الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

اختصاصيون: الدراما الهادفة منصة تصون مقدرات المجتمع وتعزز مشاعر الانتماء للوطن

اعتبر اختصاصيون نفسيون واجتماعيون، الدراما الوطنية بمثابة وصفة معرفية مصحوبة بمتعة المشاهدة، تبصر قطاع عريض من المجتمع، بحقائق بطولات وملاحم ومواقف مضيئة، على نحو يصب في صالح صيانة مقدرات المجتمع، ودعم اللحمة الوطنية، ودحض دعاوى أصحاب الأفكار الهدامة والمضللة، عازين ذلك إلى أنها تخاطب العقل الواعي والباطن في الوقت نفسه، الأمر الذي يساعدها على إكساب المشاهد خبرات لا يمكنه اكتسابها عن طريق القراءة، مشبهين هذه الدراما بالمنصة التربوية والاجتماعية التي تسهم في غرس الوعي والمعرفة وتعزز مشاعر حب الوطن لدى أفراد المجتمعات، الأمر الذي يعزز القيم الإيجابية الفطرية.

وأكد اختصاصيون نفسيون واجتماعيون لـ«الرؤية» أن الدراما الوطنية، محفزة للقدرات العقلية، حيث تبث بداخل الجمهور، ولا سيما الشباب حب الوطن وتدفعهم إلى الدفاع عنه والابتعاد عن الأفكار المتطرفة، مشيرين إلى أنها تنبه الآباء إلى المخاطر التي تحيط بالأبناء، مؤكدين أن الدراسات أظهرت أن لهذه الدراما انعكاسات إيجابية على علاقة الفرد بالمجتمع وكذلك علاقته بأسرته، فضلاً عن كونها الأكثر حسماً في المعارك الرقمية التي تشنها بشكل شبه يومي، كتائب الكترونية مغرضة.

وفي الوقت نفسه دعا نقاد وفنانون عبر «الرؤية»، الحكومات العربية إلى دعم الأعمال الوطنية سواء على المستوى المادي والتي تشمل التجهيزات وأماكن التصوير والوثائق التاريخية أو الجانب المعنوي المرتبط بتشجيع الإبداع المرتبط بهذه النوعية من الأعمال، لا سيما على صعيد إنجاز النصوص، مشيرين إلى أنها تتطلب ميزانيات ضخمة قد تستحيل على كثير من المنتجين، ولا سيما أن الأعمال الوطنية دائماً ما تكون كبيرة، كونها دراما شعبية.

وأكد النقاد، أن الأعمال الوطنية هي الدراما الوحيدة التي تضمن نجاحاً مسبقاً بين الجماهير والنقاد، داعين إلى عرضها خلال الموسم الرمضاني الذي يضيف الكثير للعمل، مشيرين إلى أنها تحتاج إلى نصوص قوية مكتوبة بطريقة احترافية وحوار وسيناريو ذكي، لذلك تحتاج إلى ورشة كتابية تعتمد على البحث والتقصي.



تراكم الخبرات

يرى اختصاصي طب المجتمع الدكتور الإماراتي سيف أحمد درويش، أن الأعمال الوطنية مثل خيانة وطن، الاختيار والممر وغيرها من الأعمال الدرامية الوطنية العربية، تراكم من خبرات المشاهد العربي، وتعزز من هويته وتمسكه بالوطن وقيادته، حيث تنمي هذه الدراما مشاعر الحب والإخلاص، حيث تصل هذه المشاعر إلى العقل بصورة مباشرة فتترسخ في العقل الباطن.

وأكد ضرورة أن تكون الدراما مرآة تعكس الواقع بما فيه من بطولات ومنجزات ومواجهة لأفكار التطرف والإرهاب، مشيراً إلى أنها تعزز المشاعر الوطنية والأفكار الإيجابية لدى أفراد المجتمعات وتساعد على غرس العديد من القيم والمشاعر الإنسانية لدى الجمهور، الأمر الذي يعزز من قيم السلام والتسامح.



نجاح سريع

أكدت الخبيرة النفسية والتربوية أحلام النجار، أن الدراما الوطنية الأقدر على محاربة الأفكار الهدامة، كونها تخاطب العقل الواعي والباطن في الوقت نفسه، الأمر الذي يساعدها على إكساب المشاهد خبرات لا يمكنه اكتسابها عن طريق القراءة مثلاً، الأمر الذي يضمن لها نجاحاً سريعاً.

وأشارت إلى أن الدراما منصة تربوية واجتماعية تسهم في غرس الوعي والمعرفة لدى كافة الأجيال، فضلاً عن أنها تعزز مشاعر حب الوطن وروح القوة لدى أفراد المجتمعات.

