الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

مجلس «دبي للصحافة» يناقش مستقبل الدراما العربية بين التلفزيون والمنصات

مجلس «دبي للصحافة» يناقش مستقبل الدراما العربية بين التلفزيون والمنصات

في أولى جلسات المجلس الرمضاني لنادي دبي للصحافة، التي عقدت تحت عنوان «الدراما العربية بين التلفزيون والمنصات الرقمية»، أكد المشاركون أن اختلاف جوهر الدراما والتلفزيونات العربية وأدوات العرض لم يأتِ من فراغ بل جاء كنتيجة طبيعية لاختلاف أذواق المشاهد العربي.





وأشاروا إلى أن المنصات العالمية الكبرى أصبحت تستقطب محبي الدراما والتشويق والجمهور العربي بشكل أسرع مما مضى، موضحين أن المتابع العربي لم يعد يرتبط بفكرة الجلوس أمام شاشة التلفزيون لمتابعة الأعمال المفضلة لديه، لافتين إلى أنه على الرغم من أن منصات الإنتاج والعرض الدرامي الرقمية تحقق نجاحاً وانتشاراً عربياً، إلا أن التلفزيون يبقى المصدر الأول والأساسي للترفيه ومتابعة الدراما في العالم العربي، وأنه نجح في تنويع مصادره ومحتواه بما يتناسب مع مختلف منصات العرض.



واستضاف المجلس، الذي عقد مساء أمس (الاثنين) في مقر نادي دبي للصحافة، نخبة من المعنيين بهذا المجال ضمّت: مدير عام قنوات MBC علي جابر، الفنان والمنتج أحمد الجسمي، الفنانة ميساء مغربي، الفنان عابد فهد، مدير مشاريع الدراما في مؤسسة أبوظبي للإعلام عيسى كايد، الفنانة أسيل عمران، الفنانة ديمة بياعة، الناقد الفني والسينمائي في قنوات إم بي سي جميل ضاهر، وأدارت الجلسة الإعلامية ندى الشيباني، بحضور مديرة نادي دبي للصحافة ميثاء بوحميد، وعدد من الشخصيات الفنية والثقافية في الإمارات.





وفي هذه المناسبة وجهت ميثاء بوحميد، مديرة نادي دبي للصحافة الشكر لجميع المشاركين لما قدموه من أفكار مهمة حول واقع البث التلفزيوني والإنتاج الدرامي وعلاقته بالمنصات الرقمية تأثيراً وتأثراً من خلال تجارب وخبرات نخبة من المعنيين بهذا المجال، مشيرة إلى أن المجلس الرمضاني لنادي دبي للصحافة يشكل إضافة فكرية ومعرفية عبر نقاشات تتعرض لموضوعات تلامس المجتمعات العربية.





مشروع تجاري

وخلال مشاركته في الجلسة، قال المدير العام لقنوات MBC علي جابر إن المنصات الرقمية أصبحت واقعاً لا مفر منه، ما دفع حكومات للدخول على خط دعم المنصات الرقمية سواء الموجودة حالياً أو الاستثمار في ابتكار منصات جديدة، مشيراً إلى أن اختلاف الإنتاج العربي والمحتوى المعروض ما بين التلفزيون والمنصات الرقمية مسألة يتحكم فيها العنصر المادي أولاً وأخيراً، لأن المنصات الرقمية بالنهاية هي مشروع تجاري، وتبحث عن الربح وليس فقط على كم ونوع الإنتاج.

وأضاف جابر: «صحيح أن فيروس كورونا وما تبعه من تداعيات شكل تحدياً للشاشة العربية من ناحية الإنتاج، ولكن في الوقت نفسه كانت له تبعاته الإيجابية إعلامياً، من ناحية عدد ساعات المشاهدة التي ارتفعت في المنطقة بسبب ظروف الحجر الصحي في أغلب البلدان».





محنة ومنحة

بدوره، أكد مدير مشاريع الدراما في مؤسسة أبوظبي للإعلام عيسى كايد، أنه من الخطأ أن ننظر إلى اختلاف الإنتاجات العربية ومستقبل الشاشة ما بين الفضائيات والمنصات العربية، وننسى المشاهد العربي الذي تغير بدوره، بل فرض هذا الكم الكبير من التغيير الذي نشاهده في مسألة المشاهدة ما بين التلفزيون والمنصات الرقمية.

ورأى كايد أن تداعيات جائحة كوفيد–19 على الإعلام والقنوات العربية كانت (محنة ومنحة) في ذات الوقت، إذ أسهمت الجائحة في دفع صناع القرار الإعلامي نحو التغيير ووضع استراتيجيات أكثر واقعية بناءً على التجربة التي صاحبت كورونا، لافتاً إلى أن المنصات الرقمية تتفوق على القنوات التلفزيونية في مسألة عرض المحتوى الموجه لشرائح محددة قد تناسب بيئة عربية دون غيرها، على عكس التلفزيون الذي تتسع شريحة متابعيه لتشمل كل فئات المجتمع.





حالة اجتماعية

وخلال مشاركته في الجلسة الرمضانية وصف الفنان عابد فهد التلفزيون بأنه «حالة اجتماعية»، ووسيلة عرض عائلية بالدرجة الأولى، على عكس المنصات الرقمية التي تتميز بنوع من الاستقلالية، مع الاعتراف بأن الشريحة التي تفضل هذا النوع من المحتوى هي شريحة كبيرة جداً.

