الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

برامج وأفلام الأطفال.. في بيتنا خطر ملون

برامج وأفلام الأطفال.. في بيتنا خطر ملون

شكا آباء وأمهات، من تزايد موجات استهداف أطفالهم بمحتوى مرئي تقف وراء إنتاجه قنوات ومنصات بث ومواقع متعددة، تتنافس فيما بينها، على اجتذاب أكبر عدد من المتابعين الصغار، بعيداً عن الالتزام بضوابط مهنية، أو مجتمعية وقيمية متفق عليها، مشيرين إلى عجزهم عن مواجهة ما اعتبروه مشهداً فوضوياً يشكل خطراً جسيماً على جهود الأسرة، والمؤسسات المختلفة المعنية بالتنشئة السوية للأطفال، مشيرين إلى أن المحتوى المرئي الموجه لهذه الشريحة، يحمل عناصر إبهار وجاذبية، تجعل من محاولة تجاهله، مهمة شديدة الصعوبة، لا سيما في توقيت جلبت فيه التكنولوجيا الحديثة، العالم، عند أطراف اصابع الصغار.

وأكدوا أن جهود السيطرة على هذا المحتوى، أمر شديد الصعوبة، عملياً، سواء بالنسبة للصغار، الذين لا يستطيعون الإفلات من غواية متابعة، قد تسلمهم إلى حالة الإدمان على مشاهدة منتج بعينه، وربما تقليد بعض السلوكيات التي يتضمنها، أو حتى بالنسبة للكبار، الذين تتضاعف صعوبة تحكمهم بالتوجيه إلى المحتوى المناسب، أمام «غواية» متابعة المبهر، التي تتكرس لدى صغارهم.

وأكد أولياء أمور وصانعو محتوى وفنانون لـ«الرؤية» أنه بين المحتوى التلفزيوني، وبين محتوى منصات مدفوعة، وأخرى مفتوحة، فضلاً عن المحتوى المرئي المقدم عبر السوشيال ميديا، تصبح مهمة فلترة هذا المحتوى، فرزاً للغث عن السمين، مهمة محفوفة بالكثير من التحديات، ولا سيما أن تلك المرحلة العمرية، هي الأهم، في غرس وترسيخ القيم المجتمعية والإنسانية السوية، التي تؤثر فيها بشكل كبير، تلك القصص المثيرة، والبرامج الشائقة، التي تتلون بسحر الصورة المرئية الناطقة.

وشددوا على أن هذه المنصات، ولا سيما الشهيرة منها تستثمر هذه الحالة في الترويج لمنتجات شركات كبيرة، الأمر الذي يثقل من كاهل الأسرة ويضيف أعباء كبيرة قد لا تتحملها ميزانية الأسرة، مشيرين إلى أن المنصات الذكية باتت الحصان الجامح في معادلة الربح.



استحالة المنع

يعترف سالم صالح، وهو أب لثلاثة أبناء، بأنه قد يكون من غير الممكن منع الطفل من استخدام الإنترنت، بل إنه يرى أنه من الأفضل السماح له باستخدام الإنترنت لكن بشكلٍ منظمٍ وخاضعِ لرقابة الوالدين.

وأشار إلى أنه ينظم وقت استخدام أبنائه الإنترنت، بالنقاش معهم حول الزمن الذي سيُسمح لهم بقضائه في استخدامه.

وأضاف أنه يحاول جاهداً معرفة المحتوى الذي يتعرض له أبناؤه، ويختار المحتوى المناسب لهم، لأنه يعلم جيداً أنّ الرقابة من قبل الأهل على المحتوى من أهم الأمور لوقايته من الأخطار.



سلوكيات مدمرة

اشتكت أسماء سيد، وهي أم لثلاثة أطفال، من أنه باتت تصدر من أطفالها سلوكيات مدمرة تعلموها من خلال المحتوى المقدم عبر يوتيوب، وهي عبارة عن مقالب مميتة، مشيرة إلى أن أطفالها لا يستطيعون التمييز بين الخطر، لذلك يقلدون هذه السلوكيات من دون وعي، الأمر الذي وضعها في حيرة، حيث لم تستطع إبعادهم عن الأجهزة الذكية.

وأشارت إلى أن معظم قنوات يوتيوب تحمل أفكاراً بعيدة عن التقاليد العربية والإسلامية، ما يجعل الطفل يتلقى قيماً وأخلاقيات مناقضة لبيئته، ما ينمي بداخله دوافع نفسية متناقضة، بين ما يتلقاه، وما يعيشه داخل أسرته ومجتمعه.





تأثير تراكمي

يعترف عمر أبوزيد، والد 3 أطفال، بأنه بات عاجزاً عن منع أبنائه عن الجلوس أمام المنصات الذكية، مشيراً إلى أن هذه الأجهزة أبعدتهم عن متابعة قنوات الأطفال المحلية التي تقدم محتوى يخضع للرقابة، مؤكداً أن الخطر يكمن في التأثير التراكمي لذلك المحتوى، ولا سيما أن عقل الطفل بيئة خصبة لتلقي كل ما يوجه إليه، ما يؤثر على عاداته ومعتقداته.

