والتنمر المستمر من قبل المتابعين.

وأوضحوا أن بعض الحالات من المشاهير تتفاقم حالاتهم النفسية لا سيما بعد تعرضهم إلى نشر تفاصيل دقيقة من حياتهم الشخصية، حيث يحرف المتنمرون منشورات المشاهير أنفسهم وكذلك صورهم المنشورة ومشاركتها مرة أخرى من أجل الإساءة إليهم وتشويه صورتهم أمام الآخرين.





مساءلة قانونية

إلى ذلك حذر مؤثرون على مواقع التواصل، من إمكانية تعرض باحثين عن الشهرة للمساءلة القانونية أو لتشويه صورتهم ومصداقيتهم، نتيجة للجوئهم إلى تزييف الحقائق ونشر معلومات غير صحيحة أو لوقوعهم في فخ القروض الشخصية والبحث عن مصادر للمال عبر طرق غير مشروعة، لتلميع صورتهم أو للحفاظ على شهرتهم.

وأشاروا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت نماذج لقضايا رأي عام، كان العنصر الرئيسي بها، مشاهير سوشيال ميديا، ومنها تورط أكثر من 20 شخصاً منهم في الكويت في قضية «غسل الأموال»، بالإضافة إلى تورط الكثيرين من المشاهير حول العالم في نشر معلومات غير دقيقة أو محسوبة حول أزمة كورونا، الأمر الذي جعلهم عرضة للانتقاد والاستهزاء من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لافتين غلى أنها لن تكون الأخيرة على هذا المنوال، في حال استمرار ذات النهج الذي لا يزال يسلكه آخرون، في التعاطي مع دوائر مختلفة.

وحذروا كذلك، من تورط الكثيرين من مشاهير السوشيال ميديا في مسألة تلميع صورة جهات محددة أو مسؤولين معينين، خاصة وأن تلك الجهات أو المسؤولين قد يكونوا من أصحاب أجندات خاصة، أو معرضين للمساءلة القانونية، فضلاً عن كونها مخالفة مشينة أخلاقياً ومهنياً فيما يتعلق بصناعة المحتوى.





احترام التخصص

وعلق المؤثر عبر منصات التواصل الاجتماعي، اختصاصي طب المجتمع، المدرب المعتمد، الدكتور سيف أحمد درويش، على خروج مشاهير «السوشيال» عن نطاق تخصصاتهم، قائلاً: «إن هؤلاء المشاهير معرضون للتنمر والانتقاد والاستهزاء من قبل المتابعين كثيراً، إذ أصبح من السهل الكشف عن أخطائهم بالرجوع للمصادر الحقيقية والصحيحة».

وأضاف: «لي آراء إعلامية في عدد من القضايا السياسية والمجتمع والفن والرياضة، ولكنني لا أتحدث إلا في مجال تخصصي عبر منصات التواصل الاجتماعي، بما فيه القضايا المجتمعية والنفسية أو الطبية».

ولفت إلى أن الآونة الأخيرة، شهدت مشاركة الكثير من المشاهير لمعلومات صحية مغلوطة أو اقتصادية متضاربة وخاصة خلال جائحة كورونا بحثاً عن «التريند»، مما جعلهم عرضة لفقدان ثقة متابعينهم، واستذكر المقولة «أهل مكة أدرى بشعابها».

واكتفى بالتعليق على مشاهير الكويت المتورطين في قضية «غسل الأموال» الجارية حالياً، قائلاً: «لو كانت الشهرة وسيلة لجذب الانتباه ستكون نتائجها مدمرة على الشخص والمجتمع، ولكنها ستختلف إن كانت من قبل شخصية صاحبة رؤية وهدف، إذ ستحمل نتائج إيجابية على المستوى الشخصي والمجتمع».





مناطق مظلمة

أفادت المستشارة النفسية والأسرية الدكتورة هالة الأبلم «الرؤية»، أن من يريد أن يصبح واحداً من مشاهير سوشيال ميديا، فعليه تحمل تعرضه للتنمر الإعلامي والإلكتروني، أياً كان مجال تخصصه، خاصة العاملين في مجال الفن، منوهة بأن وسائل الإعلام المختلفة تداولت أخيراً نماذج من تلك القصص والقضايا في السنوات الماضية.

