الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

منتجو فطر باريسيون يحافظون على الطريقة التقليدية في زراعته.. تحت الأرض

منتجو فطر باريسيون يحافظون على الطريقة التقليدية في زراعته.. تحت الأرض

في أعماق الأرض، يكافح مزارعو الفطر في باريس للحفاظ على التقاليد، فقبل قرنين، أحدثوا ثورة في إنتاج الفطر بالانتقال إلى دهاليز مقالع الحجارة الكلسية تحت باريس، ولكن اليوم لا يزال عدد قليل منهم يزرع بهذه الطريقة التقليدية المعرّضة للزوال.

أما المفارقة في الموضوع فتتمثّل بارتفاع الطلب أكثر من أي وقت مضى على الفطر الأبيض المزروع بالطريقة التقليدية والأنواع البنّية الأخرى التي تُعتبر ألذ مذاقاً.





ويقول شوا- موا فانغ، وهو صاحب مزرعة الفطر «ليزالويت دو كاريير سور سين» غير البعيدة من حي الأعمال الكثيف الحركة لا ديفانس في غرب العاصمة "المسألة ليست بالعثور على زبائن، إذ أبيع كل الفطر الذي أنتجه".

ويدير فانغ أكبر محجر لزراعة الفطر تحت الأرض في المنطقة الباريسية، يتألف من أنفاق طولها هكتار ونصف هكتار محفورة في تلّة تطلّ على نهر السين.

ورغم إقرار فانغ نفسه بأنّ فطره «باهظ الثمن» إذ يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه بالجملة 3.20 يورو، يُقبل زبائن كثر على منتجاته، من طهاة حاصلين على نجمة ميشلان، إلى سلاسل متاجر سوبرماركت وأسواق محلية.

وفي هذا المكان تمتلئ الصناديق بمئات الكيلوغرامات من الفطر التي تنتظر إرسالها إلى سلة المهملات. أما السبب في ذلك، فيعود إلى النقص في اليد العاملة المسؤولة عن قطف الفطر.



وكان يعمل 5 من أصل 11 عاملاً يوم الأحد، إذ غاب الآخرون لدواعٍ صحّية، وكان فانغ يشك في عودتهم جميعهم إلى العمل.

ويقول «هذه الأيام، يرفض الأشخاص العمل طوال اليوم في الظلام كما لو أنهم مصاصو الدماء»، متوقعاً أن يصل إنتاج ذلك اليوم إلى طن ونصف طن بدلاً من طنين ونصف طن أو 3 أطنان كان ينتجها عادةً.

ويمثل فانغ واحداً من 5 منتجين لا يزالون يزرعون بطريقة تقليدية ما يسمّيه الفرنسيون «فطر باريس»، في حين كان عدد هؤلاء المزارعين 250 في أواخر القرن التاسع عشر، قبل أن يلجؤوا إلى زراعة نوع من الفطر «الملكي» أكسبه الملك لويس الرابع عشر شهرة واسعة عبر زرعه في فرساي.



واكتشف المزارعون أنّ فطر "غاريقون ثنائي البوغ"(Agaricus bisporus) ينمو على مدار العام إذا وُضع على طبقة أساسها من مادة السماد في أعماق الأرض، حيث يمكن التحكّم بدرجات الحرارة والرطوبة وحيث يساهم الظلام في نموّها.

واتضح كذلك أنّ الجوّ الترابي للكهوف، والذي عُزّز بتغطية السماد العضوي بالأحجار الكلسية المطحونة، يضفي على الفطر نكهة مشابهة للبندق وطعماً بالكاد معدنياً، ويحميها من التشبّع الزائد بالمياه.

وكانت أنفاق سراديب الموتى في باريس التي تحوّلت إلى منطقة سياحية، مغطاة هي الأخرى بالفطر في مرحلة زمنية معيّنة.