الثلاثاء - 14 مايو 2024
الثلاثاء - 14 مايو 2024

«شخبوطة».. مبادرة مصرية لعلاج الأطفال نفسياً بالفن

«شخبوطة».. مبادرة مصرية لعلاج الأطفال نفسياً بالفن

صفاء الشبلي

أثناء ممارستها لمهنتها مُدرسة بإحدى المدارس داخل القاهرة الكبرى عقب تخرجها من كلية الفنون الجميلة استقبلت الفنانة المصرية دوريس خزام إحدى الأمهات التي أكدت لها أن ابنتها التي كانت قد أُصيبت بحادث منذ فترة كبيرة صاحبه آلام نفسية وجسدية لم تستطع الأسرة علاجها، بدأت في التعافي بفضل حصص الرسم التي تقدمها دوريس، حينها لم تكن الفنانة المصرية تعرف بشكل مُعمق عن معاني «العلاج بالفن» بعدها قررت أن يكون الفن والعلاج بالرسم منهجها لتعافي الأطفال من آلامهم النفسية.



دراسة

قررت دوريس السفر للدنمارك لدراسة العلاج بالفن على أُسس صحيحة، وعند عودتها وجهت جهودها لخدمة الأطفال وعلاج مشكلاتهم النفسية الناتجة عن اعتداءات نفسية بعد عودتها كرّست جهودها للبحث عن أطفال مُتعافين من الإساءات خصوصاً الجنسية، أو إناث متعافيات من اعتداءات جنسية، وحلمت أن تصل رسالتها لدعم كل الأطفال في منطقة الشرق الأوسط، وفي بداية مشروعها أسست دوريس كورس «متلخبطة» بالمجان تماماً للفتيات المتعافيات من تجارب إساءات جنسية كالتحرش ونحوه ثم بدأت حملتها «شخبوطة» للتعافي بالفن، وتعاونت مع عدة مؤسسات منها «اليونيسيف» ومؤسسة جذور والهيئة المسيحية الكاثوليكية.

وتقول دوريس «اخترت اسم (شخبوطة) لمبادرتي لأنني أؤمن أن الفن قادر على خلق إنسان جديد بعد الصدمات التي قد يتعرض لها الأطفال في الصغر، وأتمنى أن يتغير المجتمع للعيش بشكل أفضل، وألا يظل المُتعرضون لإساءات جنسية حبيسي تجربة الصدمة طوال حياتهم».

دمجت دوريس الفن والإرشاد النفسي في مبادرتها التي يساعدها فيها مجموعة من الاستشاريين النفسيين، فأعدت ورش عمل فنية مُتخصصة لخدمة الناجين من الاعتداءات إلى جانب اللاجئين الناجين من مناطق الحروب كالسودان واليمن وإريتريا بالتعاون مع عدد من الجمعيات والمنظمات الدولية.



ما لا يُحكى

تستطيع دوريس ومتطوعو مبادرتها استخراج ما يكمن في نفسية الأطفال من عنف وقع عليهم، ورغم صدمة الآباء مما ينتج عن رحلة أبنائهم العلاجية ورفض البعض ما حكاه أبناؤهم على الورق، إلا أن البعض الآخر يتابع رحلة علاج الأبناء.

وتضيف دوريس في حديثها مع «الرؤية»: «دورنا في المبادرة أننا نطمئن الأطفال ليحكوا عما مروا به من تجارب سيئة، ولا أنسى عندما رسمت طفلة أعضاءً تناسلية وبسؤالها حكت تجربة اعتداء جنسي من أحد أقاربها، وهو ما لم يقبله الأب لكن بحديث هادئ استطعنا علاج الطفلة نفسياً مما ألم بها من آثار نفسية للاعتداء وخلقنا بيئة آمنة لها للتعافي».

وتستطرد «من خلال جلسات علاج لطفلين اكتشفنا أن الأم تتعرض لاعتداء بالضرب بشكل شبه يومي من الأب ربما كنا سبباً لتعافي الأم هذه المرة واتخاذها قراراً بالطلاق وسحب أبنائها من تلك البيئة غير الآمنة التي كانوا يعيشون فيها، ومن خلال متطوعي المبادرة فنحن نجوب الشوارع ونختار المناطق الأكثر احتياجاً للدعم النفسي».

وتزيد «أحياناً الناس (بتخاف) مننا لكن بعد ما بيشوفوا البهجة على وجوه أطفالهم بيتقبلوا وجودنا، ونبدأ في استكشاف الأطفال الذين يحتاجون للدعم والعلاج باستخدام الفُرشة والألوان التي أتمنى أن يرى كل الأطفال الحياة المبهجة من خلالها».

لا تعتمد مبادرة «شخبوطة» على الرسم فقط بل تستخدم كل ألعاب الأطفال لمساعدتهم على الحكي ومن ثم التعافي بدءاً من الأراجوز والألعاب الحركية وجلسات الحكي حتى الرسم والتعبير بالألوان، وجميعها وسائل لتعريف الأطفال والأهالي طرق التعامل مع الاعتداءات الجنسية وكيفية التعامل حال حدوثها.