وقال فهد إن منظور الشاشة والمتابعة اختلف هذه الأيام حيث لم يعد جامعاً للعائلة، كما كان الحال قديماً، بسبب ظهور المنصات الرقمية التي بات معها كل فرد يعيش عالمه الخاص، ويطالع ما يحلو له من أعمال وبرامج يرغب فيها، متحرراً من قيود الزمان والمكان، التي ظل يفرضها التلفزيون على الجمهور لسنوات طويلة، مؤكداً أنه كفنان يهمه بالدرجة الأولى أن تحظى أعماله بالمتابعة بشكل واسع وأن يتواجد أمام مختلف فئات المتابعين سواء في التلفزيون أو المنصات الرقمية.

محتوى مدفوع

وذكرت الفنانة والمنتجة ميساء مغربي، أن ثقافة الاشتراك والدفع مقابل المحتوى المعروض فكرة تلقى نجاحاً في منطقة الخليج العربي، ولكن لا ننكر أن بعض البلدان العربية الأخرى لا تمتلك هذه الثقافة، بسبب وجود فوارق في طبيعة الاشتراك في هذه المنصات التي تكون في معظمها عن طريق بطاقات بنكية محددة وغير مدعومة في الكثير من الدول العربية الأخرى كوسيلة دفع، لذلك فإن فكرة عرض المحتوى على المنصات الرقمية فقط وإبعاد التلفزيون كوسيلة لمشاهدة هذا المحتوى، فيها ظلم كبير للمشاهد العربي.

وأكدت مغربي أن المنصات الرقمية الأجنبية أصبحت أكثر متابعة في المنطقة العربية بسبب استهدافها للمتابع العربي، وإنتاجها أعمالاً وبرامج موجهة له خصيصاً.



استقطاب الجمهور

بدورها، لفتت الفنانة أسيل عمران، إلى أن المنصات العالمية أصبحت تستقطب الجمهور العربي أسرع فأسرع وتضع عينيها على الأجيال الأصغر سناً، وبالتالي انسحب قطاع كبير من الجمهور شيئاً فشيئاً من دوامة الجلوس أمام شاشة التلفزيون لمتابعة أعماله المفضلة، من دون فواصل إعلانية.

ومع إنشاء منصات إلكترونية جديدة أثبتت جدارتها بما تعرضه حصرياً، وأصبح قطاع الشباب لا يقترب من القنوات الفضائية إلا فيما ندر، ودفعت عمران بأن العنصر الأهم في هذه المعادلة هم كُتّاب السيناريو والقصص الدرامية القادرون على استيعاب تفكير الشباب ويؤمنون بضرورة التغيير في الطرح والخروج من عباءة الخطوط الحمراء غير المبررة أحياناً.



مواكبة الواقع

وخلال الجلسة التي عقدت في مقر نادي دبي للصحافة، قال الفنان والمنتج أحمد الجسمي، إن المطلع على واقع الدراما العربية والمتابع الجيد لأحوالها وتقلباتها، يمكنه تسجيل العديد من المتغيرات التي طرأت على صناعة الدراما العربية من حيث الشكل والمضمون وآليات تسويقها وانتشارها، فهي ليست بمعزل عن المتغيرات الهائلة التي شهدها الواقع العربي المعاصر وتأثره بمحيطه الإقليمي والدولي، والتطور المتسارع في تقنيات ومنصات التواصل الاجتماعي وآلية صناعة وانتقال الخبر وطرق استقاء المعلومة، مؤكداً أن كل هذا كان وراء ظهور الرغبة الملحة في إيجاد شكل جديد من أشكال التعبير خارج القوالب الإعلامية والفنية والدرامية المتعارف عليها.

وأضاف الجسمي: «إذا كنا ندرك بالفعل أن فئة الشباب هي الشريحة الأكبر في عالمنا العربي، فإننا أمام حقيقة لا مفر منها، كون هذه الفئة من المجتمع تبحث دائماً عن التغيير والخروج عن النمط السائد وكسر الأشكال الكلاسيكية في التعبير، وتنساق وراء التيارات المتجددة في أنماط الحياة على مختلف الأصعدة».



مصدر أساسي

بدورها قالت الفنانة ديما بياعة، إن التلفزيون بلا شك هو المصدر الأول والأساسي للترفيه في العالم العربي، وقد نجح في تنويع مصادره لإنتاج محتوى يتناسب مع مختلف فئات المجتمع، ولكن في ذات الوقت المنصات الرقمية، أتاحت أمام الجمهور خيارات أوسع، في ظل توجه الكثير من هذه المنصات إلى قاعدة الإنتاج الأصلي، وهذا من شأنه أن يفتح فرصاً كبيرة أمام الشباب والمواهب العربية الجديدة للمشاركة وتقديم أفكاره التي يؤمن بها.

طريقة المشاهدة

وفي ختام الجلسة، أوضح جميل ضاهر، خلال مداخلته أن المنصات الرقمية استطاعت أن تعيد صياغة طريقة المشاهدة لدى الجمهور العربي، وهو ما يفسر ارتفاع الطلب على المحتوى العربي خلال السنوات الأخيرة على هذه المنصات، مضيفاً أن المنصات الرقمية العالمية نجحت في إنتاج أعمال عربية قدمت مجتمعاتنا بطريقة جديدة، وقد يتفق أو يختلف البعض حول أثر هذه الظاهرة، ولكنها في المجمل أعمال ناجحة دفعت المنتجين وكُتّاب السيناريو إلى التفكير جدياً بتغيير نظرتهم للواقع.