ولفتت إلى تعرضها بصورة شخصية إلى التنمر، إذ تم اختراق حسابها من قبل أحد «الهاكرز»، كونها من الشخصيات المعروفة إعلامياً على المستوى المحلي.

وأوضحت أن ذلك الشخص الذي استهدف حسابها عبر تطبيق «سناب شات»، اتجه إلى بث منشورات مسيئة لها، والتي أظهرتها وكأنها تعاني من حالة نفسية، مستغلاً موقعها الاجتماعي وصورها وظهورها الإعلامي.

وأكدت الأبلم أن ذلك الموقف يمكن أن يؤثر في نفسية أي شخص، لكنها استطاعت أن تتجاوز تلك الأزمة سريعاً نتيجة لخبرتها في المجال النفسي.

ودعت الأبلم مشاهير ورواد التواصل الاجتماعي إلى فصل عملهم عن تفاصيل حياتهم الشخصية والتوقف فوراً عن مشاركتها، حيث يبحث متابعو مشاهير «السوشيال ميديا» عن المناطق المظلمة في الشخصية من أجل استغلالها.

وأضافت: «أن الاستغلال السيء لتلك التفاصيل الشخصية يمكن أن يعرض الشخص المشهور إلى التنمر والاكتئاب الشديد والصدمات النفسية وحالات الكرب أو اضطراب ما بعد الصدمة، وهو ما حدث بالفعل مع كثير من المشاهير، خاصة العاملين في المجال الإعلامي والفني والبلوغرز.





غرور ونرجسية

حدد استشاري الطب النفسي، الدكتور علي الحرجان، مساوئ وأضرار الشهرة، ومنها إصابة الشخص بالغرور والتعالي والنرجسية، نتيجة لما يلقاه من تقدير وإعجاب وتسهيل من قبل الآخرين.

وأشار إلى أن من المساوئ تأثر العلاقات الاجتماعية والعزلة التدريجية عن المجتمع والأشخاص المحيطين به والمقربين منه، ما يدفع المؤثر إلى الإصابة بالاكتئاب وقد يصل به الأمر إلى تعاطي الكحول والمخدرات، نتيجة لما يعانيه من عزلة اجتماعية واقعية وانغلاق على أنفسهم، ما يستدعي تدخلاً علاجياً نفسياً.

وحذر من «الغيرة» التي قد تحدث بين أفراد الأسرة والعائلة الواحدة، والتي يمكن أن تحدث بين الزوج والزوجة أو الأبناء وذويهم وخاصة أن بعض الآباء يكثفون من نشر صور وتفاصيل أحد من أبنائهم ليتحول إلى أيقونة إعلامية مميزة، ما يدفع الأخوة إلى الشعور بالحقد أو الغيرة نحوه.

وذكر الحرجان أن الشكوك يمكن أن تتسلل إلى بعض الأزواج نتيجة لشهرة أحدهما وإعجاب الآخرين به، وهو ما تعرضت له إحدى مرضاه وهي مغنية من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع زوجها إلى الشك في سلوكها وتصرفاتها، نتيجة إعجاب المتابعين بها بشدة.

ونوه بأن هناك مشاهير وقعوا في مشاكل مجتمعية عديدة وقضائية نتيجة لمشاركتهم في أنشطة معينة أو ممارسات تجارية أو سياسية غير محسوبة، كما أن البعض منهم سقط في فخ القروض الشخصية وتعرض للمحاسبة القانونية.

وأكد الحرجان أن الأمر لا يقتصر على الغرور والشكوك والتعرض إلى المساءلة القانونية، فالأمر أخطر من ذلك، حيث دخل مشاهير في علاقات عاطفية وأخرى غير شرعية مع مراهقين مستغلين شهرتهم ومكانتهم التي وصلوا إليها، ولاحقاً نشرت فضائحهم عبر الأخبار.