الثلاثاء - 20 مايو 2025
الثلاثاء - 20 مايو 2025

«الفلاشة» تحوّل مغنين إلى «سوبرمان» ونقاد: غيبت الحميمية الطربية

أكد نقاد فنيون أن استعانة مغنيين بـ«الفلاش ميموري» في حفلاتهم حولتهم إلى «سوبرمان»، حيث يمكنهم الغناء في أكثر من حفلة في اليوم الواحد، مؤكدين أن قرار نقابة الموسيقيين في مصر بمنعها سيُجبر المطربين عامة ومغني المهرجانات خاصة على تطوير المحتوى الفني الذي يقدمونه.

ونوهوا لـ«الرؤية» بأن «إلغاء الفلاشة سيكون مقياساً كبيراً للحكم على رداءة الأصوات التي ظهرت خلال الفترة الماضية دون أي موهبة حقيقية، مشددين على أنها أضرت بصناعة الموسيقى وبأحوال العازفين والمطربين؛ فالعازف لا يعمل إلا في تسجيل الأغنية في الاستوديو، ويظل هذا التسجيل مصاحباً للمطرب في أي مكان».

ولفتوا إلى أن «الفلاشة» غيبت الحميمية الطربية بين المطرب والجمهور، فالأول لا يستطيع أن يعيد «كوبليه» بناءً على طلب الجمهور، ولا يستطيع أن يرتجل لحنياً على الأقل، وهذا الارتجال كان من عناصر تميز مطرب عن آخر، كذلك يفتقد المطرب الحرارة المطلوبة في الأداء التي يولدها تفاعله مع الجمهور.

البداية بسعد

وطبقت نقابة الموسيقيين في مصر غرامة 20 ألف جنيه مصري على المطرب أحمد سعد بعد غنائه دون فرقة موسيقية مستخدماً «الفلاشة»، وأوضحت «الموسيقيين» أن سعد هو أول من طُبق عليه هذا القرار بمناسبة إحيائه حفلاً بالساحل الشمالي يوم الخميس الماضي بطريقة «الفلاشة»، وتم إنذاره بعدم تكرار الغناء على الفلاشة وفي حال التكرار سيتم إحالته لمجلس التأديب.

تغريم سعد جاء تنفيذاً لقرار النقابة بمنع استخدام الفنانين للفلاشة الغنائية على خلفية «خناقة» المطربين حسن شاكوش ورضا البحراوي في الساحل الشمالي منذ عدة أيام، وطالبت النقابة باستخدام فرقة موسيقية لا تقل عن 8 أشخاص، مع استخدام المطرب لصوته الطبيعي.



الناقد الفني هاني عزب هو من نشر الفيديو الخاص بغناء سعد وكان سبباً في تغريمه، كما نشر فيديو آخر للفنان حسن أبوالروس والذي خالف خلاله قرار النقابة أيضاً، وارتكب مخالفتين هما الغناء باستخدام الفلاشة دون تصريح.



مقياس للموهبة

هاني عزب يقول لـ«الرؤية» إنه يتفق تماماً مع قرار نقابة «الموسيقيين»، إذ يرى أن القرار سيوفر العديد من فرص العمل بالنسبة للعازفين المنتمين للنقابة خاصة بعد إلزام كل المطربين بتكوين فرقة موسيقية لا يقل عددها عن 8 أشخاص، بالإضافة إلى أن القرار من وجهة نظره سيُجبر مطربي المهرجانات إلى تطوير المحتوى الفني الذي يقدمونه.

ويستطرد: «القرار وحسب نقابة الموسيقيين سيكون على الجميع وليس فئة دون أخرى بدليل واقعة أحمد سعد في الساحل الشمالي، والتي قمت بنشرها ووقعت النقابة عليه عقوبة بمبلغ 20 ألف جنيه، وهو أول مطرب تقع عليه العقوبة على الرغم من علاقة الصداقة التي تجمعه مع نقيب الموسيقيين هاني شاكر، وهي إشارة مهمة بأن أي مطرب لا يحترم القرار سيتم عقابه».

ويتابع عزب: «إلغاء الفلاشة سيكون مقياساً كبيراً للحكم على رداءة الأصوات التي ظهرت خلال الفترة الماضية دون أي موهبة حقيقية».

