الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فنانون: غناء الممثلين في الدراما ليس بدعة بشرط توظيف خامة الصوت

شيماء يحيى

أكد نقاد وفنانون أن اتجاه الممثلين إلى تقديم أغانٍ داخل أعمالهم الدرامية أو السينمائية وحتى المسرحية، ليس بدعة، مشيرين إلى أن صناع السينما منذ بداياتها قبل مئة عام، كانوا يبحثون عن الممثل الشامل، صاحب الأداء التمثيلي الجيد والصوت الجميل والماهر في الرقص أيضاً.

لكنهم اشترطوا أن تكون الأغنية من نسيج العمل وليست مقحمة عليه مع توظيف خامة ونوع الصوت داخل الدراما، مستشهدين على ذلك بأغنية «عيني بترف» التي غناها الراحل نجيب الريحاني مع الراحلة ليلى مراد، ورغم أن الأول كان يمتلك صوتاً خشناً جداً، إلا أنها خرجت بصورة أبهرت الجمهور، حيث أجاد الملحن والمخرج توظيف صوته بالشكل الصحيح الذي جعل الأغنية تعيش في ذاكرة المشاهدين عشرات السنوات.

وأكد فنانون لـ«الرؤية» أن هذه الظاهرة تنشر خليجياً بصورة كبيرة في الكويت، وفيما تتجلى إماراتياً أكثر في المسرح، حيث كانت كثيراً ما تحل الأغنية مكان الحوار، وكان تأثيرها أكبر وأعمق فتكسر حاجز الملل الذي يمكن أن يصيب الجمهور.

وأعاد هذه الظاهر المتجددة إلى الواجهة النجاح الكبير الذي حققته أغنية التي شدا بها الفنانان مصطفى شعبان وعمرو سعد في مسلسل ملوك الجدعنة، وحققت نسب مشاهدة كبيرة سواء على يوتيوب أو السوشيال ميديا.



وقدم الراحل محمود عبدالعزيز أغنية في فيلم «الكيف»، والفنان القدير فؤاد المهندس هو الآخر كان أحد أهم نجوم التمثيل الذين يتمتعون بأداء جيد للأغاني، وكان يقدم دائماً داخل أعماله السينمائية أو المسرحية أغاني، يتذكر الجمهور منها مثلاً أغنيته الشهيرة «خمس قارات» وأغانيه في مسرحية "هالة حبيبتي" وأشهرها "مارونجلاسيه".

فيما قدم النجم الراحل محمود ياسين في مسلسل «غداً تتفتح الزهور» أغنيته الشهيرة "حلوة يا زوبة"، وأيضاً كان النجم أحمد زكي من الممثلين الموهوبين في الغناء، فقد كان في الكثير من أعماله السينمائية يغني، ففي فيلم "كابوريا" مثلاً قام بالغناء في أكثر من موقف درامي وفي فيلمه "مستر كاراتيه"، وفي فيلم البيه البواب "أنا بيه".



تفاعل جماهيري


هناك مواهب تمثيلية أثبتت قدرتها الحقيقية في الغناء، حظيت بتفاعل خاص مع الجمهور الذي أحبها، وأصبح يكررها في مناسباته المختلفة من حفلات زفاف وأعياد ميلاد وحفلات التخرج الجماعي، ومنهم الكوميديان محمد هنيدي ومحمد سعد، حيث أدى كل واحد منهما عدداً كبيراً من الأغاني في أفلامهما السينمائية.

وهناك بعض الممثلين الذين شاركوا بالغناء في تترات المسلسلات ومنهم الفنانة فردوس عبدالحميد التي غنت تتر مسلسل "أنا وأنت وبابا في المشمش"، والفنانة صابرين التي غنت تتر مسلسل "هي وغيرها" والذي كان من بطولتها.



