السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

«60 دقيقة».. الأهم من صناعة التشويق.. الحفاظ عليه!

«60 دقيقة».. الأهم من صناعة التشويق.. الحفاظ عليه!

ياسمين رئيس ومحمود نصر في لقطة من المسلسل.

يستحق مسلسل «60 دقيقة»، أو الحلقات التي عرضت منه حتى الآن، ما يلقاه من متابعة واهتمام يضعانه على قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة على منصة «شاهد VIP».

اتسمت الحلقات الثلاث الأولى بالغموض والإيقاع المحكم وتضافر العناصر الفنية من تمثيل وتصوير وموسيقى وديكور ومونتاج نجحت المخرجة الشابة مريم أحمدي في إدارتها بتمكن.





هذا الانسجام بين العناصر الفنية المختلفة خلق عالماً بين الواقع والحلم يلفه الغموض والقلق. كل الشخصيات تقريباً تبدو غارقة في بحر من الأسرار: ياسمين (ياسمين رئيس)، الزوجة والأم التي تعاني اكتئاباً «بلا سبب»، رغم حرص زوجها أدهم الطبيب النفسي الثري، الشهير، الوسيم، أن يخرجها من عزلتها وشكوكها.



لكن أدهم نفسه، بأداء محمود نصر الأفعواني، حيث يبدو ناعماً لكنه قاتل كالحية، محاط أيضاً بغموض مريب، سواء في علاقاته بالنساء اللاتي يترددن على عيادته، أو بأمه (سوسن بدر) الطبيبة قوية الشخصية المهووسة بالتحكم والتي لا تكف عن نغز وتأنيب زوجة ابنها. حتى الطفل، ابن ياسمين وأدهم، التلميذ بالمرحلة الابتدائية، يبدو أيضا غير سويا، إذ يعتدي على زميلته بالضرب لأنها لا تبادله الاهتمام الذي ينتظره منها!



يمتد الغموض إلى الشخصيات الأخرى: محامية غريبة الأطوار (شيرين رضا) وزوجها الأكثر غرابة الذي يعالج عند الدكتور أدهم، ويحاول استرجاعها بأية وسيلة، بينما تصر هي على رفع دعوى خلع ضده.. زوجة شابة (فاطمة البنوي) تحاول الانتحار دون سبب معروف، وهناك شك في أنها كانت تتردد على عيادة أدهم. الصديقة القديمة لياسمين وأدهم (مها نصار) التي تعود للظهور في حياتهما فجأة.



تعيش الشخصيات كلها في قلق من خطر داهم مجهول، وتساهم في مزيد من التشويق مقدمة المسلسل التي تصور لقطات من مستقبل الشخصيات، تظهر فيها ياسمين كمحكومة عليها بالإعدام بتهمة القتل، أمنيتها الأخيرة الحصول على 60 دقيقة إضافية لكشف حقيقة شيء ما!



يبدأ التوتر في الارتفاع مع الحلقة الثالثة، التي يظهر خلالها أدهم في برنامج تلفزيوني يستضيفه أسبوعياً، وتتصل فتاة مجهولة تتهمه بالتحرش. واضح أن ياسمين تصدق الفتاة، وتشك في زوجها، كما شكت فيه عندما قيل إن المرأة التي حاولت الانتحار كانت تتردد على عيادته.



يقوم أدهم بهجوم مضاد ضد الفتاة المتصلة، وفي اللقاء التالي من البرنامج التلفزيوني تظهر فتاة تزعم أنها المتصلة وتعتذر عما قالته، لكن هذا يزيد من شكوك ياسمين.



هذا الإيقاع السريع الذي ميز الحلقات الأولى يهبط في الحلقة الرابعة، والسبب هو أن معظم الحلقة عبارة عن «فلاش باك» طويل جداً عن بداية علاقة الزوجين ياسمين وأدهم، كيف التقيا، وكيف أغواها بترك خطيبها عمر (أحمد خالد صالح)، وتبين الحلقة أن ياسمين ليست الزوجة البريئة الغافلة التي ظهرت في الحلقات الثلاث السابقة، وأنها «خطفت» كلاً من عمر وأدهم من صديقتها المقربة.



ربما كان الأفضل كشف هذا الماضي على فترات محسوبة درامياً، بدلاً من استنفاذها في «فلاش باك» واحد، وبما أن «60 دقيقة» من نوعية الأعمال التي تدعو مشاهدها للتركيز والتفكير، فربما كان الأفضل ترك مساحة للمشاهد ليكتشف طبيعة العلاقات ويربط بين الأحداث بنفسه.

على أية حال يبقى على المسلسل أن يعود للانتظام إيقاعياً وأن يحافظ على «الجو العام» الذي خلقه في الحلقات الأولى.



وأثبت كاتب السيناريو محمد هشام عبية قدرته على كتابة تسلسل درامي مشدود، بالرغم من أن القصة نفسها عادية. وأثبتت المخرجة مريم أحمدي قدراتها في إدارة الممثلين وتحقيق التناغم بين العناصر الفنية المختلفة، وسوف يكون من الصادم ألا يستمر العمل في الحفاظ على مستواه الفني وتأثيره النفسي المميز.



من بين فريق ممثلين أجادوا تقديم أدوارهم وفقاً لنوع العمل ومزاجه العام، يبرع بشكل خاص محمود نصر في دور أدهم، الجذاب المخيف، وتقدم شيرين رضا شخصية المحامية بطريقة خاصة ومختلفة، أما خالد كمال فيبرع كعادته في أداء الشخصيات غريبة الأطوار. اللافت أن أضعف الشخصيات كتابة هي بطلة العمل الرئيسية ياسمين، فطبيعة شخصيتها غير واضحة ودوافعها غير مفهومة، خاصة في الجزء الذي يدور في الماضي. هل هي فتاة بلا شخصية تنقاد من حبيب إلى آخر، أم شريرة أنانية، مهووسة بالغدر والتخلي؟ تبدو ياسمين رئيس مرتبكة في الإمساك بطبيعة الشخصية أحياناً.



ربما تكشف الحلقات القادمة سر هذا الارتباك المتعلق بشخصية ياسمين.