الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

الأزواج العاملون معاً.. شركاء تحت أعين الزملاء

الأزواج العاملون معاً.. شركاء تحت أعين الزملاء

تشكل بيئة العمل في كثير من الأحيان نقطة التلاقي بين شريكي الحياة وفرصة للتعارف على بعضهما البعض، إلا أن فكرة عمل الأزواج معاً فكرة ذات آثار ونتائج متباينة، وقد تحمل في طياتها العديد من الإيجابيات كما السلبيات أيضاً، حينما يصبح الزواج شركاء، تحت أعين زملاء العمل.

ويرى عدد من الأزواج العاملين معاً أن الأمر يجعل روتين الحياة أكثر انتظاماً من حيث مواعيد العمل والمواصلات، وتصبح العلاقة الزوجية أكثر انسجاماً تدريجياً من حيث تفهم كل من الطرفين طبيعة عمل الآخر، خاصةً أنهما يعملان معاً ويدركان تماماً طبيعة مطبات وأزمات عمل كل منهما، لكن الكثيرين منهم يفضلون في هذه الحالة العمل تحت إدارات مختلفة.

في المقابل هناك بعض الأزواج الذين أُنهيت خدماتهم بسبب منع سياسات بعض المؤسسات والشركات من عملهم مع الزوج أو الزوجة تحت مظلة مؤسسية واحدة، أو جاء نقلهم من قسم إلى آخر، ربما لا يوائم تطلعاتهم، في حين تبقى فرص اشتعال الغيرة مواتية بشكل أكبر، من نظرائهم، الذين ينتمون لبيئات عمل مختلفة، على نحو قد يتسبب في إفساد الحياة الزوجية، ومضاعفة مشكلات طرفيها اليومية.



مواقف محرجة

تطول قائمة المواقف المحرجة في ظل عمل الزوجين معاً، فذكرت سوزان اللبان معاناة إحدى صديقاتها التي تزوجت زميلها بالعمل، بأنها قد مرت بمواقف مع زملائها الآخرين الذين أحرجوها بطلبات غريبة كزيادة في الراتب أو رفع بعض الأعباء الوظيفية عنهم أو تحسين التقييم الوظيفي السنوي، فضلاً عن طلبات الأقارب والأصدقاء خارج المؤسسة بالحصول على تزكية أو «واسطة» للحصول على وظيفة، في ظل عمل زوجها بدرجة وظيفية أعلى منها.

وقالت: «كنت أستغرب من رفض بعض المؤسسات عمل الزوجين معاً، وكنت أعتقد بأن الطرفين أقدر على الفصل ما بين حياتهما الزوجية والمهنية، إلا أنني عندما سمعت شكوى صديقتي أدركت تماماً سبب رفض بعض جهات العمل توظيف الزوجين بنفس الجهة، خاصةً أن الطرفين لا يمتلكان قدرة التحكم بجميع من يحيط بهما في بيئة زملاء العمل، وربما يكون العمل تحت إدارة أو قسم مختلف أنسب في هذه الحالة».

ثقافة «أبراج المراقبة»

وأشارت عبير عيسى إلى أن ضوابط وثقافة المجتمع العربي بين الأزواج تختلف من حيث المقبول والمرفوض أكثر من المجتمعات الغربية، الأمر الذي قد يسبب مشاكل بين الزوجين أكثر من الفوائد، كالضحك بصوت مرتفع أو المزاح مع زملاء العمل، الأمور التي قد لا يتقبلها الكثير من الرجال الشرقيين، مشيرةً إلى أن مناقشة مواقف العمل إما ستصبح ملازمة لهما سواءً في محيط العمل وخارجه، أو أنها ستستثنى من بين المواضيع التي يتبادل بها الطرفان الحديث بالحياة اليومية، وفقاً لما يقرراه معاً.

