الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

البضائع المقلَّدة.. مشترٍ بلا ثقة وبائع بلا ضمير

البضائع المقلَّدة.. مشترٍ بلا ثقة وبائع بلا ضمير
البضائع المقلَّدة درجات، وتعد الدّرجة الأولى و«الماستر كوبي» الأعلى والأغلى سعراً، والأكثر منعاً في دولة الإمارات، ورغم ذلك فإن الحصول عليهما ليس بالأمر المستحيل، هو فقط له بعض الأسرار التي قد تتعلمها أو يخبرك بها من خاض التجربة من قبلك، وبالنظر إلى أن هناك ما يشبه الهوس باقتناء الماركات العالمية، فمن الطبيعي أن يكون هناك مُشترٍ يبحث عن نسخة مقلَّدة منها، وبائع يريد التربح من هذا الهوس.

السوق الصيني في عجمان

بدأت رحلة البحث عن منتجات «الماستر كوبي» من السوق الصيني في إمارة عجمان؛ حيث تنتشر المحال هناك، وهي تعرض البضاعة المقلدة ذات الدرجة الثانية والثالثة، وتحتفظ بالدرجة الأولى والماستر كوبي في المخازن أو تحت الطاولات- كما يفضلون وصفها. يعلم البائعون جيداً نوعية البضائع التي تستهوي المتسوق، خاصة النساء فهن يبحثن غالباً عن حقائب وأحذية الماركات العالمية.


وقد ينتظر البائع المتسوقات ليبادرن بالسؤال عما يبحثن عنه، وغالباً ما ترى النساء في هذا السوق، تحملن بيدهن هواتفهن وبها صور للقطع المطلوبة، أو بمعنى أدق صوراً للقطع الأصلية، التي يبحثن عن نسخة تشبهها.


وبوجه عام، فعملية التسوق بهذه الطريقة تعتريها بعض الصعوبات في ظل المحاذير القانونية، ولكن في النهاية يجد البائع والمشتري نقطة تواصل، سواء سؤال الزبائن عن طريق صور، أو حتى عرض البائع صوراً لبضائعه «الماستر كوبي» التي يخبئها في مكان ما، وبعد أن تختارها يحضرها لك سريعاً، مع قابلية التفاهم والمضاربة على السعر، وقد يقنعك بأنه لن يخفض لك السعر أبداً، لأن القطعة جديدة وتصميمها آخر ما عرضته دار الأزياء العالمية، في أسبوع الموضة بباريس

تجربة في السطوة

وبعد التجربة الأولى التي كانت أبسط من المتوقع، خضنا تجربة أقرب للمغامرة، وقصدنا حي «السطوة» في دبي، هناك الأمر مختلف نوعاً ما، ويبدو أن المراقبة أقوى وأكثر صرامة، فخلال تجولك في الشارع قد ترى بعض الشباب من الجنسيات الآسيوية يلاحقونك بكلمات قد لا تبدو مفهومة، وعندما تركز أكثر فيما يقولونه فستفهم أنهم يعرضون عليك الذهاب معهم لتعاين بضاعتهم، وهذا الأمر قد لا يكون آمناً بالمرة، فمرافقة الغرباء قد لا تُحمد عقباها.

في حال وافقت على الذهاب مع هؤلاء، فقد تجد نفسك تصل إلى محال مغلقة أو حتى شقق في إحدى البنايات، ويعرضون عليك بضائعهم المقلدة من «الكوبي 1» أو حتى «الماستر كوبي»، والمفاجأة في كمية البضائع التي يقدمونها لك، والماركات العالمية التي يعرضونها عليك، من شانيل وجوتشي وبرادا ولويس فيتون، وساعات روليكس وباتيك فيليب وغيرها، وعلى الرغم من أن أسعار هذا النوع من المنتجات باهظة، فإنهم يبيعونها مقابل 1500 و2000 و3000 درهم للقطعة الواحدة، وقد يخبرك البائع عن قصة من اشترى قطعة، وذهب إلى محل الماركة العالمية الأصلية، ولم يتمكن من التفريق بين الأصلي والمزيف.