وأشار إلى أنه لاحظ اكتساب أبنائه سلوكيات عنيفة، منوهاً بأن المحتوى الذي يعتمد على العنف والسحر ونسف المبادئ بأسلوب غير مباشر، سيعلم الطفل أساليب الانتقام، وأن الذكاء يكمن في القوة الجسدية.

وأشار إلى أن أبناءه أدمنوا متابعة محتوى أجنبي من ثقافات مختلفة يروج لأفكار مجتمعاتهم، التي قد لا تتلاءم مع قيم مجتمعاتنا، ما يكرس لثقافة غريبة في الملبس والمأكل، والتمسك ببعض العادات الغريبة عنا.





الدور الأهم

وتتبع ياسمين السيد- أم لطفلين- مبدأ الرقابة، حيث ترى أنها تلعب الدور الأهم في اختيار المحتوى الذي يجب أن يشاهده الطفل، مشيرة إلى أنها دوماً ما تعمل على اختيار القنوات الهادفة التي تقدم مضموناً تربوياً وتعليمياً، وذلك بالمشاركة مع طفليها.

وأشارت إلى أنها تتبع تلك الاستراتيجية بعد تكرار حوادث ذهب ضحيتها أطفال مغررين من محتوى خادع، لافتة إلى أن الطفل في عمر معين لا يستطيع الفصل بين الواقع والخيال، لذلك تعمد إلى تعريف أبنائها بأن ليس كل ما يُقدم حقيقياً.





المشاهدة أولاً

تعمل منار الجندي، وهي أم لطفل، على اختيار المحتوى المناسب لطفلها، وذلك عبر مشاهدته أولاً من أجل تقييمه ومعرفة هل هو ملائم له أم لا، مشيرة إلى أنها تستعين ببرامج وتطبيقات لمنع المواقع غير المناسبة نهائياً، ومتابعة ابنها أثناء المشاهدة، ومتابعة سلوكه هل حدث تغير في السلوك؟ وهل كان إيجابياً أم سلبياً؟





تدخل صارم

حذر الإعلامي وصانع المحتوى الإماراتي أحمد الماجد، من تعلق الأطفال بالأجهزة اللوحية، مشيراً إلى أنها باتت تقدم لهم الغث الذي ضرب بالأخلاقيات والعادات والتقاليد عرض الحائط، من خلال محتوى غريب عن مجتمعاتنا، داعياً إلى تكاتف الجهود من أجل وضع حد له، حتى لا نفاجأ بجيل مشوش ذهنياً وغير متزن فكرياً وبعيد بعداً تاماً عن الأخلاقيات والعادات والتقاليد.

وحث الأهل على الصرامة في التعامل مع المحتوى المقدم، سواء عبر القنوات الفضائية أو عبر يوتيوب أو غيره من منصات السوشيال ميديا، داعياً إلى تخصيص ساعات محددة لاستخدام الأجهزة اللوحية، ومراقبة المحتوى الذي تتم مشاهدته أولاً بأول.

وقال: «للأسف فقدنا الصورة النمطية الجميلة للطفل الذي يبحث عن أمه وأبيه عند استيقاظه من النوم، بل أصبح يبحث عن جهازه اللوحي وكأنه مبرمج على ذلك، ولا سيما أن الأهل يستعملونه كمخدر لإسكات أبنائهم، وأعتقد بأن الحل بالتقنين والتدخل الصارم من الأهل لدرجة الحرمان من استخدام الأجهزة اللوحية، فالطفل على ما يتم تعويده».

ودعا الجهات المسؤولة عن القنوات الفضائية وهيئات التنظيم الاتصالات إلى عدم إجازة هذه النوعية من البرامج وحظرها كلياً.



صعوبة السيطرة

يعترف المؤثر الاجتماعي كانو الكندي بأن من الصعوبة بمكان السيطرة على محتوى المنصات المخصص للأطفال، ولا سيما تلك الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك يجب على أولياء الأمور تكثيف توجيه الأطفال وتقوية الوازع الديني والمجتمعي لديهم، وتعريفهم بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة.

ودعا أولياء الأمور إلى تخصيص وقت للأبناء يجلسون فيه معهم لمعرفة اتجاهاتهم وميولهم من أجل تصحيح الأفكار الخاطئة، ولا سيما أن الفضاء بات مفتوحاً من كل الاتجاهات، مؤكداً ضرورة العمل على الحد من استعمال الأجهزة اللوحية، على الرغم من صعوبة ذلك، في ظل الاعتماد عليها بسبب التعلم عن بعد.





نمط استهلاكي

أكد الفنان طارق العربي طرقان، أن برامج الأطفال وخاصة المسلسلات والرسوم المتحركة، تأثرت كثيراً بالتحول نحو النمط الاستهلاكي على حساب القيم، الأمر الذي يعد خطراً يهدد قادة المستقبل.