الفنان الشامل


يرى رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الوطني ياسر قرقاوي أنه ومنذ ظهور الأفلام السينمائية قبل أكثر من 100 عام، كان الاختيار في الكثير من الأفلام العالمية في ذلك الوقت يقع على الممثل صاحب الصوت الجميل والقادر على الرقص أيضاً، لذلك استعان الكثير من المخرجين بمطربين ومطربات مشهورين في ذلك الزمن للأداء التمثيلي السينمائي.

وأشار إلى أن هذه الظاهرة انتقلت إلى التلفزيون في منتصف القرن الماضي مع الأعراف المتبعة في السينما مع شيء من المرونة والتساهل، وتطورت عملية الإنتاج والأجهزة التكنولوجية التي تحسن كل شيء بما فيها صوت أي شخص للغناء بحيث تلغي النشاز من طبقة الصوت لتكون مناسبة للأغنية بكل سهولة.

وأكد قرقاوي أن غناء الممثل أو الممثلة في الأعمال الدرامية سواء كانت سينمائية أو تلفزيونية أو إذاعية أو مسرحية، يساعد كثيراً في إضفاء أجواء جميلة على العمل تجذب المشاهد بصورة كبيرة، لكن بشرط أن تكون الأغنية من نسيج العمل وليست مقحمة عليه.

وأشار إلى أفلام بوليوود تعتبر أفضل مثال لغناء الممثلين، حيث يقع الاختيار لدور البطولة غالباً على الموهوب الشامل في التمثيل والغناء والرقص، وحتى اختيار جسد الممثل المتناسق رياضياً لأهمية مرونة الأداء.



خدمة الدراما


اعتبر الناقد المصري عصام زكريا، صوت الممثل أحد أدواته الأساسية التي يعمل دائماً على تدريبها وصقلها، مشيراً إلى أنه كثير من الممثلين الجيدين يعرفون كيفية الغناء حتى لو لم يكن صوتهم جميلاً أو قوياً، وبعضهم يستطيع أيضاً أن يجعل الغناء أحد أسلحته الإضافية، كما فعل أحمد زكي ومحمود عبدالعزيز ويسرا.

ويتابع: هناك أصوات لا تصلح للغناء مثل نيللي كريم التي شاركت بالغناء في بعض الإعلانات فلم يضف لها الغناء شيئاً، لذلك من المهم توظيف خامة ونوع الصوت داخل الدراما، فالراحل نجيب الريحاني مثلاً كان لديه صوت خشن جداً ولكن أدى أغنية مع ليلى مراد لأن الملحن والمخرج أجاد توظيف صوته بالشكل الصحيح الذي جعل الأغنية تعيش في ذاكرة المشاهدين عشرات السنوات.



بديل للحوار


تنشر هذه الظاهرة في الكويت أكثر منها في الإمارات، بحسب الفنان الإماراتي عبدالله صالح، منوهاً بأن الأمر يقتصر في الساحة الفنية الإماراتية على مشاركة بعض المطربين مثل الجسمي في غناء تترات المسلسلات، حيث يضفي صوته عنصر جذب مهماً للعمل الدرامي كما فعل في تتر مسلسل خيانة وطن وكانت مقدمة غنائية جميلة ومؤثرة.

ويلفت صالح إلى أن هذه الظاهرة تتجلى أكثر في المسرح الإماراتي، حيث خاض صالح بنفسه هذه التجربة مقدماً مجموعة من الأغاني التي غناها وكتبها ولحنها وأكثرها كان في مسرح الطفل، ومنها مملكة السلام، باب الأمل، وجسوم وحيد، وياسمين والمارد الشرير، حديقة الخير ومدينة الألوان، وأحلام وفرقة الأنغام.

وأشار صالح إلى أنه تعامل مع كثير من الفرق وكتب ولحن لها، وأحياناً كانت الأغنية تحل مكان الحوار، وكان تأثيرها أكبر وأعمق فتكسر حاجز الملل الذي يمكن أن يصيب الجمهور، مؤكداً أن غناء الممثل يمكن أن يخلق حالة درامية إيجابية وموظفة بشكل جيد في سياق العمل المسرحي، وتكون مهمة في العمل المسرحي بعكس السينما والدراما التلفزيونية.