الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

ما علاقة ارتفاع درجات الحرارة بجرائم العنف الزوجي؟ خبراء يجيبون

درجات حرارة غير مسبوقة شهدتها مصر في الفترة الماضية، بحسب ما أعلنت الهيئة العامة للأرصاد الجوية بأن صيف 2021، هو الأكثر سخونة وحرارة مقارنة بالخمسة أعوام الماضية منذ عام 2017، حيث سجلت درجات الحرارة هذا العام أعلى من المعدلات الطبيعية بقيم تراوح بين 3 - 4 درجات مئوية.

وتزامن ارتفاع درجات الحرارة مع بعض جرائم العنف الأسري التي شهدتها البلاد وجرائم قتل زوجي بسبب المشاحنات اليومية. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة للنقاش حول سبب انتشار مثل تلك الجرائم التي أرجعها البعض لارتفاع درجات الحرارة، التي قد تؤثر بدورها على زيادة انفعال الأشخاص نتيجة تغيير كيمياء الجسم فيتولد العنف، لكن هل ارتفاع درجات الحرارة سبب رئيسي لتلك المشكلات أم أنها عامل مساعد لها فقط؟



يقول خبراء لـ«الرؤية» إن طبيعة التكوين البشري نفسياً قد تتغير في فصل الصيف، وهو ما يترتب عليه بعض العنف لكن وجود جرائم مترتبة على هذا العنف يأتي نتيجة ترسبات سابقة.



عوامل مفجرة



الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية يقول لـ«الرؤية» إنه بالفعل قد تزيد نسبة الجرائم في فصل الصيف، ولفت هندي إلى الارتباط الوثيق بين الجرائم والتقلبات المناخية، فعلى سبيل المثال فكل الجرائم المتعلقة بالأموال ترتفع في فصل الشتاء، بينما جرائم الجنس ترتفع في فصل الربيع، أمّا جرائم فصل الصيف فتتنوع بين الانتحار أو الشروع فيه والعنف الزوجي والضرب والإتلاف وتبلغ أعلى معدلاتها في مصر في فصل الصيف.





وأضاف هندي في حديثه مع «الرؤية»: «مع ارتفاع درجات الحرارة تزداد حدة التوتر والقلق واستثارة الأعصاب والدخول في نوبات متتالية من الغضب غير المبررة، نتيجة ارتفاع هرمون الأدرينالين بفعل درجات الحرارة العالية وبالتالي تزداد معه حدة الغضب».

واستطرد: «ارتفاع درجات الحرارة أحد العوامل المفجرة لحدة الغضب وما يترتب عليه من عنف تالي».



الخلفية الذهنية



الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي يقول لـ«الرؤية» إن ارتفاع درجات الحرارة بالفعل يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجريمة، لكنه فقط عامل مساعد، فاختلال ثقافة بعض الأفراد يدفعهم إلى ارتكاب الجرائم.

ويشرح فرويز: «السوشيال ميديا جعلت كل ما يحدث من جرائم ينتشر بشكل كبير، وهو ما يكون لدى بعض الأشخاص قليلي الثقافة فكرة التقليد لما رأوه أو سمعوا عنه في مواقف مشابهة، إضافة لتقليد البعض للأفلام والمسلسلات فلم نعد نستطيع التفرقة بين ما يمكن أن نشاهده فقط أو ما نشاهده ونقلده».



ويستطرد: «السوشيال ميديا أيضاً ساهمت في تصدير النماذج السيئة التي يسعى البعض لتقليدها هذا بوجه عام، أما بوجه خاص وفيما يخص ارتكاب البعض للجرائم فإن تصدير نموذج لـ«خناقة زوجية» هناك بعض عديمي الثقافة يقومون بتقليدها، والثقافة ليست مرتبطة بالتعليم».

وشدد فرويز على أن ارتفاع درجة الحرارة من الممكن أن يتسبب في حالة من التهيج العصبي للأشخاص، ونوع من الإثارة العصبية التي قد تؤدي إلى ما يعرف بالعنف اللحظي، الذي ينتهي عند وقت معين ولا يمكن أن يصل في أي حال من الأحوال إلى القتل، وما شهدناه في الأيام الأخيرة من جرائم قتل هي جرائم مع سبق الإصرار والترصد.



عوامل طارئة



تنفي الدكتورة سوسن الفايد أستاذة علم الاجتماع بالمجلس القومي للبحوث في مصر، أن يكون ارتفاع درجات الحرارة سبباً في زيادة العنف أو جرائم القتل، وتؤكد أن هناك عدداً من الأسباب الطارئة التي أدت لانتشار العنف.

وتشرح «عدم انتشار ثقافة العلاج النفسي والذي قد يكون كامناً ويظهر بفجاجة عند تحريكه بفعل مسببات خارجية كالضغوط المادية مثلاً، وعدم زيارة الطبيب النفسي فالصحة النفسية مهمة كالعضوية تماماً، مع التعرض إلى ثقافة الصورة التي تحمل عنفاً سواء في الدراما أو مشاهد الدم بفعل العمليات الإرهابية، كلها عوامل تؤدي للتجرأ على ارتكاب الجُرم».



أما عن جرائم العنف الزوجي، فترى الفايد أنها نتيجة ترسبات فشل العلاقة الزوجية الذي يجعل الأنثى دائماً في حالة استعداء للزوج، ومع تزايد الضغوط عليها والاضطرابات الهرمونية التي تحدث لأي أنثى يتحول ذلك سلباً على العلاقة الزوجية، وينتهي الأمر بارتكاب جريمة.

وتختم الفايد «كل ما يحدث داخل البيوت يتم تناقله على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أحدثت بدورها تغريباً ثقافياً لدى البعض، حروب الجيل الرابع التي تضرب ثوابت المجتمع، لذا لا بُد من تدخل من جانب الدول لمنع ضرب ثوابتها وتقاليدها».