ولفتت إلى أنها تساهم في ترهيب الأطفال والشباب من الانجراف وراء الإرهابيين والسلوكيات المرفوضة، فضلاً عن أنها تفتح عقول الشباب وتعزز من وعيهم وتحثهم على الابتعاد عن الأفكار المتطرفة نتيجة لمشاهدة انعكاساتها وآثارها على المجتمعات من خلال أداء الفنانين، منوهة بأنها ترفع من وعي الآباء والأمهات، حيث تساهم في تعريفهم بالكثير من المخاطر التي تدور حولهم والتي يمكن أن تؤثر في أبنائهم ومحيطهم.



محفزة للقدرات

وصفت الخبيرة الاجتماعية، أمينة محمد، الدراما الهادفة بما فيها البطولية والتاريخية، بالمحفزة للقدرات العقلية لأفراد المجتمعات، حيث تبث بداخلهم حب الوطن وتدفعهم إلى الدفاع عنه والابتعاد عن الأفكار المتطرفة.

وأكدت أن الأعمال الدرامية تؤثر على سلوكيات أفراد المجتمعات بوجه عام، وهو ما توصلت إليه الكثير من الدراسات الأكاديمية والعملية، التي أظهرت أن لهذه الدراما انعكاسات إيجابية على علاقة الفرد بالمجتمع وكذلك علاقته بأسرته، داعية إلى الإكثار من تقديم هذه الدراما التي تكشف عن بطولات أفراد المجتمع ودفاعهم وحبهم لأوطانهم، وتحث في الوقت نفسه على نبذ أفكار التطرف والإرهاب والابتعاد عن السلوكيات المرفوضة.



نماذج إيجابية

ترى استشارية العلاقات الاجتماعية والنفسية، رِهام الحيدري، أن الأعمال الدرامية تحمل جوانب وآثاراً نفسية واجتماعية إيجابية وسلبية في الوقت نفسه على الشباب والأطفال وأفراد المجتمع بوجه عام، لذا من المهم على الأسر أن تنتقي ما تشاهده من أعمال درامية بدقة.

وأكدت أن الدراما الوطنية تقدم نماذج إيجابية للأجيال الجديدة، بخلاف الأخرى التي تلعب على المشاعر وتدس السم في العسل، منوهة بضرورة تكاتف كافة الجهات المعنية لتقديم أعمال درامية يمكنها مواجهة أعمال وافدة من بلدان تعادي الدول العربية وتزيف التاريخ وتغرس في عقول الشباب معلومات كاذبة.

ودعت إلى ضرورة أن يتركز عرض هذه الأعمال في الموسم الرمضاني الذي يمتلك قوة تأثير تتخطى الحواجز الفكرية، مؤكدة أن الآثار الإيجابية للأعمال الوطنية يمكن ملامستها بصورة مباشرة أو غير مباشرة على أفكار وسلوكيات وقيم الشباب.





دعم حكومي

اعتبرت الناقدة حنان شومان، الدراما الوطنية أقوى سلاح في مواجهة الإرهاب والتطرف، مشيرة إلى أنها تساعد على تشكيل وعي الشباب وتمدهم بمعلومات حقيقية عن تاريخ الأوطان وتؤكد لهم ما فعله الآباء من أجل الحفاظ على الوطن من المتربصين.

وأكدت شومان أن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى دعم حكومي كبير، خاصة أن الأعمال الوطنية دائماً ما تكون كبيرة، فهي دراما شعبية، موجهة للشعب ككل، وحتى تخرج بصورة جيدة يجب أن يكون الإنتاج على أعلى مستوى.

وترى أن مثل هذه الأعمال الفنية تعكس واقع المجتمعات وما تواجهها من تحديات، منوهة بأن أكثر المستفيدين منها فئة المتأرجحين بين تصديق وتكذيب أصحاب الفكر المتطرف الذي يمتلكون الكثير من الأساليب الجذابة التي توقع الشباب إلى في براثن أفكارهم «العفنة».



هجوم كاسح

دعت الناقدة المصرية ماجدة موريس، كافة الجهات إلى المساهمة في إنتاج مثل هكذا أعمال لأن تكلفتها ليست بسيطة خاصة في الديكورات والمعارك الحربية والأزياء المستخدمة فيها، مستشهدة على ذلك بمسلسل «الاختيار» الذي حقق النجاح بمساعدة الدولة التي وفرت له كافة الإمكانات التي جعلته يظهر في الصورة التي أبهرت الجمهور.

