السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

من كسوة الكعبة إلى فساتين الزفاف.. حفيد «القصبجي» يرفض اندثار مهنة جده

من كسوة الكعبة إلى فساتين الزفاف.. حفيد «القصبجي» يرفض اندثار مهنة جده

كسوة الكعبة

»ابن الوز عوام».. مثل مصري لطالما ذكر على هؤلاء الذين يرثون الصنعة عن أجدادهم وآبائهم، وهو ما ينطبق على أحمد شوقي عثمان القصبجي، 49 عاماً الذي ورث عن جده عثمان القصبجي ووالده، كيفية صناعة كسوة الكعبة.

كان جده رئيس مصلحة كسوة الكعبة، لمدة 3 سنوات من عام 1924 وحتى عام 1926، حيث خرجت الكسوة على يده إلى المملكة العربية السعودية لمدة 3 مرات، ورغم عدم استمرارية مصر في إرسال الكسوة، والتي كان آخر إرسال لها عام 1962، إلا أن هذه المهارة وطقوسها ما زالت محفورة على يد أحمد القصبجي وعائلته، الذي ورثوا هذه الحرفة لأكثر من 9 عقود.

وعن كسوة الكعبة لمن لا يعرف، تأخذ كمية كبيرة من الحرير والفضة، بحسب «حفيد القصبجي»، حيث يتم شغلها كاملة من السلك الفضة الطبيعي، وتتكلف نحو 21 مليون ريال، وفي القدم كانت تهديها مصر للمملكة العربية السعودية.





استكمل حفيد القصبجي حرفته والدوام عليها حتى الآن، لكنه استطاع أن يستثمر حرفته في صناعة أشياء أخرى يمكن استخدامها الآن، ليصنع أقمشة مميزة محفور عليها بالمشغولات اليدوية، والستائر وفساتين الأفراح، والصالونات الفخمة، وقبل كل ذلك الرتب العسكرية، الذي أخذ هو ووالده يصممانها في السبعينيات والثمانينيات، وحتى السنوات الأخيرة.

يوضح حفيد القصبجي، أن «الصناعة اليدوية» أساسها مصر، وقليلون هم من يعرفون قيمتها، فصناعة قطعة صغيرة من القماش لا يتجاوز حجمها المتر، وشغلها يدوياً على غرار كسوة الكعبة، تتكلف 5 آلاف جنيه مصرياً، وهو ما لا يقدره كثيرون، قلة فقط هي من تعرف قيمة هذه الأعمال اليدوية.

والد «أحمد القصبجي» ورث المهنة عن أبيه، لكنه استثمرها في صناعة أشياء أخرى، حيث صناعة الرتب العسكرية، يقول «الحفيد»: «بعد أن أوقفت الكسوة من مصر، بدأ أبي في صناعة الرتب العسكرية، تصميم النياشين، فقد ساهم في تصميم الطقم العسكري للرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، والذي كان يحضر به عروض أكتوبر (الكاب والكتافة والنياشين)»، مشيراً إلى أنه شارك بنفسه في تفصيل ستائر قصور الرئاسة في عهد الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، كما صمم عدداً من ستائر المسارح».



في ورشة صغيرة بخان الخليلي، يواصل أحمد القصبجي، عمله الذي ورثه عن جده، هو وأقاربه وأولاد أعمامه، يوضح «أحمد» أنه في هذه الورشة التقى الكثير من المشاهير الذين لجؤوا إليه إما لتصميم ملابسهم أو بعض المشغولات في سكنهم، منهم الفنانة كريمة مختار، ورشدي أباظة.

ويستخدم «الحفيد» الآن خيوط القصب في صناعة وتصميم منتجاته، موضحا:«استخدم خيوط القصب الياباني، وهو نوع من أنواع الخيوط، لونه لا يتغير، أما استخدام سلك الفضة يحتاج إمكانيات جبارة، كيلو الفضة أصبح بـ15 ألف جنيه، المتر في متر كلفته 10 آلاف جنيه، وهو ما لم يعد في الإمكان استخدامه الآن في ظل عدم الرغبة في إنفاق المزيد من التكاليف على مثل هذه المصنوعات من قبل الناس».



وأشار إلى أنه يصنع مشغولات بخيوط القصب تشبه كسوة الكعبة إلى الدرجة التي يحكم من يشاهدها أنها مصنوعة من الفضة، مشيراً إلى أنه يستخدم القطيفة أو القماش الشبيه بقماش الكعبة، أو حرير لو أراد الزبون.

ويخشى «الحفيد» من اندثار المهنة التي لا يجيدها بحرفية سوى 10 أفراد هم أقاربه فقط، في حين سلك ابنه طريق آخر غير المشغولات اليدوية التي تميز بها أجداده، حيث اتجه إلى عالم الكمبيوتر والتكنولوجيا، مشيراً إلى أن السوق ازدحم الآن بمنتجات كوريا والصين، الذين ينافسون أيادي الصنايعية المصريين بالمكن وبأرخص الأسعار، لكن من يفهم في الخامات والصنعة يكتشف فرق الجودة الواضح للغاية.