وأضافت: «لا أمانع من العمل مع زوجي تحت مظلة مؤسسة واحدة ولكن بأقسام إدارية مختلفة تجنباً للإحراج والمشاكل، خاصةً أنني أحتاج لفصل حياتي الشخصية والزوجية عن العمل، وأجد وقت الدوام مساحةً لكل امرأة متزوجة للهروب من مشاكل الحياة الأسرية وهمومها لفترة مؤقتة من اليوم، الأمر الذي يساعدها لاحقاً في مواجهة المطبات والأزمات التي تمر بها كل أسرة بطبيعة الحال».

ولفتت بأنها سمعت الكثير من القصص لبعض صديقاتها اللواتي يحرصن على البقاء بنفس جهة العمل مع أزواجهن وإن كان بنفس الإدارة، حتى يتمكنّ من القيام بدور «برج المراقبة» خارج المنزل حسب تعبيرها، والذي يكشف الزوج في حالات الكذب الأبيض والتهرب من المسؤوليات الأسرية والاجتماعية.

الفصل التام

ولفت كل من الزوجين إسراء أحمد ومحمد قصي، اللذين يعملان بشركة ديكور وتصميم داخلي بالشارقة، إلى أنهما اتفقا منذ إعلان خطوبتهما معاً على أن يجعلا نقاشات العمل بالعمل حصراً وألّا يتداولاها في البيت، كي يمنحا كل لحظة من حياتهما حقها ولا تختلط الأمور معاً فيما بينهما، مشيرين إلى أن تفاصيل الحياة المهنية كثيرة التعقيد بدرجة لا تنتهي، وأنها لا تستحق تعكير صفو حياتهم الزوجية والأسرية من أجلها.

وقال قصي: «واجهت صعوبة في الفصل بين الحياة الزوجية والحياة المهنية بمقتبل الأمر، خاصةً أنني لاحظت تأثري عاطفياً ونفسياً في حال تعرض زوجتي لأحد المشاكل أو الضغوط في عملها، الأمر الذي يضعف إنتاجيتي بالعمل بنسبة 25% تقريباً، وللأسف تواجهني حتى الآن بعض المواقف التي لا أنجح من تطبيق الفصل التام بين عواطفي وأخلاقياتي المهنية».





النظرة المحيطة

أما حول نظرة الناس في بيئة العمل للمتزوجين، فأشار محمد أحمد إلى أن أحد أساتذته بالجامعة كان يعمل مع زوجته بالجامعة، وكان الزوجان موضوع حديث زملائه بالدفعة خاصة أن كل منهما يدرس مساقات مختلفة في تخصص دراسي واحد، لافتاً بأنهما قد وقعا كثيراً في خانة المقارنة من حيث الأسلوب والمهارات التدريسية وكذلك ذوق المظهر العام للملابس وغيره.

وفي سياق متصل، ذكرت نور حكيم الفرق بين المتزوجين بالثقافة العربية والأجنبية، مشيرةً إلى اثنين من أساتذتها بالجامعة من جنسية عربية كانا يتجنبان الحديث معاً بالحرم الجامعي بأمور خارج العمل، في حين أساتذتها من جنسية أوروبية كانا لا يمانعان الحديث معاً داخل الحرم، خاصة أن لغتهم غير إنجليزية ولا عربية مما يخلق لحواراتهم خصوصية تمنع وقوعهم بأي مواقف محرجة.

من جهتها، نصحت مدربة الحياة وأخصائية البرمجة العصبية مودة الوزير الزوجين بتجنب العمل مع بعضهما البعض في حال عدم ثقتهما التامة في التحكم بعواطفهما وعزل الحياة المهنية عن الحياة الزوجية، ومسألة تقبل من يقود المركب بالعمل، خاصة في مشاريع الشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد لا يتقبل الزوج أن تكون زوجته مديرته أو العكس على سبيل المثال.

وأكدت أن اختلاف الآراء في العمل قد ينعكس سلباً على العلاقة الزوجية وتزداد سوءاً أحياناً كثيرة تصل لمراحل الانفصال المؤقت أو الطلاق، مشيرةً إلى ضرورة احترام الآراء ومنح الثقة والدعم للشريك سواءً كانا يعملان بنفس المؤسسة أو بمؤسستين مختلفتين، والذي يعتبر ركيزة أساسية في خلق التناغم والانسجام بينهما.