وأشارت إلى أننا نعيش في زمن نحتاج فيه إلى تعضيد القيم والحس الوطني نتيجة الهجوم الكاسح من الجماعات المتطرفة على شبابنا، معتبرة الموسم الرمضاني الموسم الأفضل لعرض هذه الأعمال الوطنية خصوصاً أن الجميع يفضل متابعة المسلسلات فيه.



تثقيف الوجدان

أكد الناقد الفني المصري طارق الشناوي، أنَّ للدراما الوطنية دوراً مهماً جداً في تثقيف الوجدان، معتبراً هذا النوع من الدراما واحداً من الأعمال التي تضمن نجاحاً مسبقاً بين الجماهير والنقاد، لأنها تعبر عن الشعب والمعاناة التي عاشوها في مواجهة الإرهاب والتطرف، خاصة إذا كان العمل يتحدث عن قضية مصيرية مثل قضية الإرهاب وجماعة الإخوان الإرهابية، مستشهداً على ذلك بالنجاح الكبير الذي حققه مثل «الاختيار» وفيلم «الممر» في مصر ومسلسل خيانة وطن في الإمارات.

ودعا إلى عرض هذه الأعمال خلال الموسم الرمضاني الذي يضيف الكثير للعمل، خاصة أن جميع الأشخاص لديهم وقت لسماع هذه الأعمال، ولا سيما في وقت الإفطار أو قبل وقت السحور، وهو ما يضمن للعمل الدرامي تحقيق انتشار واسع.





ورش كتابية

اعتبر الناقد الفني الكويتي مفرح الشمري، الدراما الوطنية، ضرورة ملحة تحتاج إليها كل الدول من أجل مواجهة الإرهاب والتطرف، مشيراً إلى أنها الأنجع في ظل تراجع الإقبال على القراءة، وإقبال الشباب على السوشيال ميديا التي باتت المصدر الرئيسي للأفكار الخبيثة.

وأشار إلى أن هذه الدراما مثل خيانة وطن أو العاصوف للنجم ناصر القصبي تحتاج إلى فكر وعقل يسرد كيفية مواجهة التطرف والإرهاب بطريقة يفهمها المشاهد البسيط، لافتاً إلى أنه في الماضي كانت الحروب عبارة مواجهات مباشرة بين جيش وآخر، أما الآن فإن الحرب مع عدو خفي، وهي أصعب بكثير، لذلك يحتاج الأمر إلى دراما جيدة تتسلل إلى القلوب قبل العقول، مؤكداً أن تأثير الدراما أكثر من تأثير مئات المقالات.

ولفت إلى أن هذه الأعمال تحتاج دعماً حكومياً ضخماً سواء على مستوى التجهيزات والمعدات أو أماكن التصوير، لذلك هي في حاجة إلى فريق عمل قوي ومتجانس، منوهاً بأن هذه الأعمال تحتاج إلى نجوم شباك، حتى يمثلون دافعاً للجمهور الذي سيصبح متعطشاً لرؤية نجمه في عمل وطني.

وأشار إلى أن هذه الأعمال تحتاج إلى نصوص قوية مكتوبة بطريقة احترافية وحوار وسيناريو ذكي، لذلك تحتاج إلى ورشة كتابية تعتمد على البحث والتقصي، لكي يخرج العمل متكاملاً يجذب الجمهور.

وذكر أن هذه الدراما في العادة تتصدر عداد المشاهدات في المواسم الرمضانية لأنها بعيدة عن الاستخفاف بعقل المشاهد وبعيدة عما تقدمه بعض الأعمال الرمضانية التي تحولت إلى منصة لعروض الأزياء، فيما تكون الأعمال الوطنية قريبة من المشاهد كونها صادقة تطرح قضية مهمة، خصوصاً إذا كُتبت بشكل صحيح وقدمت بشكل يتناسب مع الموضوع.





ميزانية ضخمة

أوضح المخرج المصري علي عبدالخالق أن قناعات جهات الإنتاج بأهمية وتأثير المسلسلات الوطنية وراء تقديمها بكثافة خلال الفترة الراهنة، لافتاً إلى أن هذه النوعية من الأعمال الوطنية تحتاج لرصد ميزانيات إنتاجية ضخمة، خاصة إذا تضمنت مشاهد أو معارك أو حروباً في طيات أحداثها، إلا أن حجم التأثير الذي تحدثه في المتلقي يدفع المنتجين لتقديمها.

وأشار إلى أنه قدم عدداً من الأفلام الوطنية على مدار مشواره، منها «يوم الكرامة، أغنية على الممر، وإعدام ميت»، لذلك يعي جيداً أهمية وتأثير تلك الأعمال التي ما زال الجمهور يتابعها أينما عرضت.