السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

إثارة الجدل في الدراما العربية.. بين التعمد والترصد والرقابة الكلاسيكية



أثار عدد من الأعمال الدرامية السعودية الجدل خلال السنوات الأخيرة، وتسبب في حالة من اللغط بين الجمهور، خاصة عبر السوشيال ميديا، سواء من خلال ما قدمته من أفكار غريبة وشاذة عن المجتمع، أو تضمنها مشاهد تتنافى مع العادات والتقاليد، وكان آخرها مسلسل «ضحايا حلال»، الذي توقف عرضه بعد أن عرضت منه حلقات تضمنت مشاهد وألفاظاً خارجة، واتهم بالترويج للزواج المسيار.

كما شهد العام الماضي إيقاف المسلسل الكوميدي السعودي «شباب البومب»، بعد أن تعرض لانتقادات وهجوم كبيرين، حيث يقدم نماذج لشباب تافهين يستخدمون ألفاظاً وأساليب غير منضبطة.

مسؤولية مشتركة

أكد الفنان والمنتج السعودي عبدالله العامر، أن المنتج والقناة التي تعرض أي عمل فني هما من يتحملان المسؤولية المشتركة، مبيناً أنه وللأسف بعض المنتجين يسيرون بمبدأ «خالف تعرف» ويسعون للتنافس على تقديم أعمال تثير الجدل بهدف البروباجندا، حيث يقدمون أعمالاً تافهة وسطحية لا تناقش أي ظاهرة أو قضية اجتماعية مثل العنوسة والطلاق وغلاء المهور وغيرها، بل ينجرفون إلى تناول موضوعات تثير اللغط بين الجمهور.

وذكر العامر: «أطالب بمحاكمة من يقدم عملاً فنياً يخالف الذوق العام ويحمل أفكاراً شاذة وبعيدة عن القيم سواء من الجهات الرقابية أو بالطبع الجمهور من خلال السوشيال ميديا، الأمر يختلف بين إثارة الجدل وعمل حراك فني ومجتمعي في تناول قضايا مهمة مثل قيادة المرأة للسيارة وعمل وتمكين المرأة وبعض القضايا الاجتماعية والإنسانية وقضايا الفساد في مسلسلي (هوامير الصحراء، وعمشة بنت عماش)، وإثارة حالة من الجدل واللغط حول قضايا لا تعبر عن أي ظاهرة اجتماعية».



جرأة الطرح

بينما أوضحت الفنانة السعودية ميلا الزهراني، أن الجمهور انتقد بعض المشاهد القليلة في مسلسل «ضحايا حلال»، وكان معروضاً على منصة شاهد وهي مدفوعة وتم تصنيف المسلسل فوق 18 سنة، مبينة أن الهجوم ارتبط بممثلة واحدة وهي فنانة مغربية كانت لديها الجرأة لأن تقدم الدور بطريقتها الخاصة الجريئة.

وأشارت إلى أنها راضية عن دورها والشخصية التي أدتها في العمل وقدمتها للجمهور بشكل مختلف عن أعمالها السابقة، لافتة إلى أنها تبحث دائماً عن تقديم أدوار وشخصيات منوعة ومختلفة.



إثارة متعمدة

فيما أفاد المنتج السعودي خالد المسيند، بأن بعض صناع الدراما يعتقدون أن الإثارة تجلب الجمهور وهذا غير صحيح، خاصة الإثارة المتعمدة بقصد الشو أو الإثارة الفكرية، معتبراً الإثارة بغرض التأثير الفكري هي الأخطر على الدراما العربية على الإطلاق، فهي سرطان الدراما.

وتابع: «للأسف في المملكة والخليج المحتوى الدرامي غالباً يأتي من خارج البلاد، ومن يكتبون النص لا يعرفون تفاصيل المجتمع الخليجي وعاداته وتقاليده، مع التركيز على الإثارة في تناول موضوعات لا تعبر عن المجتمعات، وأصبح هناك إبعاد قسري لأصحاب الخبرة عن المشهد الدرامي، ليدخل في المجال الفني والمحتوى الدرامي أناس ليست لديهم نظرة ثاقبة في تقديم الدراما».



رقيب كلاسيكي

الكاتب والمخرج المسرحي السعودي رجا العتيبي قال: «الرقيب وحده الذي يقول: هذا ممنوع، وهذا غير مسموح، وهذا غير صحيح، ولكنه لم يعد مفيداً في زمن تغيرت فيه الاتجاهات والأيدولوجيات والمفاهيم، لو أخرج الرقيب الكلاسيكي رأسه من النافذة لشعر بالرياح تأتيه من كل جانب، لا يعلم من أين، ولا متى، ولا كيف».

وأكد أن قنوات التواصل الاجتماعي لا يمكن أن يعول عليها لأنها جزء من لعبة (نظام التفاهة) فلا تعلم الصادق من الكاذب، ولا الموضوعي من الأيديولوجي، ولا الفنان من غير الفنان، ولا يمكن أن تتخذ من خلالها قراراً لأنك لا تعلم من أين تدار.

وأضاف العتيبي: «الرقابة العربية في عصر ما بعد الحداثة، عليها أن تكون وطنية وتتحالف مع دول وطنية أخرى، فالهيئات الرقابية الصغيرة، أو الأقسام الرقابية الإدارية غير مجدية في عالم مخاتل، وعلى الرقابة العربية أن تعيد هيكلة نفسها، وتتمعن في فلسفة العالم الجديد الذي يضخ أعماله في كل القنوات، فلا يعلم أي ريح تصد، وأي عمل تمنع أو توافق عليه».

ويرى أن الرقيب التقليدي وحده لا يمكن أن يجابه اتجاهات قارية، وأن تصمم مشروعات رقابة كبرى شاملة وليس بنوداً مكتوبة على ورق تعد مشروعات ضد أنظمة التفاهة التي غزت الشرق والغرب، وعلى مشروعات الرقابة العربية الوطنية أن تكون هجومية وليس مجرد حائط صد، عليها أن تبادر وفقاً لقواعد الإعلام لتحمي الوطن، وتحمي وحدته.