ويلفت عزب «الأهم في القرار هو حالة السماح التي أقرتها النقابة لأكثر من 10 أيام قبل تطبيقه بشكل رسمي حتى يتمكن الجميع من تكوين فرقتهم وعمل بروفات قبل الظهور، وهو ما نفذه المطرب عمر كمال الذي يمتلك خامة صوت جيدة، وكوّن فرقته الموسيقية قبل حتى تنفيذ القرار بشكل رسمي».

إضرار بالصناعة

الناقد الموسيقي محمد حسين الشيخ يقول لـ«الرؤية»: إن وجود «الفلاش ميموري» أضر بصناعة الموسيقى وبأحوال العازفين بل وبأحوال مطربين؛ فالعازف لا يعمل إلا في تسجيل الأغنية في الاستوديو، ويظل هذا التسجيل مصاحباً للمطرب في أي مكان، كذلك أصبح المطرب «سوبر مان» يغني في مجموعة حفلات في نفس الليلة، وهو أمر يضر بمطربين آخرين قد لا يذهبون لحفلات بسبب أن هناك نجماً قادراً على الغناء في أكثر من حفل في نفس الليلة، وهذا النجم له سوق أكثر رواجاً منهم.

أما من الناحية الفنية، فيشرح الشيخ أضرار استخدام الفلاشة، ويقول: «من الناحية الفنية ضيعت هذه التقنية الحميمية الطربية بين المطرب/ة والجمهور، لأن المطرب لا يستطيع أن يعيد»كوبليه«أو قطعة موسيقية، بناءً على طلب الجمهور، ولا يستطيع أن يرتجل لحنياً على الأقل، وهذا الارتجال كان من عناصر تميز مطرب/ة عن آخر، كذلك يفتقد المطرب الحرارة المطلوبة في الأداء التي يولدها تفاعله مع الجمهور».

ويلفت الشيخ: «قديماً كان المطرب/ة ينجلي في الحفلة أكثر من الاستوديو، فمثلاً كانت أم كلثوم ترى الغناء في الاستوديو هو غناء للحديدة (الميكروفون)، ولا تعترف إلا بالغناء أمام الجمهور، وبعينيها تختار أحد الحضور، وتركز عليه وعلى انفعالاته وتغني له هو، دون أن يشعر أحد بذلك، فيصير هذا الرجل أو هذه السيدة هي البوصلة لأم كلثوم، بل الجهاز الذي يحدد إلى أي مدى وصلت من الحرارة والإبداع.»

ويُنهي: «بالطبع مع وجود نسخة واحدة من الأغنية مُسجلة على شريحة إلكترونية، نفتقد إلى كل هذه المعاني، والأهم أننا نفتقد صوت المطرب/ة الحقيقي، فالصوت الموجود على الفلاش ميموري سجل بعد تحسينات كثيرة جرت عليه، حيث مرّ صوته/ا على أكثر من فلتر لتنقيته، بل وخضع لمونتاج ليبدو نفسه/ا أطول.. إلخ من تقنيات جعلتنا نستمع إلى فلاش ميموري وليس إلى فنان حقيقي».

قرار مقصود

يرى الناقد الفني عبدالرحمن عباس أن قرار منع «الفلاشة» مقصود وموجه بالأساس لمطربي المهرجانات.

ويقول عباس لـ«الرؤية»: «القرار محدد ومقصود به بعض مطربي المهرجانات في إطار الأزمات الدائرة بين هاني شاكر ومطربي المهرجانات، فالموضوع مقصود لأشخاص بعينهم».

وتابع: «الفلاشة» لا تعني رداءة الصوت.. فهناك مطربون يلجأون في بعض الأحيان عند التعب والإرهاق أو الالتزام بأكثر من حفل في وقت واحد.

ويستطرد: «أنا ضد المنع لأنه ليس وسيلة فعَّالة، سوق الغناء عرض وطلب طالما الجمهور قبل أن يحضر حفلة لمطرب بفلاشة أو بلاي باك مثلاً، فليس من حق أحد الاعتراض».

ويختم عباس «أنا مع تقنين الإجراءات كالمستندات المطلوبة للقيد بنقابة الموسيقيين لكن أكثر من ذلك وطريقة الغناء تكون حسب ذائقة الجمهور فقط».