فخ السوشيال ميديا

أما الخطوة الأكثر سهولة لخوض تجربة شراء البضاعة المقلدة، فهي عن طريق حسابات الإنستغرام؛ حيث تملك الحسابات المختصة في هذا الأمر القدرة الكبيرة على الوصول إليك، ويكفي أن تلمح اهتمامك بالموضة أو الماركات العالمية، أو حتى وضعك لهاشتاغات الماركات على منشوراتك، فتراسلك عن طريق الرسائل الخاصة، أو تتابع حسابك وتمنحك بعض «اللايكات»، فتدخل بدورك إلى حسابهم، وتختار ما يروقك من بضاعتهم، وتطلبه غالباً عن طريق الواتساب، فيصلك مع مندوب إلى بيتك وتدفع له سعر ما اقتنيته مع رسوم التوصيل، من دون أي عناء أو مخاطرة، وتحصل بكل سهولة على بضاعة ممنوع تداولها عالمياً.

رائد أعمال: يفضلونها عالمية «مضروبة» أكثر من محلية «أصلية»



تشكل تجارة البضائع المقلّدة خطراً اقتصادياً ومنافسة غير متوازنة، لا يقتصر ضررها على أصحاب الدور العالمية الشهيرة فقط، بل يتأثر بها حتى رواد الأعمال، وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من الشباب الذين يرغبون بخوض تجربة التجارة والتصنيع، فيصدمون بجدار «التقليد» الذي يحبطهم، ويؤثر بشكل مباشر على مشاريعهم.

وفي هذا السياق، كان لـ«الرؤية» لقاء مع رائد الأعمال الشاب الإماراتي خالد العبدالله، صاحب ماركة «كالد» التي اشتهرت بتصنيع التيشرتات والقبعات، ولاقت رواجاً كبيراً داخل وخارج الدولة، كونها تتميز بكتابة الكلمات العربية على مختلف القطع

وقال خالد: «إن البضائع المقلّدة آفة تهدد الشركات الناشئة أكثر من غيرها، ونحن كشباب إماراتي عندما نبدأ في مشاريع محلية، تُعنى بصناعة المنسوجات، لا نستطيع تحقيق النجاح الكبير، لأن منافسنا الأول ماركة عالمية مقلدة».

وعن تجربته الشخصية أكد خالد، أن مشروعه في عالم المنسوجات، لاقى نجاحاً كبيراً خارج الدّولة، لأن المستهلك الأجنبي انبهر بفكرة الأحرف العربية المطبوعة، كما أنه لم يهتم كثيرا لكون الماركة معروفة بقدر اهتمامه بتفاصيلها الجمالية، بينما واجه صعوبة داخل الدولة، كون المستهلك يفضل أن يضيف على سعر «كالد» بعض الدراهم، ويقتني تيشرت مقلد لماركة عالمية.

وأكد خالد أن مشروعه أو حتى مشاريع زملائه في هذا المجال قد تعتمد على خامات جيدة جداً وذات جودة عالية، تطابق خامات الماركات العالمية، مع الحرص على أدق التفاصيل الذي تمنح للمستهلك منتجاً مميزاً، لكنهم لا يحصلون على الفرصة لتحقيق النجاح، لأنهم لا يملكون اسم عالمي مشهور.

وأكد أن المقلد قد يدفع شباب الأعمال لعدم خوض التجربة، وعدم المجازفة بأي مشروع، ما يؤدي إلى عدم ظهور أي ماركة عربية مهمة، مشيراً إلى أن الماركات العالمية الحالية ستبقى محتكرة السوق، ببضائعها الأصلية والمزيفة.

وأضاف: «نعلم جيداً أن المؤسسات الحكومية تعمل جاهدة للقضاء على تلك التجارة غير المشروعة، لكني أظن أننا بحاجة إلى وعي مجتمعي، وإلى المزيد من الثقة بالنفس، والابتعاد عن السعي للفت الأنظار.. فالإنسان لا يقيم بسعر ساعته».