وأضاف أن قنوات الأطفال العربية الموجودة، ما زالت تحافظ على أهدافها في إثراء ثقافة الطفل وتحفيزه على التحدث باللغة العربية الفصحى، لكن الأطفال هجروا هذه القنوات نظراً لوجود الكثير من المغريات في الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، التي جعلتهم يجولون العالم بكبسة زر واحدة.

ويكمن الخطر- بحسب طرقان- في انعدام الرقابة المنزلية من الآباء والأمهات على المحتوى الفني الذي يشاهده الأطفال، موضحاً أن هناك قنوات يوتيوب مفيدة للأطفال، قام بصناعتها مجموعة من الأسر العربية، والتي تعلم الأطفال الكثير من المعاني السامية والأهداف النبيلة.

لكن بعض هذه القنوات، وبحسب طرقان، بعد أن حققت شهرة، انحرفت عن الأهداف الرئيسية لوجودها، واتجهت إلى النمط التجاري الذي يستغل جيوب أولياء الأمور، عبر إغراء الأطفال المتابعين بمنتجات يعلنون عنها.

وأشار طرقان إلى أن الوسيلة الوحيدة لتوعية الطفل عند مشاهدته البرامج والقنوات الخاصة به، هي التحدث معه وكأنه شخص ناضج وتعريفه بالأهداف التي تعمل بها هذه القنوات، كي يكون قادراً على معرفة الحقيقة من الاستغلال التجاري.





غياب الأهداف التربوية

حذر الفنان محمد بشار نجم قناة طيور الجنة سابقاً، من أن بعض برامج الأطفال تقدم مواضيع غير أخلاقية لا تتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع العربي المحافظ، مبيناً أنهم يحفزون الأطفال على الجشع المادي والتركيز على المال، أكثر من تعلم قيم وعادات تسهم في الحفاظ على الأخلاق والقيم الإنسانية.

وأضاف أن القنوات الموجودة على الشاشة أو عبر يوتيوب، في معظمها ذات نفع مادي وتتبع شركات تجارية كبيرة للتسويق لمنتجاتها عبر جذب الأطفال.

ولفت بشار إلى أن برامج الرسوم المتحركة في فترة ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، كانت ذات أهداف تربوية، تعمل على تثقيف الطفل وتعليمه الاعتماد على النفس، إضافة إلى نطق اللغة العربية الفصحى بشكل جيد.





تغير الأدمغة

أرجعت الفنانة المصرية لقاء الخميسي سبب تراجع إنتاج أفلام «الكرتون» إلى ارتفاع كلفتها، وتغير أدمغة الأطفال عما كانت عليه في عقود سابقة، بحسب قولها. وقالت: إن الجيل الحالي من الأطفال يفوق ذكاء عن الأجيال السابقة، إذ أصبح مُطلعاً على كل شيء بواسطة الهواتف المحمولة والحواسيب النقالة.

وأضافت: «إذا تحدثنا عن أفلام الكرتون المُقدمة في الوقت الحالي، سنجدها متغيرة بشكل جذري عن نظيرتها التي عاصرتها في طفولتي مثلاً، فلم تعد البراءة حاضرة في محتواها مثلما عاهدناها في السابق».

وتابعت: الأفكار المُقدمة أصبحت أكثر انفتاحاً بما أننا نعيش في عصر العولمة، ولكن لا بد من وجود دور للأسرة في مراقبة ما يشاهده أبناؤهم، فعن نفسي أتابع جيداً ما يشاهده أبنائي «أدهم» و«آسر» وأتحدث معهما، ولكنني ألاحظ نمو درجة تفكيرهما وذكائهما في الحديث عن أمور تتخطي أعمارهما، وهذا شأن جيد وليس معيباً في رأيي.



أكثر اطلاعاً

تعتقد الفنانة المصرية إيمي سمير غانم أن الجيل الحالي يختلف كثيراً عن الأجيال السابقة، إذ باتت الهواتف المحمولة لا تفارق أيديهم، وأصبحوا مطلعين على كل المستجدات في مختلف المجالات.

وتابعت: عن نفسي لم أشاهد أفلام كرتون في طفولتي، إذ بدأت علاقتي بأعمال الأطفال وأنا في المرحلة الإعدادية، لأنني كنت أعشق مشاهدة فوازير «فطوطة» و«نيللي وشريهان» وأنا صغيرة.

وأشارت إلى أنها تضع الأطفال على رأس أولوياتها بدعوى أنها من الممثلات المفضلات لدى فئة صغار السن، بحسب قولها، مشيرة إلى أنها تتمنى تقديم أعمال للأطفال من حين لآخر، لأن هناك علاقة خاصة تجمعهم معها.

ولفتت إلى أنها لم تتردد في تقديم مسلسل (سوبر ميرو) عام 2019، والذي استهدفت به الأطفال بشكل مباشر وصريح، ومع ذلك نجح في جذب الكبار أيضاً لمشاهدته.