السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

دقة وحذر في تفكيك هيكلين عظميين لحوتَين عملاقين في حديقة حيوانات الموتى

دقة وحذر في تفكيك هيكلين عظميين لحوتَين عملاقين في حديقة حيوانات الموتى

بدقّة كبيرة وحذر شديد، يعمل فريق من الخبراء في متحف التاريخ الطبيعي في دبلن على تفكيك هيكلين عظميين لحوتين معلّقين منذ أكثر من قرن في سقفه، في عملية صعبة تهدف إلى إتاحة إنجاز أعمالٍ لتحديث المبنى.



واعتبر المسؤول عن مجموعة الحيوانات المحنطة في المتحف نايجل موناغن مازحاً أن «الأمر يشبه إلى حد ما العمل على لعبة ترتيب الصور المقطّعة، ولكن من دون علبة أو صورة جميلة تحصل عليها في نهاية المطاف!». وأضاف «لا يوجد (لتفكيك هيكل عظمي لحوت) أي كتيّب أو دليل لكيفية الاستخدام»، ومن هنا ينبغي على من يتولى هذه المهمة أن يعرّف بعمق البنية التشريحية لهذا الحيوان.





يقع متحف التاريخ الطبيعي بجوار مكتب رئيس الوزراء داخل متحف أيرلندا الوطني، وقد بدأ بتنفيذ مشروع تحديث ضخم تبلغ قيمته 15 مليون يورو.



ويطلق السكان المحليون على هذا المتحف الذي تأسس عام 1856 اسم «حديقة حيوانات الموتى» إذ يضم مجموعة ضخمة من الحيوانات الميتة المحنطة.





ويشرف موناغن على العمل من صالة عرض تطل على القاعة الكبيرة، حيث تتراكم رؤوس الظباء والعلب الزجاجية المليئة بالثعابين إضافة إلى بطريق محنط ذي نظرة قاسية. وقال موناغن: نحن نرى متحفنا كقصر مهيب للموت.



عملية دقيقة

استعداداً لعملية التحديث الواسعة النطاق، يتم حزم وتخزين كل الحيوانات المحنّطة بدقة وأمانة.





ويواجه المبنى مشكلات عدة يتوجب حلها: ضعف العزل الحراري، وعدم وجود مصعد لذوي الإعاقات، وعدم وجود مخرج طوارئ يؤدي إلى صالات العرض العلوية التي تضم مجموعات مذهلة، وسوى ذلك.





ولكن ثمة عقبة رئيسية تواجه ترميم السقف الزجاجي الواسع للمبنى، تكمن في أن الهيكلين العظميين للحوتين الضخمين اللذين يشكلان رمزاً لهذا المتحف، معلقان في سقفه.



ويبلغ طول الحوت الزعنفي 20 متراً، وهو ثاني أكبر الأنواع في العالم بعد الحوت الأزرق، وقد احتل الجزء العلوي من الصالة منذ أن استُقدم من جنوب أيرلندا في أواخر القرن الـ19.





وانضم إليه في عام 1909 رفيق أصغر بكثير، وهو حوت صغير السن يبلغ ارتفاعه 9 أمتار أُحضر قبل بضعة عقود من شاطئ قرية إنيسكرون الواقعة في شمال غرب أيرلندا.





وهو الآن محاط بسقالات مؤقتة، ومجهزة بنظام معقد من الأسلاك والبكرات، بالإضافة إلى رافعة قادرة على رفع ما يصل إلى 2000 كلغ.





تأمل وعاطفة

ولأن عملية تفكيك الحوت مهمة ضخمة تتطلب خبرة، استقدم متحف دبلن خبيرين من هولندا، يعملان بالتنسيق مع الفريق المحلي، فيضعون علامات على كل عظمة بدقة بحيث يمكن إعادتها إلى مكانها بسهولة بعد إنجاز أعمال الترميم.



ويتوقع أن تستمر عملية التفكيك نحو 3 أشهر، تتخللها فترات يعود خلالها الخبيران الهولنديان إلى ديارهما، بينما يعاد تجميع السقالات حول الحوت الثاني.





وعلى عكس لعبة ترتيب الصور المقطعة، تزداد المهمة تعقيداً مع التقدم في العمل. ففي الواقع، تؤدي إزالة جزء من الهيكل العظمي إلى تعديل مركز جاذبيته، مما يؤدي في أي وقت إلى المخاطرة بزعزعة الهيكل العظمي وجعله يتمايل في الهواء، خصوصاً أن بعض عظامه بدأ يتفتت.

وعندما قرر الفريق أخيراً إزالة الزعنفة اليسرى للحوت الأحدب، ربطت العظام المختلفة التي تتكون منها بعضها ببعض بإحكام، ثم علّقت بالرافعة التي نقلتها من أذرع أعضاء المجموعة الموجودة في أعلى السقالات. إلى أعضاء المجموعة الموجودة في الجزء السفلي. ولثوانٍ قليلة، لم يكن أيّ من المجموعتين يتحكم بها.





وفيما كانت الزعنفة متدلية من طرف الرافعة، تأرجحت فجأة إلى اليمين، فعَلَت الصيحات في أجواء المتحف، الهادئة عادة. ثم أنزلت أخيراً وحطّت بأمان على حصيرة رغوة. ولا تزال نحو 170 عظمة تنتظر دورها.