الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الست مِسكة.. حكاية مرضعة قلاوون معمرة حي السيدة زينب في القاهرة

الست مِسكة.. حكاية مرضعة قلاوون معمرة حي السيدة زينب في القاهرة

«أمرت بإنشاء هذا الجامع المُبارك الفقيرة إلى الله الحاجة إلى بيت الله الزائرة قبر رسول الله عليه الصَّلاة والسَّلام، الستر الرفيع حدق المعروفة بست مسكة الناصرية في شهور سنة 740»، تلك هي أول الكلمات التي تُقابلك بمجرد دخولك مسجد الست مسكة الواقع بشارع سوق مسكة المتفرع من شارع الناصرية في حي السيدة زينب بالقاهرة، والذي شُيد عام 1339 م/ 740 هـ.





«القرشانة» أو مرضعة قلاوون هو اسم ما زال يتداول ويُطلق على المرأة العجوز التي بلغت من العمر أرذله، ويُستعمل هذا التعبير حتى اليوم‏ كنوع من التهكم، لكن كثيرين لا يعرفون أن وراء مُرضعة قلاوون حكاية عظيمة، حيث كانت في زمنها امرأة ذات شأن كبير في بلاط السلطان الناصر محمد بن قلاوون ووصلت لرتبة الكهرمانة أو مديرة الجواري، وكانت أول امرأة تدخل السجن باختيارها، وكانت تُعرف بالورع حتى إنها كانت تُعطر أموال الزكاة والصدقات بالمسك، حتى أطلق عليها المصريون اسم «الست مسكة».





وتعود قصة الست مسكة أو «حدق» بحسب ما قال المقريزي، إلى عهد السلطان منصور بن قلاوون، وقد تزوج السلطان قلاوون بعد توليه الحكم بسنتين بزوجة ثانية سُميت «أشلون خوندا»، وكانت أميرة مغولية قدمت مع والدها الذى استقر في مصر فراراً من غضب سلطان المغول عليه، وعند مجيئه إليها أحضر معه جميع أفراد أسرته من النساء والأطفال بصفة خاصة ومن بينهم «حدق» الفتاة فائقة الحسن والجمال، التي عرفت فيما بعد باسم الست «مسكة»، وكانت في نفس عمر ابنته تقريباً.



وعندما تزوج السلطان قلاوون بالأميرة المغولية، عهد إلى حدق برعاية ابنه الناصر قلاوون، فأحاطته برعايتها الخاصة وسهرت على راحته.





ولعبت دوراً كبيراً في أخذ البيعة له من الأمراء ليخلف أباه في حكم مصر، رغم صغر سنه، وظلت وفية له خلال مرات خلعه الثلاث عن الحكم، لتكون إلى جانب السلطان، حتى إنها اختارت دخول السجن معه لرعايته، وكان السلطان يأخذ برأيها في كثير من الأمور خصوصاً في الأفراح السلطانية وولائم الأعياد والمواسم، وترتيب شؤون الحريم السلطاني ونحو ذلك، وقد ظلت هذه السيدة على ولائها الكامل لأبناء الناصر محمد من بعده.





وقد كونت ثروة هائلة فاستخدمتها في أعمال البر والخير، وعندما طلبت من السلطان أن يهبها أرضاً تستصلحها بالقرب من مقام السيدة زينب كان المسجد هو أول ما أمرت بإنشائه في تلك المنطقة، فشجعت الناس على تعميرها وتحول مسجدها فيما بعد لمدرسة لتدريس العلوم الفقهية على المذاهب الأربعة كما يبدو من صحن الجامع، ويقع في شارع سوق مسكة المتفرع من شارع الناصرية بالسيدة زينب بحي القاهرة.