الجمعة - 10 مايو 2024
الجمعة - 10 مايو 2024

فوزي أبوهاني.. ترجمان «الحسون» في فلسطين

هواية الصيد وتربية الطيور دفعته للبحث عن أكثر الأنواع حباً وطلباً لدى عشاق الطيور، وصيرته مترجماً لزقزقات طائر الحسون المميز بتغريداته الصعبة. وبعد سنوات من معايشة الزقزقات، صار فوزي قادراً على التفريق بين معاني تغريدات الحسون بدقة وصار ترجماناً للغة الحسون.





بداية الحكاية

بدأ فوزي أبوهاني «60 عاماً» هوايته مع الطيور في شرق مدينة غزة، وهو في العاشرة من عمره. وعلى مدى نصف قرن تعلم قواعد تربية طيور الزينة وصار خبيراً فيها، وخلال هذه السنوات الطويلة صار صديقاً لكل محال بيع الطيور في سوق الزاوية القديم المعروف بأقفاص طيور الزينة والمعلقة على أبواب أصحاب المحال، ما يعطي المكان جمالاً فريداً مع أصوت تلك الطيور.

يقول أبوهاني لـ«الرؤية»: من الصعب أن يتكيف طائر الحسون مع المهارات التي يزوده بها المربون لتطوير لغته. فهو يولد بلغة طبيعية أو تغريدات طبيعية يكتسبها من أبيه بالجينات ثم يتلقى تغريدات الطيور في البيئة المحيطة به، ثم يأتي المربون ويعلمونه كيف ينظم هذه التغريدات في إيقاعات متماسكة، وكأنهم يمنحون الطائر نوتة موسيقية، تجعل من الزقزقات لغة مرتبة بمقامات متنوعة. وكلما أتقن الطائر هذه الإيقاعات والمقامات ارتفع سعره في سوق الطيور.





بداية انشغال فوزي بالحسون حسبما يقول جاءت.. «عندما طلب مني رجل مسن في غزة طائر حسون بمواصفات خاصة منها أن يحكي لغة «سلبلب سريا»، التي تعد من أصعب مقامات لغة الحسون، فتوجهت لمنطقة وادي غزة المعروفة بتوفر الحسون بها لصيد طائرين وبدأت التجربة الأولى لي في تعلم لغة الحسون. وقمت ببيع الطائرين بسعر مرتفع كونهما يحكيان بلغة فريدة».

ويضيف.. «دفعني الفضول للتعمق في هذا المجال الساحر وتعلم الكثير حتى أصبحت أعرف لغتهم والتناغم معهم عبر «البتبتة»، وهي لغة تفاهم بين المربي والطير يصعب فهمها بسهولة إلا لأصحاب الخبرة، حيث تتم مراقبة الفروخ منذ ولادتها، لتعليمها هذه الطريقة من التفاهم ويتم التعامل معها وفق درجة ذكائها.





طريقة التعليم

ويحكي أبوهاني طريقة تعليم الحسون فيقول «نلجأ في تعليمهم الإيقاع من خلال تسجيلات صوتية محفوظة لدينا وهي عملية دقيقة، نعودهم عليها نظراً لعدم وجود طائر معلم للطير المبتدئ، ما يجعل العملية صعبة أمام المربي، ومن المتوقع عدم نجاحها في البداية، لانعدام التناغم. ولذلك نكرر المحاولة أكثر من مرة. وتبدأ مرحلة التعليم منذ بلوغ الحسون عمر الشهر

ويبدأ الطائر الذكر عند البلوغ «يشربك» بنطق لغته، ليمر بمراحل التعلم والتي يُتوقع انتهاؤها بفشله بالدراسة، أو التخرج بجملة مقامات صوتية ولغة جيدة.





ويستطيع الحسون حفظ الكثير من نغمات الأصوات التي يسمعُها من محيطِه، ثم يدمجها مع صوته الأصليّ، ومن لغات الحسون الأساسية: السكسكة، والبتبتة، والتبربير، ومن أكثر الطيور التي يكتسب منها صوته العندليب، والشّحرور، والبلبل.

وفيما يتعلق بلغة الحسون، فالمراحل التي تمر بها متعددة حسب درجة استيعاب الطائر، والتي تبدأ في الشربكة ينطق «سكوليك، لا فرستك سكعيك، عيولت، على لسك بلبستك فرستعيك»، ثم ينتقل الطائر لمرحلة ثانية أكثر صعوبة، وينطق فيها إيقاعات تقول «سلبلب سيريا، سلك سلك فريا، لعصر فسريا، سلك سلللك سريا، ولكن النطق بختام المقامات هو الأصعب في اللغة، حيث يغرد الحسون ب: «عالكس لبلبلب فسريا».



وتختلف لغة الحسون لتغريداته بين الفرح والسعادة والغضب والجوع والشبع، كما تختلف بحسب المنطقة الجغرافية التي يعيش فيها كما تختلف حسب قدرة المربي في إكسابه مقامات لغوية جديدة.