الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

«لينكولن» بالدار البيضاء.. فندق تاريخي وتحفة معمارية تموت ببطء

في كل مرة يستسلم فيها جزء من فندق «لينكولن» الشهير بمدينة الدار البيضاء المغربية للزمن ويتهاوى، كما حدث ليلة الخميس-الجمعة الماضية، تسقط معه شذرة من تاريخ ذلك الفندق الفريد المغلق، الذي تأسس قبل أكثر من قرن، وأقام فيه رؤساء دول لن ينساهم التاريخ، كان من بينهم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، ثيودور روزفلت، ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ونستون تشرشل، كما يحكى أنه تم فيه التخطيط لإنهاء الحرب العالمية الثانية.

تاريخ الفندق

أطلق على الفندق اسم «لينكولن» نسبة إلى الرئيس الأمريكي الأسبق، أبراهام لينكولن. ويقع على مساحة تقدر بـ2500 متر مربع، في شارع محمد الخامس الواقع في قلب العاصمة الاقتصادية للمغرب. وقد وضع تصميمه المهندس الفرنسي، هيبير بريد، ليتم بناؤه ما بين سنتي 1916 و1920، بحسب ما كشفه ابن مالكه، إدريس بندرة، في حوار صحفي.

وبعد سنوات قدم خلالها «لينكولن» خدماته الفندقية، وبعدما وضعت على مخدات أسِرَّته رؤوس شخصيات كتبت أسماءها بالبنط العريض في كتاب التاريخ، واحتضن اجتماعاتهم، بدأت أجزاؤه في السقوط ابتداءً من أواخر ثمانينات القرن الماضي، ما دفع السلطات المغربية إلى اتخاذ قرار إغلاقه، ليتحول إلى مطرح للأزبال، ومأوى للمتشردين واللصوص.

وفي سنة 2000، صنفت وزارة الثقافة المغربية واجهة الفندق تراثاً وطنياً، كما أنه واحد من بين 40 معلماً مصنفاً ضمن فنون العمارة على مستوى مدينة الدار البيضاء.

وبعد توالي سقوط أجزاء فندق «لينكولن» الجزء تلو الآخر، الأمر الذي أدى إلى مصرع أحد المارة في سنة 2004، دخلت وزارة الثقافة المغربية في نزاع مع مالكه، ما دفع الوكالة الحضرية لمدينة الدار البيضاء إلى اتخاذ قرار نزع الملكية منه، لتتوجه هذه الأخيرة ومالك الفندق إلى محاكم القضاء المغربي، الذي حسم القضية لصالح الوكالة المذكورة في سنة 2012، و«عُرِض على المالك مبلغ مالي قدره 40 مليون درهم مغربي (حوالي 4 ملايين دولار أمريكي)»، وفق ما جاء في حوار صحفي لابنه، إدريس بندرة.

ترميم منتظر

وأعلنت الوكالة الحضرية لمدينة الدار البيضاء، بعد صدور الحكم القضائي المذكور، أنها ستبحث، في إطار مخططها المخصص للفترة ما بين سنتي 2012 و2014، عن مستثمرين ومهندسين معماريين، يمكنهم التجاوب مع تاريخ الفندق، ومع فنه المعماري وبنيته، ليظل معلماً من معالم مدينة الدار البيضاء، بحسب ما صرح به وزير السياحة السابق في المغرب، لحسن حداد، لوكالة المغرب العربي للأنباء سنة 2012، لكن عملية الترميم لم تتم، وظلت جدران "لينكولن" المتلاشية مُتَّكِئة على أعمدة حديدية تعينها على مقاومة السقوط، تنتظر ترميماً يعيد إليها الحياة.

ومرت سنوات انتظر خلالها البيضاويون (لقب يطلب على سكان مدينة الدار البيضاء) تحركاً ينقذ ما تبقى من تلك التحفة المعمارية، حتى فازت الشركة الفرنسية «رياليتي أنترناسيونال»، في أواخر سنة 2018، بصفقة ترميم وإعادة بناء فندق «لينكولن»، ونشرت على موقعها الإلكتروني صوراً لشكل الفندق بعد انتهاء الأشغال، أبهرت من شاهدوها، لكن ذلك لم يتم حتى الساعة، ليظل الفندق على وضعه.