«ماركة - مانيا».. هوس يرقى للمرض



الهوس بالماركات العالمية وخاصة المقلدة منها، يضع أصحابها تحت وطأة الضغط النفسي ويعكس عدم ثقتهم بأنفسهم، وخللاً في شخصياتهم سواء نفسياً أو حياتياً، خاصة أنها تستنزف قدراتهم المادية، فبدلاً من التركيز على أهداف قيمة لتحقيقها تجدهم يختصرون حياتهم ونجاحهم في مجرد التباهي بالماركات المختلفة المستنسخة من تلك العالمية.

وأكد أخصائي طب المجتمع والصحة العامة المتحدث الرسمي باسم جمعية الإمارات للصحة العامة الدكتور سيف درويش لـ«الرؤية» أنه إذا وصل الإنسان لمرحلة الاقتراض ليعيش حياة اجتماعية لا ينتمي لها، ويقتني ماركات عالمية مقلدة أو أصلية فهذا دليل على أن لديه مشكلة كبيرة في شخصه، وهي انعدام وجود هدف في حياته كما أنه لا يملك الثقة بنفسه. ومن يعتقد أن الماركات والأمور المادية هي قيمته في الحياة فهذا إنسان مريض ويعاني الفشل».

وعن دور السوشيال ميديا في التسويق للمنتجات واستعراض مشاهيرها للماركات التي يملكونها، والتي تدفع متابعيهم إلى تقليدهم، أكد أن السوشيال ميديا وسيلة لا يمكن لومها بسبب وجود هذه الظاهرة، فالمشكلة في الظاهرة وليس الوسيلة.

عساف: ابحثوا عن المشاهير ومجانين الماركات



يتساءل الكثيرون عن كيفية التفرقة بين البضائع الأصلية والمقلدة، وخاصّة عندما يرون مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى بعض الفنانات يحملن قطعاً بأسعار خيالية، تُدخل البعض في دوامة أسئلة متكررة، من أين لهن هذا؟ أو هل يرتدين قطعاً أصلية أم مزيفة؟ وهل فعلاً أغلب المشاهير يعتمدون على بضائع «الماستر كوبي» و«الكوبي نمبر 1»؟

خبيرة المظهر ميسا عساف، أجابت «الرؤية» عن تلك التساؤلات: «في الحقيقة قد يصعب التفريق عن بعد بين القطع الأصلية والمزيفة، خاصة فيما يخص الأحذية والحقائب، إلا إذا لمستها وكنت على دراية تامة بملمس القطعة الأصلية».

وأضافت أن التقليد درجات، وغالباً الدرجة الأولى الأكثر دقة وتطابقاً، وهي المفضلة لدى مجانين اقتناء الماركات، وفي حال مشاهدة صورة لأحد المشاهير مثلاً، يحمل حقيبة أو يلبس حذاء ماركة عالمية، قد لا تنجح كلياً في معرفة إذا كان أصلياً أو مزيفاً.

وأضافت: «يجب معاينة القطعة من الداخل، وأماكن الخياطة، وطباعة اسم الماركة، والمكان الذي تعلق منه الحقيبة، إضافة إلى درجة لمعان السلاسل والطباعة، فقد يكون هناك اختلاف بين الأصلي والمقلد».

وأكدت أن أغلب القطع التقليد وخاصة الدرجة الأولى، تكون مطابقة للأصلية بشكل كبير جداً، والاختلاف الوحيد قد يكون نوعية الجلد الذي صنعت منه القطعة، وهذا الفرق لن يقدر على معرفته إلا الشخص المختص في ذلك.

وتابعت خبيرة المظهر: «هناك أشخاص كثيرون لا يهمهم إلا إطلالتهم أمام الآخرين، أو شكل مقتنياتهم ومدى جمالها وأناقتها، ولا يعنيهم ما إذا كانت ملابسهم أو حقائبهم أصلية، طالما نجحوا في لفت النظر».

وأردفت: «البضائع المقلدة، خاصة الدرجة الأولى، تعرض للبيع بأسعار عالية، وقد تصل لـ5000 دولار أحياناً، ولكنها تبقى أقل من الأصلية التي تصل لـ50 و60 ألف دولار وأكثر، ولا أستبعد أن يعتمدها الكثيرون، حتى وإن كانوا من المشاهير، فهي بضائع معروضة في السوق وتلبي الرغبة وتبدو في مظهرها أنيقة ومطابقة للأصلية».